نقول للحكومة : لا تتركينا حتى ليلة الانتخابات للحديث عن المنظومة الانتخابية

نقول للحكومة : لا تتركينا حتى ليلة الانتخابات للحديث عن المنظومة الانتخابية

   عبد السلام المساوي

   تهدف مراجعة المنظومة الانتخابية إلى تكريس تمثيلية سياسية حقيقية وإفراز نخب كفأة ونزيهة .

ولذلك ، نؤكد انسجاما مع مذكرات حزب الاتحاد الاشتراكي في هذا الشأن ، على ضرورة تجاوز الأزمة المزمنة للمنظومة التمثيلية والسلبيات المتراكمة ، وخاصة ضعف أداء المؤسسات المنتخبة واستفحال الفساد الانتخابي باستعمال المال أو الإحسان واستغلال النفوذ ، وذلك من خلال ضمان التنافس السياسي المتكافىء والشريف والاقتراع النزيه والشفاف .

   إن الاتحاد الاشتراكي يجدد الدعوة مرة أخرى إلى إجراء حوار شامل مع الهيئات السياسية ، أغلبية ومعارضة ، من أجل معالجة اختلالات المنظومة التمثيلية وتعزيز نزاهة العملية الانتخابية ، كما يدعو ” المجلس الوطني لحقوق الإنسان ” و ” الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها ” إلى المساهمة في الإصلاحات الانتخابية المرتقبة وكذا مراقبة نزاهة العمليات الانتخابية والإعلان عن ذلك ، انسجاما مع المهام الموكولة لهما ، دستوريا وقانونيا .

    وبنفس الروح والرؤية ، نقرأ في المذكرة التي رفعها الاتحاد الاشتراكي للجنة النموذج التنموي ” إن التصور الذي نقترحه لإرساء نموذج تنموي جديد ، من موقعنا كحزب تقدمي حداثي ينتصر لمبادئ وقيم الحرية والعدالة والمساواة والتضامن ، يقوم على خمسة مرتكزات أساسية نراها ضرورية لكسب الرهانات الاقتصادية والاجتماعية وإحداث التحولات الحاسمة في أفق 2040 . وتتحدد هذه المرتكزات في : المرتكز المؤسساتي ، والمرتكز الاقتصادي ، والمرتكز الاجتماعي ، والمرتكز المجتمعي ، والمرتكز الثقافي. “

   أولا ، المرتكز المؤسساتي :

    “إن المرتكز المؤسساتي سيمكن من تقوية دور المؤسسات لإسناد النموذج الاقتصادي والاجتماعي الذي تطمح الى تطويره بلادنا في اطار المقتضيات الدستورية ودولة الحق والقانون وحماية الحقوق والحريات .

   وفي هذا الصدد ، لا بد من العمل على تجاوز الأزمة المزمنة للمنظومة التمثيلية ، وخاصة السلبيات التي أفرزها نمط الاقتراع اللائحي لأزيد من 15 سنة مما ساهم في ضعف أداء المؤسسات المنتخبة واستفحال الفساد الانتخابي باستعمال المال أو الإحسان المقيت . الأمر الذي يتطلب اصلاحات قوية من أجل تمثيلية سياسية حقيقية في كل الهيئات المنتخبة ، الوطنية والجهوية والمحلية ، ما دامت بلادنا قد اختارت طريق الديموقراطية في تدبير شؤونها العامة .

ولذلك ، آن الأوان للقيام بمراجعة شاملة للمنظومة الانتخابية بما يسهم في تجديد النخب السياسية وترسيخ تمثيلية القرب إذ نؤكد أن الاقتراع الفردي من شأنه أن يكرس التواصل المستمر والجاد بين المنتخبين والمواطنين . ومن شأن هذه المراجعة أن تفرز تمثيليات ذات مصداقية ونخب كفأة ونزيهة ويمكن من الرفع من نوعية الأداء في مختلف الهيئات المنتخبة بما ينعكس ايجابا على جودة ونجاعة التدبير العمومي …”

   “….ولا نعتقد اطلاقا أن التغيير الضروري للواقع الحالي من أجل بناء نموذج تنموي جديد يمكن أن يتم دون اصلاح المنظومة الانتخابية التي تعتبر بحق المدخل الأساسي لتوفير شروط إنجاح الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعيية.”

   إن المشهد السياسي ، إذا ظل بهذه الرتابة وبهذه الطريقة دون أن نحضر جميعا لمرحلة 2026، فإن الوضع سيعرف انتكاسة كبيرة ، ونحذر من تكرار نفس الأخطاء التي ارتكبت في المرحلة السابقة ؛ من هنا وجب على الحكومة الإسراع في فتح ملف القوانين المتعلقة بالانتخابات واتخاذ الإجراءات والتدابير لتحفيز المواطنين على المشاركة السياسية وعدم العزوف منها ؛ فالمغرب إذا لم يقدم المثال والنموذج للتصدي لمجموعة الكائنات الانتخابية التي تفسد الانتخابات في ربوع الوطن فإنه يتعذر الحديث عن انتخابات نزيهة ؛ حيث ان المفسدين لهم قدرات كبيرة في الإفساد والتلاعب ….

