swiss replica watches
الإستهتار بمستقبل الأجيال! – سياسي

الإستهتار بمستقبل الأجيال!

Moroccan public school teachers take part in a demonstration in the capital Rabat on February 20, 2019. - Moroccan security forces fired water cannon at public school teachers demonstrating in Rabat and wielded batons to block their route to the royal palace, injuring dozens, AFP correspondents said. The demonstrators gathered in central Rabat holding up banners that read "no to fixed-term contracts" and "no to the dismantling of public schools", before some protesters decided to march on the royal palace. (Photo by - / AFP) (Photo credit should read -/AFP/Getty Images)

الاستهتار بمستقبل الأجيال

 

بعد حوالي ثلاثة أشهر من الاحتقان الشديد في الساحة التعليمية، إثر مصادقة الحكومة يوم الأربعاء 27 شتنبر 2023 على المرسوم 2.23.819 المتعلق بالنظام الأساسي الجديد لموظفي قطاع التربية الوطنية، وما ترتب عنه من إضرابات، انطلقت شرارتها الأولى من العاصمة الرباط في 5 أكتوبر 2023، وشلت مؤسسات التعليم العمومي بكافة جهات المملكة، مما أدى إلى هدر الزمن المدرسي لأزيد من سبعة ملايين تلميذة وتلميذ، جاءت الأخبار صباح يوم الإثنين 25 دجنبر 2023 تبشر بتقدم الحوار بين اللجنة الوزارية الثلاثية والنقابات التعليمية الخمس “الأكثر تمثيلية”، وقرب التوصل إلى اتفاق نهائي حول إعادة النظر في بعض مواد النظام الأساسي، وتسوية عدد من الملفات الفئوية العالقة.
وبالفعل خرج وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى ليؤكد في تصريح إعلامي عقب نهاية الاجتماع المنعقد بمقر رئاسة الحكومة يوم الإثنين 25 دجنبر 2023 بأن طرفي الحوار: اللجنة الوزارية الثلاثية المكلفة بمعالجة الإشكاليات المرتبطة بالنظام الأساسي لموظفي التربية الوطنية، التي تضم بالإضافة إليه، كل من وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، والوزير المنتدب المكلف بالميزانية فوزي لقجع، والنقابات التعليمية الخمس “الأكثر تمثيلية” توصلا خلال اجتماعاتهما الممتدة على مدى حوالي أسبوع، إلى اتفاق بخصوص بعض التعديلات المرتبطة بالجانب التربوي والمالي لموظفي قطاع التربية الوطنية، على أن يتم تضمين هذه المخرجات في الاجتماع المزمع عقده صباح يوم الثلاثاء 26 دجنبر 2023.
فيما سجل ممثلو النقابات التعليمية الخمس الأكثر تمثيلية (الجامعة الوطنية للتعليم UMT والنقابة الوطنية للتعليم CDT والجامعة الحرة للتعليم UGTM والجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي FNE والنقابة الوطنية للتعليم FDT) في تصريحات صحافية مماثلة، بأن الاجتماع ما قبل الأخير كان فرصة للحسم في كل التعديلات المتعلقة بالنظام الأساسي، معبرين عن تفاؤلهم الكبير حيال مخرجات الحوار والتطور الإيجابي الذي طبع المناقشات، ومشيرين إلى أن الاجتماع الحاسم الذي سيتم خلاله التوقيع على الاتفاق النهائي يوم الثلاثاء 26 دجنبر 2023 سيسهم في إعادة الدفء إلى المدرسة العمومية وعودة التلاميذ إلى الأقسام، منوهين بالتجاوب الملموس الذي أبانت عنه اللجنة الوزارية الثلاثية طيلة الاجتماعات…
من هنا يحق لنا التساؤل حول ما إذا كان ضروريا كل هذا العبث الذي أدى إلى حرمان أكثر من سبعة ملايين متعلمة ومتعلم من مئات الحصص الدراسية، وخاصة منهم أولئك الذي سيخضعون لامتحانات إشهادية من قبيل الامتحان الجهوي للسنة الأولى بكالوريا والامتحان الوطني الموحد بالنسبة للسنة الثانية من سلك البكلوريا، للوصول إلى هكذا اتفاق كان يفترض أن يحصل خارج أوقات الدراسة في زمن أقل؟ ثم ما معنى أن تنطلق إضرابات نساء ورجال التعليم في 5 أكتوبر 2023 للتعبير عن رفضهم للنظام الأساسي الجديد الذي جاء دون مستوى تطلعاتهم، ويستمر وزير التربية الوطنية في التمسك بكل مضامينه، بل وتصل به الجرأة إلى إعلان الحرب على الأساتذة المضربين بالاقتطاع من أجورهم، وألا يتدخل رئيس الحكومة إلا في 30 أكتوبر 2023، ثم لا يعاود الظهور إلا إبان التوقيع على اتفاق 10 دجنبر 2023 المتضمن لقرار الزيادة في أجور الشغيلة التعليمية بما قدره 1500 على سنتين، دون أن يكون ذلك كافيا لجعل التنسيقيات التعليمية تسحب برنامجها النضالي التصعيدي؟
فبعد سلسلة من جلسات الحوار بين النقابات المعنية واللجنة الوزارية الثلاثية، تم التوقيع يوم الثلاثاء 26 دجنبر 2023 على اتفاق نهائي حول تعديل عدد من مقتضيات النظام الأساسي الجديد، وتقرر إصدار مرسوم يتم بموجبه نسخ المرسوم السابق، فضلا عن معالجة ملفات فئوية ذات أثر مالي، وهناك توجه نحو مراجعة الاقتطاعات التي همت عددا من المضربين.

وهو الاتفاق الذي يرى مجموعة من المراقبين والمهتمين بالشأن التربوي أنه حقق عدة مكتسبات لفائدة الشغيلة التعليمية، وتراهن الحكومة عليه لوقف نزيف الإضرابات، بيد أنه لن يكون للأسف الشديد قادرا على تدارك الزمن المدرسي الضائع في معركة كسر العظام بين الحكومة والنقابات والتنسيقيات بالأساس، ولا على تجاوز التداعيات النفسية لعشرات الآلاف من التلاميذ التي خلفها الانقطاع القسري عن الدراسة لأزيد من شهرين، على عكس تلاميذ مؤسسات التعليم الخصوصي، الذين واصلوا دراستهم بشكل طبيعي.
إن أي مواطن مغربي حر وغيور على وطنه ومستقبل أبناء الشعب من الأجيال الصاعدة، لا يمكن إلا أن يثمن الاتفاق الأخير الذي توصلت إليه الحكومة والنقابات التعليمية المعنية، ويفرح بعودة الروح للحياة المدرسية، لكن هذا لا يمنع من أن يتوجه باللوم لجميع الأطراف التي ساهمت في تعطيل الدراسة لمدة حوالي ثلاثة شهور، وعليها اليوم أن تقوم مجتمعة بعملية إنقاذ كبيرة لما تبقى من الموسم الدراسي، ودعم كافة التلاميذ المتضررين مما لحقهم من أضرار نفسية وتعليمية، وخاصة المسجلين منهم في المستويات الإشهادية…
اسماعيل الحلوتي

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*