قال عبد الكريم بنعتيق، الوزير السابق في حكومتي عبد الرحمان اليوسفي و حكومة العثماني، وعضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إن التدابير الاستبقاية التي اتخذتها الدولة، لمحاصرة تداعيات كورونا قوية جدا.
واكد بنعتيق في حوار مع “الصباح”، إن الخروج من أزمة كوفيد 19 سيكون مكلفا اقتصاديا، انطلاقا من دراسات أولية، أكدت أن حالة الطوارئ الصحية ـ ستخفض ب3.8 في المائة من الناتج الداخلي الخام في المرحلة الثانية من 2020ـ أي 10.9 ملايير درهم حسب المختصين.
وقال بنعتيق، ان ” كل التدابير الاستباقية التي اتخذتها الدولة المغربية لمحاصرة تداعيات أزمة كورونا، كانت قوية بدءا من إحداث صندوق تضامني ضخت فيه 10 ملايير درهم من الميزانية العامة، إلى مساهمات الخواص، شركات أو أشخاص ثم مؤسسات القطاع العام، هذا بالموازاة مع حملة تضامنية واسعة شملت عامة المواطنين، بالإضافة إلى تشكيل لجنة اليقظة الاقتصادية التي تضم في عضويتها قطاعات وزارية وازنة، نظير المالية والداخلية و الخارجية والفلاحة والصحة والصناعة والسياحة والتشغيل، بالإضافة إلى والي بنك المغرب ورئيس المجموعة المهنية للبنوك وجامعة الغرف الصناعية و الخدماتية ثم جامعة الصناعة التقليدية، كل هذه المبادرات أكدت وبشكل ملموس دور الدولة الفعال سياسيا واقتصاديا، دولة ضامنة للسير الطبيعي للمرفق العمومي خلال الفترات الاستثنائية، وخادمة لمصالح الأفراد والجماعات ومعبئة لكل الإمكانيات و الطاقات…”
واضاف بنعتيق في حواره مع ” الصباح” ، ان التوجيهات الملكية الاستباقية كانت حاسمة، و يجب الاعتراف بشكل موضوعي، أن التوجيهات الملكية الاستباقية لعبت دورا رئيسيا لتحريك آلة الدولة بكافة أذرعها لمواجهة هذه الوضعية الاستثنائية وطنيا وعالميا، فلجنة اليقظة الاقتصادية تقوم بمجهود كبير لإيجاد حلول للمشاكل العالقة مع وضع احتمالات للتحديات المستقبلية، من هذا المنطلق فالحكومة مطالبة بتقديم قانون مالي تعديلي يأخذ بعين الاعتبار المتغيرات التي مست بنية مالية 2020، و ما سيترتب عنها من تدابير و إجراءات ضروري أن تخضع للمساءلة التشريعية و من خلالها إشراك الرأي العام في متابعة فحوى المقترحات التي سيقدمها الجهاز التنفيذي….”
وقال بنعتيق” انه يجب التأكيد أن الاختيارات الاقتصادية للمغرب تجعله بلدا مرتبطا و منفتحا على الاقتصاديات العالمية، هذه الأخيرة تعرضت لضربة صعبة و مفاجئة بسبب جائحة كورونا، لذلك جزء من الحلول المغربية اقتصاديا على المدى القريب و المتوسط، له علاقة وثيقة بمدى قدرة الاقتصاد العالمي على الصمود و الخروج بأقل الأضرار والخسائر من هذه الأزمة، لتوضيح ذلك تكفي الإشارة إلى أن 70 في المائة من التبادل التجاري للمغرب، هو مع الاتحاد الأوربي، أضف إلى هذا، أن صناع القرار الاقتصادي في مجموعة من الدول، سيعيدون النظر في مسألة التبعية الإنتاجية الناتجة عن وجود صناعات عديدة استوطنت مقاولاتها في دول بعينها دون أخرى، مما يجعل هذه الدول رهينة لمناطق دون أخرى ( مثلا ارتباط أوربا في مجال صناعة الأدوية بالشركات الصينية و الهندية)، فموجة إعادة توطين هذه المقاولات ستطرح للنقاش بحدة و بضغط من الرأي العام لمجموعة من الدول.
واكد بنعتيق، ان ” المغرب خارج أزمة تداعيات كورونا يعيش نقاشا حول ضرورة نموذج تنموي قادر على جعل بلدنا يحتل المكانة التي يستحقها ضمن الدول الصاعدة، هذه الأزمة الصحية هي مناسبة للاستفادة من التحولات الجيو اقتصادية المقبلة، فبالنسبة إلى تزويد الأسواق الأوربية بمنتوجات مختلفة، المغرب قادر على أن يتحول إلى بديل فعال في هذا المجال، فبالإضافة إلى الشراكة الإستراتيجية التي تجمعه مع الاتحاد الأوربي المتمثلة في اتفاقية التبادل الحر و في تمتعه بصفة الوضع المتقدم منذ 2008، فإنه يتوفر على بنيات تحتية مهمة، قادر على تكوين يد عاملة تحظى بالمهارة المهنية المطلوبة، منخرط فعال في تطوير النسيج الاقتصادي الإفريقي عن طريق حضور وازن في قطاعات إنتاجية و خدماتية، مؤمن بأن إفريقيا لها مستقبل اقتصادي مشرق بسوق سيتجاوز مليار نسمة في أفق 2036. و بالملموس فالنقل البحري الذي هو دعامة لأي تطور تجاري إذا كان يتطلب أكثر من 35 يوما مابين الموانئ الصينية و الموانئ الأوربية، فإنه لن يتعدى 4 أيام بين هذه الأخيرة و ميناء طنجة المتوسط، إذن نحن باعتبارنا مغاربة في حاجة و في هذه اللحظة بالذات إلى ذكاء جماعي خلاق يسمح لنا بالتموقع في عولمة ذكية قادمة لا محالة بعد كورونا…”
المصدر: الصباح