   وإذا كان المغرب يقدم نموذجا واضحا لمحاربة الإرهاب والمخدرات والجريمة فالسؤال المطروح بإلحاح : متى ستظل جريمة إفساد المؤسسات مستمرة ؟! من هنا فالضرورة تفرض على الحكومة جعل الورش المتعلق بالقوانين الانتخابية ورشا إصلاحيا حقيقيا ؛ وهذا مفروض أن يفتح اليوم ؛ فليس مقبولا ولا معقولا ان ننتظر ليلة الانتخابات لتتم الدعوة الى التوافق ….

   إن الاصلاح لا يمكن أن يتوافق مع الفساد و استمرار هذا الوضع لا يستقيم مع المشروع التنموي الجديد الذي تتوخاه البلاد….

    إننا متيقنون أن هذه الإصلاحات لا يمكن أن تترجم في أرض الواقع ، إلا بتمثيلية سياسية حقيقية ، في كل الهيئات المنتخبة ، الوطنية والجهوية والمحلية ، لأن بلادنا اختارت طريق الديموقراطية ، في تدبير شؤونها العامة ، غير أن التجربة بينت ان المغرب محتاج الى مراجعة المنظومة الانتخابية ، برمتها ، من أجل معالجة الاختلالات التي طالما نادى الاتحاد الاشتراكي بتجاوزها في الاستحقاقات الأخيرة ، ونعتبر أنه حان الوقت للتقييم والمراجعة والإصلاح .

   وقد سبق أن قدم الاتحاد الاشتراكي اقتراحات في هذا الصدد ، وسيعمل على تجديدها ، لأنه يسعى إلى تعميق الممارسة الديموقراطية في المغرب ، وإفراز تمثيليات ذات مصداقية ونخب كفأة ونزيهة . وهنا نريد أن نؤكد اننا مقتنعون ان هذه الإصلاحات سترفع من نوعية الأداء في مختلف الهيئات المنتخبة ، الشيء الذي من شأنه أن ينعكس بشكل واضح ، على حسن التدبير والنجاعة في التسيير ، وهي المعضلات التي تعاني منها بلادنا في العديد من المجالات ، ناهيك عن أن الانتخابات ، وما تسفر عنه من مؤسسات ، اصبحت بالنسبة للبعض سوقا للربح والكسب ، المادي والايديولوجي .

   اننا لا نعتقد أن تغيير الواقع الحالي ، من أجل بناء نموذج تنموي جديد ، يمكن أن يتم دون إصلاح نظام الحكامة والمنظومة الانتخابية ، لأن هذا المدخل السياسي ، هو الذي يسمح بانجاح اي إصلاح اقتصادي او اجتماعي .

   وفي نفس هذا السياق ، فإن نجاح ورش الجهوية واللاتمركز الإداري ، رهين ايضا بنظام حكامة جديد وبنخب إدارية ومنتخبة قادرة على القيام بأدوارها .

    وهنا نسجل موقف الاتحاد الاشتراكي الداعي إلى المراجعة الجذرية للمنظومة الانتخابية ، ونهج إصلاحات سياسية حقيقية ، للقطع مع الفساد الانتخابي ، الذي لم يعمل سوى على تشويه صورة مؤسساتنا التمثيلية ، والحكم عليها بالضعف والوهن والشلل ، بسبب تفشي مظاهر الرشوة والمحسوبية والتسيب وإقصاء الكفاءات .

     واذا كان الاتحاد الاشتراكي قد ساهم قبيل كل محطة انتخابية في تقديم المقترحات اللازمة بخصوص مختلف الجوانب المرتبطة بالعملية الانتخابية ، فإنه سيستمر في نفس النهج حتى الوصول إلى منظومة متجانسة ومتكاملة انطلاقا من عملية التسجيل في اللوائح الانتخابية الى غاية الإعلان عن النتائج وما يترتب عن الاستحقاقات من منازعات انتخابية .

   من هنا وجب معالجة العديد من المظاهر السلبية التي تمس بسلامة المسلسل الانتخابي ، وذلك من خلال إيجاد حل قانوني لمعضلتين اثنتين ؛ ضرورة تدعيم الأحزاب السياسية بما يمكنها من القيام بالأدوار المنوطة بها وفق الفصل السابع من الدستور ، والعمل على محاربة استعمال المال والدين في الخطابات والممارسات السياسية .

    إن كل استغلال سياسوي ، سواء للدين أو للمال ، أو حتى لبعض المشاريع التي ينجزها البعض ، مصرحين بأنهم غير مهتمين بالانتخابات ، نحن عكسهم ، نقول مهتمون بالاستحقاقات القادمة ، ويجب فتح حوار جدي وحقيقي بشأنها في الدخول السياسي والاجتماعي القادم .

   لهذا ، نقول للحكومة ، لا تتركينا حتى ليلة الانتخابات للحديث معنا حول المنظومة الانتخابية وكيفية إصلاحها ، وندعوها من اليوم لمباشرة حوار حول الإصلاحات مع كافة الطيف السياسي لمقاومة هاتين الآفتين ، ليعمل الجميع بشكل مشترك متوجهين إلى المستقبل ، وعلى الإدارة الترابية تحمل مسؤوليتها في تدبير هذا الأمر بحوار حقيقي ابتداء من اليوم ، في قضية المنظومة الانتخابية وفي التمويل العمومي للأحزاب السياسية . 

    إن البناء السياسي والمؤسساتي الصلب ضروري لتطوير البنية الاقتصادية وضمان ديناميتها بطريقة عقلانية تسفر عن امكانيات هائلة لانتاج الثروة ودعم تنافسية البلاد ، وتسخير النمو الاقتصادي لتحسين ظروف عيش المواطنات والمواطنين .

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*