التونسيون يبكون رئيسهم السبسي ويفخرون بانتقال سلس للسلطة
(رويترز)
– تجمع يوم الجمعة مئات التونسيين أمام المستشفى العسكري بالعاصمة تونس تعبيرا عن حزنهم على وفاة رئيسهم الباجي قايد السبسي الذي توفي يوم الخميس بالمستشفى ونقل جثمانه إلى القصر الرئاسي بضاحية قرطاج قبل جنازة وطنية يوم السبت.
وأعلنت الرئاسة يوم الخميس وفاة السبسي، الذي ساعد في قيادة الانتقال الديمقراطي في البلاد بعد انتفاضة 2011، عن 92 عاما.
كان السبسي شخصية بارزة في تونس منذ الإطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي عام 2011، والذي أعقبته انتفاضات في أرجاء الشرق الأوسط، بما في ذلك في ليبيا ومصر وسوريا.
وبعد توليه منصب رئيس الوزراء في عام 2011 انتُخب السبسي رئيسا بعد ثلاث سنوات، ليصبح أول رئيس للبلاد يتم اختياره عبر الاقتراع المباشر بعد انتفاضة ”الربيع العربي“. وأسس حزب نداء تونس الذي يشارك في الحكومة الائتلافية.
وأمام المستشفى العسكري وقف نساء ورجال وأطفال تحت شمس حارقة يوم الجمعة على حافة الطريق منتظرين نقل جثمان الرئيس إلى قصر قرطاج وكانوا يرفعون أعلام تونس وصور الرئيس الراحل.
وقالت امرأة تدعى سلمى الحبيبي وهي ترفع علم تونس ”اليوم فقدنا أب لكل التونسيين… كان مميزا وكان يريد دائما إعلاء قيمة المرأة التونسية“.
وأضافت ”اليوم كسبنا دولة ديمقراطية فعليا بنقل رائع وهادئ للسلطة.. لا دبابات في الشوارع ولا حظر للتجوال ولا بيانات للجيش“.
وبعد بضع ساعات من وفاة السبسي يوم الخميس أدى رئيس البرلمان محمد الناصر اليمين ليصبح رئيسا مؤقتا للبلاد في انتقال سلس للسلطة في مهد انتفاضات الربيع العربي. وبعد ذلك بقليل قالت الهيئة المستقلة للانتخابات إن الانتخابات الرئاسية ستجري في 15 سبتمبر أيلول بعد أن كانت مقررة في 17 نوفمبر تشرين الثاني.
وينص الدستور على إجراء الانتخابات خلال فترة أقصاها ثلاثة أشهر منذ إعلان الشغور النهائي لمنصب الرئيس وتعيين رئيس مؤقت. وستكون الانتخابات المقبلة ثالث انتخابات رئاسية تجرى منذ انتفاضة عام 2011.
ورغم أن الانتقال الديمقراطي في تونس حظي بإشادة باعتباره قصة النجاح الوحيدة في بلدان الربيع العربي يشعر كثير من التونسيين بالضيق بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية وتدني الخدمات العامة.
التقدم السياسي النسبي لم يصاحبه تقدم اقتصادي. وتبلغ نسبة البطالة نحو 15 في المئة، ارتفاعا من 12 في المئة في 2010، بسبب النمو الضعيف وتراجع الاستثمار. كما بلغت معدلات التضخم مستويات قياسية.
وأمام المستشفى وقفت تشكيلة من حرس الرئاسة وضباط من الجيش بينما نقل جثمان السبسي على متن عربة عسكرية كان يتبعها موكب كبير من السيارات الرئاسية.
وعلى مقربة من قصر الرئاسة بضاحية قرطاج تجمع أيضا عدد من المواطنين لإلقاء نظرة الوداع على جثمان الرئيس الراحل.
ورددوا النشيد الوطني بعد مرور جثمان الرئيس. وكانت طائرات تحلق فوق المكان.
وقال شاب يدعى نبيل ”نأمل أن تبقى تونس واقفة مثلما كان يريد ذلك السبسي.. سنفتقدك يا بجبوج“ في إشارة للباجي قائد السبسي.
وواجه السبسي انتقادات بالسعي للعودة إلى الدولة القوية التي تتركز فيها السلطة بيد الرئيس، الذي يقتصر دوره على السياسات الخارجية والدفاعية بموجب الدستور الجديد.
سيارة تحمل جثمان الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي من المستشفى العسكري إلى القصر الرئاسي في قرطاج يوم الجمعة. تصوير: زبير السويسي – رويترز
كما اتهمه منتقدون بالسعي لتوريث الحكم لابنه والتراجع عن الحريات المتاحة في عصر ما بعد الثورة وعدم دعمه للجنة لتقصي الحقائق تسعى لتحقيق العدالة لضحايا النظام الاستبدادي. لكن السبسي الذي شغل منصب رئيس البرلمان أثناء حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي كان ينفي جميع تلك الاتهامات.
وقال منصف المرزوقي الرئيس السابق وأحد أشد خصوم السبسي ”أنا حزين لفقدان الرئيس الباجي قايد السبسي وهو خصم رئيسي من وقت طويل… لكن أشعر بالفخر أيضا بالاعتزاز والفخر بهذا الانتقال السلس“.
وأضاف ”نحن في تونس من حسن الحظ أننا في مسار انتقال متقدم وننتقل من دولة للأقليات الفاسدة الى دولة القانون“.