جيل السكاكين واللايفات… هل انفجرت القنبلة الاجتماعية في وجه حكومة تدّعي أنها اجتماعية؟
كتبها: محمد إدريسي
الذي كان يُنبت الفرح صار يُنذر بالخطر
ما بين صلاة العيد وشريط العنف… خيط رفيع من خيبة الأمل
من تمارة إلى سلا… من الأحياء المهمشة إلى شاشات الهواتف
جيل كامل لم يجد صوتًا يعبر عنه، فاختار أن يصرخ بالسكاكين
هكذا أصبح مشهد الشباب في المغرب
شباب لا يحملون كتبًا ولا مفاتيح المستقبل… بل أسلحة بيضاء
شباب لا يصنعون الأمل… بل يعلنون الحرب على واقع لا يرحم
بوجوه متعبة، بعيون مشتعلة، بخطى تائهة في بلد أوصد الأبواب في وجوههم
وهم لا يحتفلون بالجريمة… بل يحتفلون بنجاتهم المؤقتة من موت معنوي طويل
الفيديوهات التي انتشرت بعد العيد ليست حوادث معزولة
إنها خلاصة سنوات من الغضب المكتوم، من التهميش المنهجي، من السياسات العاجزة
إنها الدليل القاطع على أن من فقد الأمل، لم يعد يهاب شيئًا
لا قانون، لا سُلطة، لا سجون
لأن السجن الحقيقي سياسات عمومية التي خانت شبابه
والكارثة… أن الحكومة تسوّق نفسها على أنها حكومة اجتماعية
لكن أيّ “اجتماعية” هذه التي تفقد فيها الأحياء أمنها؟
أيّ “اجتماعية” والشباب يحلمون بالهروب… أو ينفجرون في وجوه بعضهم البعض؟
أيّ “اجتماعية” في ظل منظومة تعليمية تخرج العاطلين لا الكفاءات؟
أيّ “اجتماعية” في حكومة لا تملك رؤية للشباب، ولا قدرة على احتضان أحلامهم؟
حكومة التبرير، لا التدبير
حكومة الشعارات، لا الحلول
تتغنى بـ”الدعم”، بـ”الأجور”، بـ”المنصات”، لكن الواقع ينزف
الشباب لا يحتاجون إلى 500 درهم
بل إلى مدارس تحترم عقولهم، إلى فرص تُنقذهم من الفراغ، إلى عدالة لا تَسخر منهم
في زمن صار فيه لايف الجريمة أكثر تأثيرًا من خطاب الوزير
وفي وطن صار فيه الشاب يرى سكينه أهم من دبلومه
وفي مدن صارت تخاف من ليلها أكثر من ليل الأعداء
لا بد أن نقولها بصوت مرتفع:
نحن أمام أزمة جيل… لا أزمة أمن فقط
الشباب لا يولدون مجرمين
لكن حين تُطفئ الحكومة مصابيح الأمل، فإن العتمة ستقودهم إلى الجنون
حين تغلق أبواب الشغل، أبواب التعبير، أبواب التقدير
يفتحون أبواب العنف، ولو بحد السكاكين
الشباب لم يخذلوا الوطن
الذي خذلهم… هي حكومة التي تدّعي احتضانهم
هي الحكومة التي تغلق أبواب الثقافة، وتفتح أبواب العقاب
الحكومة التي تهتم بمؤشرات السوق وتنسى مؤشرات القهر
فيا حكومة “الاجتماعية”… عن أي مجتمع تتحدثين؟
عن مجتمع اللاعدالة؟
عن مجتمع اللافرص؟
عن مجتمع ينبت فيه العنف كما ينبت العشب في شقوق الإسمنت؟
الشباب ليسوا أعداء الدولة
لكنهم يرفضون أن يكونوا وقود فشلها
فإما أن تصغي لهم هذه الحكومة، وتفتح أبواب الحياة
وإما أن ننتظر موجات جديدة من العنف… لا تُقابل بالخطابات، بل بالأكفان