ليلة اعتراف وعرفان رمضانية بمشرع بلقصيري
بقلم: عبدالهادي بريويك
ليلة 28 مارس 2025، كانت مدينة مشرع بلقصيري على موعدٍ مع التاريخ. كانت ليلة استثنائية، ليلة تناثرت فيها النجوم على أرضٍ مناضلة، حيث اجتمع رجال السياسة والنقابة، الذين سطروا بأحرف من ذهب ملاحم العزّ والكرامة في دفاعهم عن قضايا الوطن والجماهير الشعبية. تلك الليلة كانت موعدًا للتلاقح بين الأجيال، وللتقاء الأحبة في أجواء من الفخر والاعتراف بعطاءات الذين سطروا تاريخ المدينة بدمائهم وأرواحهم.
وفي هذا السياق، نظمت جمعية النجم الأحمر للثقافة والرياضة والتنمية الاجتماعية بمشرع بلقصيري احتفالية ضخمة، لم تقتصر على التكريم بل كانت تذكارًا حيًا لما قدمه رموز السياسية والنقابية في سبيل الدفاع عن العدالة الاجتماعية والديمقراطية. كان الحضور يشمل فعاليات سياسية وحقوقية وجمعوية، حيث أُلقيت شهادات تأثر القلوب وتثري العقول عن هؤلاء الأبطال الذين ضحوا بالغالي والنفيس من أجل الوطن.
وكان من أبرز لحظات تلك الأمسية التاريخية، كلمة الرفيقة نادية تهامي، عضوة المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، المكلفة بتتبع جهة الرباط سلا القنيطرة، والتي ألقتها باسم الأمانة العامة للحزب. تلك الكلمة كانت بمثابة شعاعٍ من النور أضاء الطريق، وهي شهادة في حق الرفيق بنعيسى بريويك، ذلك المناضل الكبير الذي قدم الكثير لنضال حزب التقدم والاشتراكية في منطقة الغرب.
“أيها الرفيق العزيز، قالت الرفيقة نادية تهامي، إن تكريمك اليوم الرفيق بريويك بنعيسى، ليس مجرد تكريم لشخصك، بل تكريم لتاريخ حافل بالنضال، لتجسيد القيم التي لم تتغير، رغم كل الظروف القاسية. فأنت لم تكن يومًا في الصفوف الخلفية، بل كنت دائمًا في قلب المعركة، تقاوم بالعمل والفكر والعطاء.”
فمنذ انخراطه في الحزب في عام 1975، مرورًا بمشاركته في المسيرة الخضراء عام 1975، وصولًا إلى دوره البارز في المؤتمرات الوطنية، ظل الرفيق بنعيسى بريويك شعلةَ نضال، لا تهدأ ولا تنطفئ. لقد كان ومازال جزءًا من كل تحول، ومن كل انتصار سياسي، يدافع عن الفلاحين، العمال، وكل المظلومين في المنطقة.
لكن لم يكن هذا التكريم مخصصًا للرفيق بنعيسى وحده، بل شمل أيضًا شخصيات أخرى شكلت جزءَ من معركة الحرية والعدالة الاجتماعية في المدينة. بين هؤلاء، كان سي الجيلالي الجوداني، أحد مؤسسي النهضة النقابية في المدينة، وسي عبد الله العروسي، المناضل وقيدوم الاتحاد الاشتراكي، وسيمحمد الزياري ، قيدوم المنتخبين بجماعة مشرع بلقصيري، وقد حملوا راية الحق في زمنٍ كان فيه الحق أغلى من الحياة.
وفي هذا الحفل الرائع، حملت الكلمة العائلية التي ألقيتها لحظة مليئة بالعواطف، كانت هي الأخرى بمثابة اعتراف وتقدير للوالد الذي قدم حياته في خدمة الوطن. وقد تحدثت عن الرجل الذي علمني كيف يكون النضال تضحية، وكيف تكون القيم مبادئ لا تموت، وكيف أن الوطن أكبر من أي منصب أو مكسب. تلك الكلمات التي خرجت من القلب ، كانت بمثابة تعبير عن وفاء لا يمكن أن يقدّره الزمن.
ثم جاء التتويج الرمزي في تلك الليلة الرمضانية، حيث تم توزيع أذرع التكريم والهدايا الرمزية التي حملت معاني الألفة والحب في أجواء غمرتها الروح الرمضانية.
كانت ليلة تحتفل بالنضال، بالوفاء، وبالعدالة.
هذه الليلة لن تُنسى، ولن تنسى الأجيال القادمة ما قدمه هؤلاء الرجال .
إنها شهادة على أن النضال مستمر، وأن العطاء لا نهاية له، وأن الأوفياء لا يموتون، بل يظل حضورهم حيًا في ذاكرة الوطن والأجيال.
وهكذا، كانت ليلة الاعتراف والعرفان، ليلة تاريخية تشهد على رجال من هذا الوطن الذين يضحون لأجل العزة والكرامة، ولأجل مستقبل مشرق يتسع للجميع.