الكويتيون يختارون السبت برلمانهم الجديد في ظل أزمتي كورونا وهبوط أسعار النفط
(رويترز)
– بدأ الناخبون الكويتيون يوم السبت اختيار أعضاء مجلس الأمة (البرلمان) الجديد الذي تمتد مدته الدستورية أربع سنوات، في ظل أزمتي جائحة كورونا وهبوط أسعار النفط الذي يعتبر المورد شبه الوحيد للدولة.
ويتنافس أكثر من 300 مرشح بينهم 29 امرأة للفوز بمقاعد المجلس الخمسين، حيث تجري الانتخابات في 590 لجنة موزعة على 102 مدرسة. ويبلغ عدد سكان الكويت 4.77 مليون نسمة منهم 1.43 مليونا من المواطنين بواقع 30 في المئة، والباقي من الوافدين، بينما يبلغ عدد من يحق لهم الانتخاب 568 ألفا منهم 294 ألفا من الإناث و274 ألفا من الذكور.
وشملت الإجراءات التي فرضتها وزارة الصحة على المقترعين بسبب الجائحة ارتداء الكمامات وقياس درجة الحرارة قبل دخول اللجان الانتخابية ومنع التجمعات داخل اللجان وخارجها والحفاظ على التباعد البدني وتحديد مسارات للدخول وأخرى للخروج. كما تم تخصيص خمس مراكز اقتراع خاصة بالمصابين بفيروس كورونا وكذلك من يخضعون لإجراءات الحجر الصحي، في الدوائر الخمس.
ويتمتع مجلس الأمة الكويتي بسلطات تشريعية ورقابية هي الأقوى مقارنة بأي مؤسسة برلمانية خليجية أخرى ويمكن لأي نائب استجواب رئيس الوزراء أو أي من الوزراء كما يمكن للنواب حجب الثقة بأي وزير وهو ما يوجب اقالته أو إعلان عدم التعاون مع الحكومة، ليحال الأمر في هذه الحالة للأمير الذي قد يقيل الحكومة أو يحل البرلمان.
وتسببت الجائحة في هبوط كبير لأسعار النفط، الذي يشكل نحو 90 في المئة من الإيرادات العامة للدولة. وتوقع وزير المالية براك الشيتان في أغسطس آب أن يصل عجز الميزانية العامة إلى 14 مليار دينار (46 مليار دولار) في ضوء انخفاض أسعار النفط.
كانت التقديرات السابقة قبل أزمة كورونا وهبوط أسعار الخام تتوقع أن يصل العجز إلى 7.7 مليار دينار. وتبدأ السنة المالية للكويت في أول ابريل وتنتهي في 31 مارس.
وفشلت الحكومة في إقناع البرلمان السابق بتمرير قانون يسمح لها باللجوء للأسواق العالمية من أجل اقتراض 20 مليار دينار على مدى 30 عاما، كان من المفترض أن يخصص 12 مليار دينار منها لسد عجز الميزانية والباقي للمشروعات الرأسمالية.
وتفرض الحالة الاقتصادية للدولة على الحكومة تعاونا وثيقا مع مجلس الأمة الذي يتوقع أن تشكل المعارضة جزءا أساسيا منه هذه المرة، لأسباب عدة أهمها الضعف المتوقع للمشاركة في الانتخابات بسبب الجائحة وفضائح مالية وسياسية طالت متنفذين في الدولة خلال السنة الأخيرة من عمر البرلمان.
* مشاركة المعارضة
وتجري الانتخابات وفق نظام الصوت الواحد لكل مرشح وهو النظام الذي تم إقراره بمرسوم أميري في 2012 واعترضت عليه المعارضة وسيرت مظاهرات ضده في حينها، كانت هي الأوسع في تاريخ الكويت، وقاطعت بسببه الانتخابات التي تلته، معتبرة أنه يهدف إلى تقويض قوتها البرلمانية وإضعاف تمثيلها وتشتيت قوة الكيانات السياسية والاجتماعية الكبيرة.
وتشارك أطياف المعارضة المختلفة الإسلامية والليبرالية والمعارضين المستقلين في هذه الانتخابات، لكن يغيب عنها أقطاب معارضون من أهمهم نواب سابقون معارضون منهم مسلم البراك وجمعان الحربش وعبدالحميد دشتي لوجودهم في منفاهم الاختياري خارج البلاد بسبب إدانة البراك والحربش في قضية تعرف إعلاميا باقتحام مجلس الأمة وإدانة دشتي في قضية تتعلق بالإساءة للسعودية.
وتوقع الدكتور محمد الدوسري المحلل السياسي الكويتي أن تتعزز حظوظ المعارضة هذه المرة بسبب عودة كثير من الناخبين المقاطعين للمشاركة بأصواتهم من جديد في الانتخابات مشيرا إلى أن هناك “نقمة شعبية على المجلس الماضي سوف تنعكس على نتائج هذه الانتخابات بتعزيز حضور المرشحين المحسوبين على المعارضة بشكل عام.”
