الحكومة الألمانية تتعهد الكشف عن ملابسات هجوم ماغديبورغ
تعهّدت الحكومة الألمانية بتحقيق سريع ودقيق لمعرفة إن كان بإمكان الأجهزة الأمنية منع الهجوم الذي تعرّضت له السوق الميلادية في ماغديبورغ مساء الجمعة وأسفر عن مقتل خمسة أشخاص وجرح أكثر من مئتين.
وقالت وزيرة الداخلية نانسي فيزر في بيان إن تحقيقات الأجهزة الأمنية “ستجرى بوتيرة مطردة”.
ومنذ مساء الجمعة، توجّه تساؤلات من كلّ حدب وصوب حول دوافع المشتبه به، وهو طبيب سعودي خمسيني، لارتكاب الهجوم الذي تسبب بمقتل خمسة أشخاص وإصابة أكثر من مئتين مساء الجمعة في مدينة ماغديبورغ (شمال شرق)، في ظلّ تجاهل مؤشّرات خطرة كثيرة بدرت منه خلال السنوات الأخيرة.
وأشارت فيزر إلى أن “آراء المشتبه به وتصريحاته ستخضع للتدقيق، فضلا عن البيانات والإجراءات لدى سلطات مختلفة ولدى القضاء بغية التوصّل إلى الخلاصات اللازمة”.
ويقضي الهدف بتحديد خلفية المشتبه به طالب جواد العبد المحسن “التي لا تتوافق مع أيّ خلفية معروفة” بمساعدة المكتب الفدرالي للشرطة الجنائية والسلطات المحلية.
وصرّحت وزيرة الداخلية الألمانية أن العبد المحسن “تصرّف بقساوة ووحشية تفوقان التصوّر، على غرار إرهابي إسلامي، بالرغم من أن عقيدته تبدو أنها لشخص مناهض للإسلام”.
– استجواب برلماني –
وفي مؤشّر إضافي على الضغوط التي تتعرّض لها حكومة المستشار أولاف شولتس قبل شهرين من انتخابات تشريعية مبكرة في أواخر شباط/فبراير، تواجه نانسي فيزر جلسة استجواب تبدأ في 30 كانون الأول/ديسمبر حول أوجه الخلل التي يحتمل أن تكون ساهمت في وقوع الهجوم.
وستستجوبها مع مسؤولين رفيعي المستوى لجنة الرقابة البرلمانية ولجنة الشؤون الداخلية في مجلس النواب الألماني (بوندستاغ)، وفق ما أفاد مصدر برلماني وكالة فرانس برس.
ومثل المشتبه به طالب جواد العبد المحسن أمام قاض السبت ووضع في السجن على ذمّة التحقيق.
وأفادت مجلّة “دير شبيغل” بأن الاستخبارات السعودية وجّهت قبل سنة تنبيها إلى السلطات الألمانية بشأن العبد المحسن، على خلفية تغريدات هدّد فيها ألمانيا بدفع “ثمن” سوء معاملتها للاجئين السعوديين وفقا له.
وبقي ذاك التنبيه حبرا على ورق، في حين كان الرجل يكثّف الخطابات المشحونة بنظريات المؤامرة.
وهو ما انفكّ يتّهم ألمانيا بأنها لا تحمي بما فيه الكفاية السعوديين الفارين من بلدهم، في حين أنها كانت في رأيه تستقبل بصدر رحب مسلمين متشدّدين.
وفي آب/أغسطس الماضي، كتب على حسابه في اكس “هل من سبيل إلى العدالة في ألمانيا من دون تفجير سفارة ألمانية أو ذبح مواطنين ألمان عشوائيا؟ أبحث عن هذا السبيل السلمي منذ كانون الثاني/يناير 2019 ولم أجده بعد”.
وفي العام 2013، فرضت عليه غرامة في روستوك “للإخلال بالأمن العام” و”التهديد بارتكاب جرائم”.
وهو كان يثير مخاوف في أوساط الجالية السعودية في ألمانيا. وقالت عنه مينا أحدي، رئيسة المجلس المركزي للمسلمين السابقين، إنه “يميني متشدّد مضطرب عقليا يعتنق نظريات المؤامرة” ويكره كلّ من لا يشاركه كراهيته.
والعام الماضي، قيّمت الشرطة الألمانية “الخطر” الذي قد يشكّله وخلصت إلى أنه لا يمثّل “خطرا معيّنا”، بحسب ما أوردت صحيفة “دي فيلت” الأحد.
وعشيّة الهجوم، تجاهل الطبيب النفسي السعودي استدعاء قضائيا في برلين على خلفية إثارته بلبلة في مركز للشرطة بعد رفض الأخير تسجيل شكوى له، وفق وسائل إعلام ألمانية.
– “عجز الحكومة” –
وقالت الرئيسة المشاركة لحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرّف أليس فايدل إن “عجز الإدارة الذي سمح بواقعة ماغديبورغ يتركنا في حالة صدمة”.
وطالب حزبها بجلسة استثنائية في مجلس النواب لبحث الوضع الأمني “الكارثي” في البلد.
والأمر سيان بالنسبة إلى اليسار الراديكالي الذي طالبت زعيمته ساره فاغنكنشت بتفسيرات بعد “تجاهل هذا العدد الكبير من التحذيرات”.
وفي نهاية الأسبوع، تقاطر المسؤولون الألمان إلى مكان الواقعة في ماغديبورغ حيث قضى صبيّ في التاسعة وأربع نساء تتراوح أعمارهن بين 45 و75 سنة وأصيب أكثر من مئتي شخص بجروح مساء الجمعة.
وحصيلة الضحايا مرشّحة للارتفاع، إذ إن حوالى أربعين شخصا يعانون إصابات خطرة، بعدما قاد طالب جواد العبد المحسن سيارة من نوع “بي ام دبليو” بسرعة فائقة وسط سوق عيد الميلاد.
ويتوجّه الوزير الفرنسي المكلّف شؤون أوروبا بنجامان حداد بعد ظهر الأحد إلى ماغديبورغ “للإعراب عن دعم فرنسا للشعب الألماني”.
ودعا المستشار أولاف شولتس الألمان إلى “التعاضد”، غير أن هجوم ماغديبورغ يزيد من الانتقادات الموجّهة إلى ائتلافه في خضمّ الحملة الانتخابية.