قال مولاي الحسن الداكي رئيس النيابة العامة في ندوة: “مرفق العدالة على ضوء تقرير النموذج التنموي الجديد” المنظمة من طرف المكتب المركزي لودادية موظفي العدل*بالمعهد العالي للقضاء – الرباط 14 يوليوز 2021. قال الداكي ” تعد العدالة من المرافق التي تحظى بأهمية بالغة داخل النسيج المجتمعي، بالنظر لدورها في ضمان الحقوق، وصون الحريات، وحفظ الأعراض والأموال، وإشاعة قيم العدل بين الأفراد، والمساهمة في توفير مناخ آمن للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.ولما كان تحقيق هذه الغايات السامية يرتبط ببناء عدالة سليمة، تتميز بالفعالية والنجاعة ونزاهة المنتسبين إليها، وتبسيط إجراءات الولوج إليها والقدرة على المساهمة في قيادة قاطرة التنمية وتشجيع الاستثمار، وهو الدور الذي ما فتئ صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده يؤكد عليه في خطبه السامية، حيث قال جلالته في كلمة وجهت للمشاركين بمناسبة انعقاد الدورة الثانية للمؤتمر الدولي للعدالة، الذي افتتحت أشغاله يوم الاثنين 21 كتوبر 2019 بمراكش، تحت شعار “العدالة والاستثمار.. التحديات والرهانات” (وإذ نرحب بكم ضيوفا كراما على أرض المملكة المغربية، فإننا نشيد باختياركم لهذه الدورة موضوع “العدالة والاستثمار: التحديات والرهانات”. لما يجسده هذا الموضوع من وعي بأهمية الاستثمار كرافعة للتنمية، وبالدور الحاسم الذي تضطلع به العدالة في الدفع بالنمو الاقتصادي، عبر تعزيز دولة الحق والقانون، وضمان الأمن القانوني والقضائي اللازم لتحقيق التنمية الشاملة) انتهى النطق الملكي السامي.”
وأضاف الداكي”إن الرغبة الأكيدة لبلادنا في بناء عدالة نزيهة وفعالة قريبة من انشغالات المواطن، تجسد من خلال الإرتقاء بالقضاء إلى سلطة في ظل دستور 2011، والذي أقر استقلال هذه السلطة القضائية من باقي السلط، ثم تلا ذلك استقلال النيابة العامة من السلطة الحكومية. وهو ما تمت ترجمته من خلال القانونين التنظيميين المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والنظام الأساسي لرجال القضاء، والقانون رقم 33.17 المتعلق بنقل اختصاصات السلطة الحكومية المكلفة بالعدل إلى رئيس النيابة العامة.”
وأكد الداكي ” وتعزيزا لهذه المكتسبات، واستكمالا للبناء المؤسساتي لمرفق العدالة ببلادنا، والتطلع نحو إرساء أسسها الكفيلة بتحقيق الغايات المرجوة، والمساهمة في النموذج التنموي الذي تسعى بلادنا إلى تحقيقه. فقد بادرت رئاسة النيابة العامة إلى التفاعل إيجابا مع اللجنة المذكورة من خلال تقديم ورقة حول تصورها بشأن دور القضاء في النموذج التنموي الجديد، تضمن تشخيصاً واقعياً للعدالة مع إبراز ما تحقق، وما ينبغي أن يتحقق والإكراهات والعوائق والحلول الممكنة لذلك.
والأكيد أن ندوة هذا اليوم، يقول الداكي” تأتي في سياق التفاعل مع مخرجات التقرير العام الذي قدمه رئيس لجنة النموذج التنموي الجديد بين يدي صاحب الجلالة يوم 25 ماي 2021 بالقصر الملكي العامر بفاس، والذي خلص إلى أن بنية العدالة بالرغم من الإصلاحات التي عرفتها، إلا أنها مع ذلك ما زالت تعاني من بعض الأعطاب، مثل طول أمد البت في الملفات القضائية، والنقص في الكفاءات، وضعف الشفافية وغيرها …، مما يفرض على كل مكوناتها من قضاة وموظفي كتابة الضبط ومحامين وخبراء وعدول وتراجمة ومفوضين قضائيين، وشرطة قضائية وغيرهم من مساعدي العدالة المشاركة في ورش إصلاح العدالة عبر الانخراط الجاد والمسؤول في إرساء دعائم التخليق وتكريس قيم الحياد والنزاهة وخدمة الصالح العام، وتعزيز ثقة المواطن والمستثمر في عدالتنا.”
وقال الداكي”إن رئاسة النيابة العامة، و انطلاقا من وعيها بالمسؤولية الملقاة على عاتقها في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها بلادنا والتي تتميز بعدة تحديات، واعية بقيمة انخراط مختلف مكونات العدالة من أجل المساهمة الفعالة في تنزيل مضامين النموذج التنموي الجديد، وفي هذا الإطار عقد المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة لقاءً تواصلياً مع السيد رئيس لجنة النموذج التنموي الجديد رفقة بعض أعضائها بتاريخ 26 يونيو 2021، قدمت خلاله اللجنة خلاصاتها حول ما جاء به التقرير العام بالنسبة لمنظومة العدالة، وقد كان هذا اللقاء مناسبة لإطلاع اللجنة على بعض المعيقات الواقعية والقانونية واللوجستيكية التي تحول دون الوصول إلى عدالة قوية ومتراصة، واقتراح الحلول الكفيلة بمعالجتها.”