هشام جيراندو.. كاميكاز فايسبوكي يتوهم البطولة الافتراضية في قضية بوعشرين
انسلَّ مؤخرا صوت شارد للمسمى هشام جيراندو، محاولا إحياء قضية توفيق بوعشرين من باب “الترويج لنظرية المؤامرة الدولية وتحميلها واقعة اعتقال وإدانة الناشر السابق لجريدة أخبار اليوم في قضايا “الاغتصاب والمتاجرة بالبشر والتحرش الجنسي وهتك العرض”.
ولمن يجد اسم هشام جيراندو غريبا أو مغمورا، فالرجل هو كائن افتراضي يسكن الفايسبوك وكندا في وقت واحد، وقد تعرَّف عليه المغاربة مؤخرا من خلال خرجات الشيخ السلفي الفيزازي الذي يتهمه بالتشهير والتجريح ونشر الأخبار الزائفة وبيع الأسمال المستعملة أو “الريكلام” في الشبكات التواصلية.
والملاحظ أن هشام جيراندو، الهارب في كندا من جريمة النصب وخيانة الأمانة، بدا واثقا من نفسه وهو يستعرض ما يُهمس له به في قضية توفيق بوعشرين، حتى تَوَهَّم أنه أصبح خبيرا في القانون، وأنه وَجد أخيرا الحقيقة القطعية في هذه القضية، التي دخلت مرحلة الأرشيف القضائي بعد استنفاذها لجميع مراحل الدعوى وكافة أطوار التقاضي.
و”الحقيقة” التي يتوهم هشام جيراندو أنه اهتدى إليها أخيرا مَفادها “أن اعتقال توفيق بوعشرين كان بسبب مؤامرة دولية تدخلت فيها كل من المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية ومصر والمغرب”!
لكن ما يجهله هشام جيراندو أن نظريته هذه مستهلكة ومَرَّ عليها منذ زمن أمد التقادم، وقد سبقه إليها الكثيرون ممّن يَهيمون ويؤمنون بنظرية المؤامرة! فقد سبق للأمير هشام الموسوم بلون الجهل الأزرق (منطوقا بالعامية)، أن استنتج في نوفمبر 2018 ضمن تغريدة له “وجود دوافع سياسية وطنية وعربية تقف وراء المتابعة القضائية للصحفي توفيق بوعشرين”.
كما سَبق للمحامي عبد المولى المروري أن أرهق موكله توفيق بوعشرين في إحدى جلسات المحاكمة، مما جعل هذا الأخير يطلب من القاضي بوشعيب فارح رفع الجلسة بسبب إرهاقه الجسدي، وذلك بعدما أطنب هذا المحامي في ترديد نظرية المؤامرة وربط اعتقال بوعشرين بقضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي!!.
ولم يكتف محيط بوعشرين ودفاعه بالترويج محليا لنظرية المؤامرة الدولية، بل استعانوا بخدمات المحامي روني ديكسون، وهو عرّاب الدفاع عن دولة قطر، ليُرَوِّج بدوره لمزاعم المؤامرة العربية والدولية كسبب محتمل للاعتقال والإدانة في قضية توفيق بوعشرين.
فقد راسل هذا المحامي البريطاني في ماي 2019 المقررة الأممية في قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، أغنيس كالامارد، ليدعوها للتحقيق في الاتصالات المفترضة التي ربما أرسلها الصحافي السعودي لتوفيق بوعشرين بدعوى تحذيره من ضربة انتقامية محتملة.
فحتى مُرَوِّجو هذه المزاعم والاستيهامات كانوا يعلمون يقينا بأنها مجرد “مطبات هوائية وفقاعات صوتية بلا أثر يُذكر”، ومع ذلك كانوا يُرددونها أملا في خلق اللُّبس والتأثير على القضاء وتَسويد صورة المغرب.
لكن أصحاب هذه النظرية انصرفوا من حول توفيق بوعشرين بعد قضاء مآربهم، ولم يبق منهم سوى الملتحق الجديد هشام جيراندو الذي يلعب حاليا ورقة “الكاميكاز الفايسبوكي” أو بتعبير آخر “كاري حنكو”.
وإمعانا في التوضيح، فمن كانوا يُرَوِّجون لنظرية المؤامرة كانوا فقط يكذبون على الموتى، لأنهم لم يَربطوا بين اعتقال توفيق بوعشرين ووفاة جمال خاشقجي إلا بعد وفاة هذا الأخير في أكتوبر 2018! فهم كانوا يَعلمون جيدا بأن الموتى لا يُمكنهم تكذيب ما يروجه عنهم الأحياء في قضية توفيق بوعشرين.
لذلك، فقد استغلوا السياق الزمني وقتها وروجوا لنظرية المؤامرة العربية في ظل غياب الطرف الأصلي الذي كان وقتها بين يدي الله.
أكثر من ذلك، فإن خيال محيط بوعشرين كان قد ذَهب بعيدا في الترويج لنظرية المؤامرة.
ففي يوليوز 2018 ادعى سليمان الريسوني الذي كان يَشغل وقتها رئيس تحرير أخبار اليوم “أن اعتقال كوثر فال ضحية توفيق بوعشرين في بلجيكا هو دليل وأول خيط في نظرية المؤامرة المزعومة! فقد اتهموا هذه الضحية ب”الجوسسة للمغرب” في بلجيكا كمدخل لتثبيت نظرية المؤامرة المفضوحة.
لكن تعاقب الأيام كشف بأن كل هذه النظريات والمزاعم كانت مجرد خطة مُمنهجة للدفاع خارج المحكمة.
خطة غايتها الأساسية هي صرف انتباه الرأي العام عن حقيقة التهم والاعتداءات الجنسية المنسوبة لتوفيق بوعشرين.
ومن باب التذكير في الختام، لعل الذكرى تنفع المؤمنين، فتوفيق بوعشرين كان ضحية شهوته الجامحة ونرجسيته الجنسية، وضحية تربية الكبت داخل التنظيمات الدينية في الجامعات، أما جامعة الدولة العربية والدول الأعضاء فيها فلم تكن هي المسؤولة عن فتح سلسلة سرواله، ولا هي المتهمة بانتصاب قلمه، ولا هي التي كانت تنقض على ضحاياه فوق أريكة العار.. في الطابق السابع عشر من عمارة الأحباس بالدار البيضاء حيث كان مسرح هذه الجرائم الجنسية البشعة.