ذ، بلعربي: إرضاء لسيادة الرئيس ، مجلس هيئة مكناس يصدر حكم الإعدام المهني لزميل تجرأ على إبداء الرأي المخالف.
ذ/ رشيد أيت بلعربي:
إرضاء لسيادة الرئيس ، مجلس هيئة مكناس يصدر حكم الإعدام المهني لزميل تجرأ على إبداء الرأي المخالف.
يوم 16 مارس 2023، يوم آخر ينضاف للأيام السوداء التي تعيشها مهنة المحاماة في السنوات الأخيرة مع جيل من المجالس استهوتها لغة القمع و إخراص الأصوات الحرة التي لازالت تحفل به مهنة النبل و النبلاء ، مهنة كانت و لا زالت و ستظل مهنة الأحرار و ليست مهنة العبيد، مهنة الدفاع عن حرية الرأي و التعبير و تدبير الاختلاف بالوسائل الديمقراطية.
لكن في زمننا هذا تحولت قاعات مجالس بعض الهيئات إلى سراديب لإعدام الأصوات التي تعبر عن اختلافها مع المخزن المهني الجديد.
فلأول مرة في تاريخ المحاماة في المغرب هيئتان مختلفتان تصدران مقررين بالتشطيب على محاميين عبرا عن رأيهما فقط.
فما الذي فعله الأستاذ عبد الواحد بنسرية بهيئة وجدة، و ما الذي فعله الأستاذ خالد عدلي بهيئة مكناس غير أنهما اختارا انتقاد مؤسساتهم المنتخبة في تدبير الشأن المهني بكل جرأة و بكل مسؤولية؟ إذ لم نسمع أحدهم نعت نقيبا أو عضو مجلس بأوصاف مشينة أو نعوت قبيحة. بل إن كل مواقفهما انصبت حول قرارات مؤسساتهم المهنية و تقييمهما لها بصفتهما أعضاء الجمعية العمومية.
إن ما وصل من أصداء عن ظروف محاكمة الأستاذ خالد عدلي من طرف مجلس هيئة مكناس و لو أنها كانت متوقعة، لن تنحصر آثاره في ملف الزميل عدلي فقط بل إنها ستبصم تاريخ هيئة مكناس بأكملها.
هيئة كانت إلى حدود ما قبل انطلاق هاته المحاكمة ، هيئة مسالمة عزيزة على قلب كل الهيئات.
لكن بعد اليوم و بفعل هذا القرار الفاشي و العنصري الذي انتصر لنزوعات القمع و التسلط و تصفية الأصوات المعارضة عوض الانتصار للغة الحكمة و العقل و التسامح و احترام الرأي المخالف، فإن أكثر ما نخشاه هو أن تفقد هيئة مكناس بوصلتها و هويتها التي ألفناها، إرضاء لنزوات رئيس الجمعية النقيب عبد الواحد الأنصاري الذي يريد تطويع المحاماة و المحامين وطنيا خدمة للتحالف الحكومي الذي يشارك فيه حزبه ،كما يريد بسط السيطرة الكاملة على هيئة مكناس من خلال التحكم في زر أنفاس الزملاء و الزميلات هناك.
سيشهد التاريخ أنه إذا كان الأستاذ خالد عدلي إلى جانب زميلات و زملاء من مختلف الهيئات عكروا مزاج الرئيس في مؤتمر الداخلة الذي يعتبر أفشل مؤتمر في تاريخ الجمعية المجيد ، فإن السبب الحقيقي يعود لما اقترفت يد الرئيس نفسه في حق المهنة في الفترة التي تولى فيها رئاسة الجمعية و ذلك بفعل مواقفه المتخاذلة في حق المهنة سواء في تدبير أزمة جواز التلقيح لولوج المحاكم نهاية سنة 2021 أو في تدبير أزمة قانون المالية لسنة 2023.
إن مقرر التشطيب على محامين دافعوا عن حقهم في التعبير عن مواقفهم مما يروج في الساحة المهنية منتقدين مؤسساتهم المهنية المحلية و الوطنية سيشكل لا محالة إساءة بليغة لمهنة المحاماة و لهيئة مكناس و وجدة العزيزتين، و سيجعلنا في حاجة لمراجعة مواقفنا مما يدور حول ضرورة إسناد سلطة التأديب خلال المرحلة الاستئنافية للمجلس الوطني للهيئات المرتقب.
فلنقل بصراحة أنه و مهما بلغت قسوة القضاة لن تصل حد النطق بعقوبة التشطيب على محام من جدول الهيئة لمجرد التعبير عن الرأي.
الأستاذ رشيد أيت بلعربي عضو مجلس هيئة المحامين بالقنيطرة.