هل يتجه ديمستورا نحو تقديم الاستقالة؟
هل يتجه ديماستورا نحو تقديم الاستقالة؟
نوفل البعمري
بعد الإحاطة التي تقدم بها ستافان دي ميستورا لمجلس الأمن وفشله في فرض رؤيته التي اتجهت نحو توسيع دائرة المشاورات لتشمل دولاً غير معنية بمسار الحل السياسي، وفشل الجزائر باعتبارها عضوا غير دائم، في جر المجلس نحو نقاش يعيد الوضع لما قبل سنة 2007، باتت تقارير إعلامية متعددة تتحدث عن توجه ستافان دي ميستورا نحو تقديم استقالته بسبب عدم قدرته على حلحلة الملف وفقاً لقرارات مجلس الأمن الصادرة منذ سنة 2018 إلى آخر قرار صادر في أكتوبر الماضي عدد 2703، وهي التقارير التي تهدف إلى جس نبض المغرب والجزائر في كيفية تعاطيهما مع الفشل الذي بات يعيشه دي ميستورا في مهمته الأممية، وهو فشل بات واقعاً سياسياً لا يمكن تغطيته بالغربال، كما لا يمكن قراءة الوضع الحالي المرتبط بملف الصحراء أممياً دون استحضار هذا العجز الذي يعيشه دي ميستورا، المتمثل في عدم قدرته على دفع العملية السياسية نحو الأمام وإطلاق مسار جديد وفقاً لمُخرجات مشاورات جنيف الأولى والثانية.
ستافان دي ميستورا، سواء كانت هذه التقارير الإعلامية صادرة عن جهات مقربة منه تتجه نحو جس نبض الأطراف الأساسية للملف، أو كانت فعلا مبنية على معلومات دقيقة، بات عاجزاً عن فرض أجندة الأمم المتحدة على الدولة الجزائرية التي أقرت غير ما مرة رفضها للمسار الحالي وفقاً لقرارات مجلس الأمن لعلمها أنه مسار سيؤدي إلى طي الملف على أرضية المبادرة المغربية التي باتت معاييرها السياسية تحظى بإجماع ودعم دوليين، هذا العجز السياسي أصبح يكرس واقع الجمود الذي تستفيد منه الجزائر ويتسبب بالمقابل في أضرار كبيرة داخل مخيمات تندوف تصل إلى حد وصف الوضع داخلها بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، التي باتت معه حياة ساكنة المخيمات ومحتجزيها مهددة، أضف لها ما يتعرض له الأطفال من تجنيد قسري والنساء من انتهاكات واعتداءات جنسية خطيرة، والشباب من تقتيل ممنهج لكل من يطمح إلى الفرار من جحيم المخيمات أو التنقيب في الصحراء عن الذهب…
هذا الوضع العام يتحمل ستافان دي ميستورا جزءاً من المسؤولية عنه، إن لم يكن الجزء الأكبر، باعتباره المُكلف من طرف الأمين العام للأمم المتحدة بتنفيذ قرارات مجلس الأمن منها إعادة إطلاق العملية السياسية وفق أجندة مجلس الأمن الواضحة التي لا تقبل أي تأويل منه ولا توسيع قراءتها تحت أي مسمى، وإلا سيُعد الأمر خروجا عن نص قرارات مجلس الأمن.
ستافان دي ميستورا، إذا ما رغب في الاستمرار، فعليه أن يتحلى بالشجاعة اللازمة للإعلان عن الواقع الحالي، واقع الجمود، وعن الطرف الحقيقي الذي تسبب في الوصول إليه والأفق الذي دفع إليه الملف، وهو أفق بات مسدوداً، في ظل عجز المبعوث الأممي عن فرض تعاون النظام الجزائري معه تنفيذاً لقرار مجلس الأمن الأخير، ولتوصيات الجمعية العامة للأمم المتحدة، هذا العجز، للأسف، يتحمل هو مسؤوليته سواء من خلال التحركات الأخيرة التي قام بها وكانت موضوع ملاحظة مغربية، أو من خلال اللاءات التي رفعها المغرب في وجهه بعد استشعار المملكة المغربية بأنه يريد الانحراف بالمسار إلى غير منطلقاته الأممية، مع ما أبداه بالمقابل من مرونة غير طبيعية تجاه الدولة الجزائرية ومن ورائها تنظيم البوليساريو، الذي أقر رئيس بعثة المينورسو نفسه بأنها تعرقل مهمة المينورسو وتعيق تحرك عناصرها شرق الجدار العازل.
سواء تقدم ستافان باستقالته أم لا، فعليه ألا ينسى أنه حظي بدعم صادق من طرف المغرب الذي تعاون معه لتيسير مهمته وضمان نجاحها وتقديم كل الدعم السياسي له، وهو دعم كان ينطلق من روح إيجابية تعاطى بها المغرب معه، وبرؤية واضحة تهدف إلى الوصول لطي الملف وفقا لقرارات مجلس الأمن وميثاق الأمم المتحدة.
في الختام، يمكن القول إن الرؤية بالنسبة للمغرب واضحة خارجياً من خلال حشده للدعم الدولي لمغربية الصحراء، أممياً من خلال استمرار مجلس الأمن تبنيه لمبادرة الحكم الذاتي، داخلياً من خلال الجبهة القوية التي يقودها الملك، وهي كلها عناصر لم تعد تقف أمام جزئية هذه التقارير الإعلامية بغض النظر عن مصداقيتها، وهي رؤية استراتيجية غير مرتبطة بهذا المبعوث أو ذاك!!