واشنطن تفرض عقوبات متعلقة بقتل خاشقجي والسعودية تسعى لإعدام 5 متهمين
فرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية على 17 مسؤولا سعوديا يوم الخميس لدورهم في قتل الصحفي جمال خاشقجي فيما أعلن مكتب النائب العام السعودي أن المملكة تسعى لإنزال عقوبة الإعدام بخمسة من المتهمين في القضية.
والعقوبات التي أعلنتها وزارة الخزانة الأمريكية أول رد ملموس من إدارة الرئيس دونالد ترامب على قتل خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول الشهر الماضي.
وتشمل قائمة العقوبات سعود القحطاني الذي عزل من منصب مستشار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والقنصل العام السعودي في اسطنبول محمد العتيبي وأفرادا من فريق مؤلف من 15 شخصا قالت تركيا إنه ضالع في مقتل خاشقجي.
ويمثل الإعلان تحركا غير معتاد من واشنطن التي نادرا ما تفرض عقوبات على مواطنين سعوديين. ولا تستهدف العقوبات حكومة الرياض وهي حليف أمني واقتصادي وثيق للولايات المتحدة.
ويتيح الإعلان لإدارة ترامب ألا تصل إلى حد اتخاذ خطوات قد تؤثر على مبيعات الأسلحة الأمريكية المربحة للسعودية والتي تعهد ترامب بالحفاظ عليها.
وتقيد العقوبات الوصول إلى النظام المالي الأمريكي وتجمد أرصدة هؤلاء الأفراد. وستطبق العقوبات بموجب قانون يفرض عقوبات على من يرتكبون انتهاكات لحقوق الإنسان والضالعين في فساد
وقال وزير الخزانة ستيف منوتشين في بيان ”هؤلاء الأفراد الذين استهدفوا صحفيا كان يقيم ويعمل في الولايات المتحدة وقتلوه بوحشية ينبغي أن يواجهوا عواقب أفعالهم“.
ورحبت كندا، التي دب خلاف دبلوماسي كبير بينها وبين السعودية هذا العام بشأن انتهاكات لحقوق الإنسان، بالعقوبات الأمريكية وقالت إنها تدرس اتخاذ إجراءات مماثلة.
وخلال خلافات دبلوماسية سابقة بين الولايات المتحدة والسعودية لم تفرض الحكومة الأمريكية عقوبات على مسؤولين سعوديين بما شمل الفترة التي تلت هجمات الحادي عشر من سبتمبر أيلول عام 2001 على الولايات المتحدة التي كان 15 من بين 19 نفذوها من المملكة.
ولم تخلص لجنة حكومية أمريكية لوجود أدلة على أن السعودية مولت تنظيم القاعدة، الذي نفذ الهجمات على نيويورك وواشنطن، بشكل مباشر لكن اللجنة لم تحسم ما إذا كان مسؤولون سعوديون ربما فعلوا ذلك منفردين.
* عقوبة الإعدام
قتل خاشقجي، الذي كان مقربا من الأسرة المالكة ثم تحول لانتقاد السياسيات السعودية، في القنصلية السعودية في اسطنبول في الثاني من أكتوبر تشرين الأول. وكان خاشقجي مقيما في الولايات المتحدة وكاتبا لمقالات الرأي في صحيفة واشنطن بوست وأثار مقتله أزمة سياسية للسعودية وشقاقا بينها وبين حلفاء غربيين.
وقال بعض أعضاء الكونجرس الأمريكي إن فرض العقوبات لا يجعل موقف الإدارة صارما بما يكفي لا سيما فيما يخص ولي العهد السعودي.
وقال السناتور الديمقراطي بن كاردن ”ما زلت قلقا من أن الإدارة تساعد المملكة العربية السعودية في جهدها لحماية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان من المحاسبة“.
وفي وقت لاحق من يوم الخميس طرح أعضاء بمجلس الشيوخ من الحزبين الجمهوري والديمقراطي مشروع قانون، إذا تم إقراره، فسيؤدي إلى تعليق مبيعات الأسلحة للسعودية عقابا لها على قتل خاشقجي ولدورها في حرب اليمن.
وفي البداية نفت الرياض علمها باختفاء خاشقجي ثم قدمت تفسيرات متضاربة وشمل ذلك أنه قتل في عملية انحرفت عن مسارها.