وقال الدوسري لرويترز “هناك الكثير من القوانين التي طرحت في مجلس الأمة (الماضي) لم تكن في صالح الطبقة الوسطى ومحدودي الدخل وكانت هناك الكثير من الفضائح المالية التي انفجرت والتي كان متورطا فيها العديد من الشخصيات السياسية في الكويت والتي لم تجد محاسبة حقيقية من قبل هذا المجلس مما جعل الناس يشعرون بعجر هذا المجلس وعدم قدرته غلى تمثيلهم بشكل صحيح”.
ولا يوجد في الكويت أحزاب سياسية لكن يوجد تكتلات سياسية ومجموعات لمختلف التيارات والأفكار، كما تلعب العوامل الاجتماعية مثل الانتماء إلى قبيلة أو عائلة أو إلى طائفة دورا مهما في اتجاهات التصويت.
وقال أستاذ العلوم السياسية الكويتي الدكتور غانم النجار لرويترز إن “مصطلح المعارضة لا ينطبق علميا على الكويت. بالطبع هناك اصحاب آراء معارضة الا ان أغلبهم افراد وتعتمد قوة تأثيرهم بقدر ما يقومون به من تنسيق بينهم وقدرتهم على كسب التأييد الشعبي والحصول عليه ليست مسألة سهلة”.
وأضاف أن هناك أشخاص يتحدثون بحدة ضد الحكومة “لكن هذا لا يجعلهم معارضة.. المعارضة تتم في أنظمة لها قابلية لتداول السلطة وتغييرها .. السلطة هنا ممثلة في مجلس الوزراء والحكومة لا تتغير بالانتخابات”.
ويرى مراقبون أن الظروف التي فرضتها جائحة كورونا ستؤدي إلى ضعف المشاركة في عملية الاقتراع عموما وهو ما سيؤدي إلى زيادة حظوظ مرشحي التكوينات الاجتماعية والسياسية ذات الالتزام القوي، لاسيما الإسلامية والقبلية والطائفي. ويوجد في الكويت أقلية شيعية قوية.
وقال غانم النجار إن الحركة الدستورية الإسلامية (الإخوان المسلمون) هي أبرز الكتل التي تعتبر معارضة والمؤشرات تدل على أنه سيكون لهم تمثيل أكبر ومن الأرجح أن سيكون لهم ما بين اربع الى خمس مقاعد في الخمس دوائر معتبرا أن “مرشحيهم وزنهم جيد. وهذا يعطي وزنا للحركة”.
وأضاف أن الائتلاف الوطني الإسلامي أو الجمعية الثقافية الاجتماعية ربما يكون لهم ما بين اثنين الى ثلاثة مقاعد، “أما السلفيين فهم منقسمون، وبعضهم ليس له حظوظ وبعضهم حظوظه جيدة. وهناك مجموعات من الشباب المعارضين المستقلين لاسيما في الدائرة الثالثة يحاولون العودة من جديد والأمر كله يعتمد على حجم المشاركة التي ستتأثر بعاملين الأول كورونا والثاني عدم الحماس للمشاركة، لأن هناك أناس غير متحمسين لشعورهم بأنه لا جدوى من المشاركة.”
وهذه هي الانتخابات الأولى في عهد أمير الكويت الجديد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح الذي تولى زمام الحكم في سبتمبر أيلول الماضي بعد وفاة أخيه أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح الذي هيمن على الحياة السياسية الكويتية لما يقرب من عقدين.
ويعين أمير الكويت رئيس الوزراء الذي يشكل الحكومة على أن يكون من بين أعضائها واحد على الأقل من نواب البرلمان. وجرت العادة أن يهيمن أبناء الأسرة الحاكمة على المقاعد الرئيسية في الحكومات المختلفة.
وبحكم الدستور يكون الوزراء جميعا أعضاء في البرلمان ويشاركون في التصويت باستثناء حالة حالات حجب الثقة بأي وزير، وهو ما يعطي الحكومة مزيدت من القوة والثقل داخل المؤسسة التشريعية.
وقال الدكتور عايد المناع المحلل السياسي الكويتي إن نظام الصوت الواحد “فتت إمكانية حدوث تكتل للمعارضة” داخل البرلمان متوقعا ألا تشكل المعارضة قوة يعتد بها حتى لو لم تتراجع حظوظ ممثليها في المجلس القادم لأن ممثليها سيكونون “من مختلف الاتجاهات ومختلف المشارب”.
وقال إن كثيرا من قوى المعارضة تراهن حاليا على أن تكون جزءا من الحكومة أو على الأقل أن تحصل منها على امتيازات معتبرا أن المعارضة في البرلمان المقبل ستكون “شكلية”.