هل هي محاولة الحكومة  لإخصاء  دور المعارضة البرلمانية المغربية ؟

فنجان بدون سكر:

هل هي محاولة الحكومة  لإخصاء  دور المعارضة البرلمانية المغربية ؟

فريق حزب التقدم والاشتراكية البرلماني نموذجا؟

بقلم عبدالهادي بريويك

  • لماذا المعارضة البرلمانية الديموقراطية؟

إذا كان دور المعارضة البرلمانية يتجلى وفق النظام الداخلي للبرلمان المغربي في عدة مجالات رئيسية داخل النظام الديموقراطي، ويعتبر ركيزة أساسية لتحقيق التوازن السياسي والرقابة على أداء الحكومة.

وتكتسي أهمية كبرى من حيث ضرورة وجود الرأي والرأي المخالف وما تمتلكه المعارضة المشروعة من وسائل قانونية تمكنها من التعبير عن رأيها ،علاوة على ذلك، فإن المعارضة في هذه النظام تعد جزءا لا يتجزأ من النظام السياسي كله، فالأحزاب السياسية المعارضة يتعين عليه أن تتوجه بسهام النقد للسلطة التنفيذية التي يقودها المتصدر نتائج الاستحقاقات الانتخابية، وما يجب التأكيد عليه، هو أن  يكون هذا النقد متناسبا والظروف والسياقات السياسية وبما لا يؤدي للإخلال بقواعد الشرعية الدستورية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، يتوجب على المعارضة تقديم البدائل للاختلالات التي أماطت عنها الستار مما يدل على توفرها على برنامج قابل للتنفيذ، كما يجب عليها أن تكون قادرة، إن هي نجحت في الوصول إلى السلطة، على تحمل مسؤوليتها في استمرارية المؤسسات الدستورية والمحافظة على استمرارية المرافق العامة دون اضطراب أو توقف أو تعطل.

وبغض النظر عن الأدوار التي تلعبها المعارضة داخل البرلمان مثل مراقبة تنفيذ السياسات العامة والتأكد من عدم تجاوز الحكومة لصلاحياتها. واستجواب الوزراء حول القضايا المهمة وطلب توضيحات بشأن القرارات المتخذة. وتقديم المقترحات البديلة للسياسات الحكومية

إضافة إلى تقديم مشاريع قوانين بديلة أو تعديل مشاريع القوانين الحكومية.

ومناقشة القوانين المطروحة في البرلمان وإبداء الملاحظات عليها لضمان توافقها مع مصلحة الشع.، والدفاع عن قضايا المواطنين وطرح مشاكلهم في البرلمان. مع التصدي لأي تجاوزات قد تقوم بها السلطة التنفيذية ضد حقوق الأفراد والحريات العامة. بهدف تجنب هيمنة الحزب الحاكم على القرار السياسي من خلال تقديم بدائل واقعية، وتشكيل حكومات ظل لمتابعة أداء الوزارات واقتراح التحسينات والتعديلات المطلوبة.

كما أن المعارضة البرلمانية الديموقراطية تلعب دورا مهما في تحفيز النقاش وتوعية المواطنين حول القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعي وتعزيز ثقافة الديمقراطية والمشاركة السياسية.

بالتالي، فإن المعارضة البرلمانية ليست مجرد جهة تعارض الحكومة فقط، بل هي عنصر حيوي في العملية الديموقراطية يساهم في ضمان الشفافية والمساءلة وتحقيق مصالح المواطنين.

 إن استهانة الحكومة بدور المعارضة البرلمانية ورفضها الإجابة على أسئلتها، يساهم في تقويض مبدأ الرقابة البرلمانية ويؤثر سلبًا على الديموقراطية والمساءلة السياسية، مما يؤدي بدون شك إلى إضعاف مبدأ الفصل بين السلطات؛ لاسيما أن السلطة التنفيذية (الحكومة) تخضع لرقابة السلطة التشريعية (البرلمان)، وإذا امتنعت عن التجاوب، فإنها تهمّش هذا الدور الرقابي. وتسعى إلى تقليل الشفافية والمساءلة من خلال عدم الرد على الأسئلة البرلمانية، مما يعني غياب الوضوح حول القرارات والسياسات الحكومية، و يفتح الباب للفساد وسوء الإدارة.

  • الفريق البرلماني لحزب التقدم والاشتراكية فيض من الأسئلة وشح في أجوبة الحكومة عليها؟

وفي هذا الإطار فإن حصيلة عمل فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب بمناسبة اختتام الدورة الأولى من السنة التشريعية 2025-2024، أكدت لنا بالملموس وبلغة الأرقام عدم اكتراث الحكومة بعدد من الأسئلة الشفهية والكتابية التي تقدم بها الفريق النيابي دون الحصول على أجوبة لها، في إطار مهامه الرقابية عن طريق آلية مساءلة الحكومة، حيث وَجَّهَ الفريقُ النيابي لحزب التقدم والاشتراكية، خلال دورة أكتوبر البرلمانية 210 سؤالاً كتابيا، لكن يظل 180 سؤالاً منها من دون جوابٍ من الحكومة إلى حدِّ الآن. كما تقدم الفريقُ خلال نفس الفترة ب 127 سؤالاً شفويا يظل 96 منها دون جواب.

هكذا، وصل العددُ التراكمي للأسئلة الكتابية للفريق، منذ بداية هذه الولاية التشريعية، إلى 1990 سؤالاً كتابيا يظل منها 546 بدون جواب من الحكومة. كما وَصَلَ العدد التراكمي للأسئلة الشفوية للفريق إلى 848 سؤالاً شفويا، يبقى منها 633 دون جوابٍ من الحكومة.

أما من حيث التوزيع القطاعي لمساءلات الفريق، فقد تصدرت مبادراته، عدديا، قطاعاتُ: التربية الوطنية، والداخلية، والفلاحة، والصحة، والتجهيز والماء، والنقل، والتشغيل، والسكنى، والاقتصاد والمالية، والتعليم العالي، والانتقال الطاقي، وذلك تفاعلاً من الفريق مع نبض المجتمع وانتظارات المواطنات والمواطنين، لكن دون أن يُغفل الفريقُ عن توجيه مساءلاتٍ عديدة إلى السيد رئيس الحكومة، ولا عن مساءلة باقي القطاعات، كالعدل والأوقاف والشباب والثقافة والإدارة وغيرها.

إن هذا التجاهل الحكومي للأدوار الدستورية لأحزاب المعارضة البرلمانية، ودور حزب التقدم والاشتراكية داخل مجلس النواب على نحو الخصوص،  هو في حد ذاته إضعاف لثقة المواطنين في المؤسسات؛ وذلك عندما يرى المواطنون أن الحكومة لا تحترم دور البرلمان، فقد يفقدون الثقة في العملية الديموقراطية برمتها. ويساهم في تعزيز الاستبداد السياسي.

وأن تجاهل المعارضة قد يكون مؤشرًا على ميل الحكومة إلى التفرد بالسلطة وقمع الأصوات الناقدة، وهو أمر خطير على أي نظام ديموقراطي، ويؤجج تصعيد التوتر السياسي ببلادنا.

وإذا استمر هذا السلوك، فقد يصبح البرلمان مجرد ديكور سياسي، مما يهدد جوهر الديموقراطية التمثيلية برمتها.

 

 

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*