وقال شلعان الشلعان وكيل النيابة العامة السعودية للصحفيين إن ”عراكا وشجارا“ حدث في القنصلية السعودية باسطنبول يوم الثاني من أكتوبر تشرين الأول وإنه تم ”تقييد وحقن المواطن المجني عليه ”بإبرة مخدرة بجرعة كبيرة أدت إلى وفاته“.
وأضاف أن النائب العام طالب ”بقتل من أمر وباشر جريمة القتل منهم وعددهم خمسة أشخاص… مع إيقاع العقوبات الشرعية المستحقة على البقية“ لكن الشلعان لم يذكر أسماء من يواجهون عقوبة الإعدام. وأشار إلى أن 11 فردا من بين 21 مشتبها بهم وجهت لهم السلطات اتهامات وسيحالون للمحاكمة.
وقال الشلعان إن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي يعد الحاكم الفعلي للمملكة، لم يكن لديه علم بأي شيء بشأن العملية.
وأضاف أن جثة خاشقجي أخرجت من القنصلية بعد تجزئتها وسلمت إلى ”متعاون محلي“ لم يكشف عن هويته.
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن أمر القتل صدر ”على أعلى المستويات“ في الحكومة السعودية لكن على الأرجح ليس من الملك سلمان فيما يلقي الضوء على الأمير محمد (33 عاما).
وتريد تركيا أن يمثل فريق مؤلف من 15 سعوديا تقول إنهم قتلوا خاشقجي للمحاكمة فيها. وأشار الرئيس الأمريكي ترامب إلى أن المسؤولية النهائية تقع على عاتق الأمير بصفته الحاكم الفعلي للمملكة.
وقال الشلعان إن خاشقجي قتل بعد فشل ”مفاوضات“ لإعادته للمملكة. ولدى سؤاله عن سبب إرسال فريق كبير قادر على التسميم وتقطيع الأوصال في عملية هدفها المفترض إعادته للمملكة، قال الشلعان إن رئيس فريق التفاوض تفقد القنصلية قبل دخول خاشقجي إليها وقرر أنه سيتعذر نقله وقتلوه بدلا من إعادته.
* المستهدفون بالعقوبات
شمل إعلان العقوبات من وزارة الخزانة الأمريكية يوم الخميس ماهر مطرب وهو مساعد للقحطاني ظهر في صور مع الأمير محمد خلال زيارات رسمية للولايات المتحدة وأوروبا هذا العام.
ولم تتضمن قائمة العقوبات أسماء أربعة مسؤولين أقيلوا الشهر الماضي إلى جانب القحطاني وهم اللواء أحمد عسيري النائب السابق لرئيس الاستخبارات العامة وثلاثة مساعدين آخرين في المخابرات هم اللواء رشاد بن حامد المحمادي مدير الإدارة العامة للأمن والحماية واللواء عبد الله بن خليفة الشايع، مساعد رئيس الاستخبارات العامة للموارد البشرية واللواء محمد بن صالح الرميح مساعد رئيس الاستخبارات العامة لشؤون الاستخبارات.
ولم ترد وزارة الخزانة بعد على طلب لتفسير سبب عدم ضم أسماء هؤلاء الأفراد لقائمة العقوبات.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية هيذر ناورت إن واشنطن قد تتخذ المزيد من الإجراءات.
وأضافت في تصريحات صحفية ”إنها خطوة في الاتجاه الصحيح. هذه نتائج تحقيق أولي. من المهم أن يستمر اتخاذ هذه الخطوات من أجل محاسبة شاملة. سنواصل العمل بجد للتثبت من الحقائق“.
وتتعارض بعض التفاصيل التي أوردها الشلعان كذلك مع التفسيرات السابقة التي لم يشر أي منها إلى قتله بجرعة عقار والتي أفاد أحدها أن القتل كان متعمدا استنادا لمعلومات قدمتها السلطات التركية.
وتقول تركيا إن لديها تسجيلات تتعلق بالقتل عرضتها على حلفائها الغربيين. وقال مسؤول تركي لرويترز إن المسؤولين الذين سمعوا التسجيلات، التي تتضمن مقتل خاشقجي إضافة لمحادثات سبقت العملية، شعروا بالفزع لكن بلادهم لم تفعل شيئا بشأن الأمر.