سياسي: مكناس
استهلت الدكتورة حسناء أبوزيد محاضرتها، بمناسبة استضافتها من طرف المقهى الثقافي بقصر التراب بمكناس ، بدور النخب العضوية الحاملة للمشروع، لخلخلة أنماط متعددة، ومضامين ثقافية تغيب عنها حمولة الدفاع عن النساء وعن الديمقراطية الحاضنة لها. وتساءلت بهذه المناسبة المنظمة بشراكة مع فندق تافيلالت أمس الأربعاء 8 مارس، عن الوقت الذي يمكن أن نصنع من مقاهينا مجالا ثقافيا يتسرب إيجابا إلى قلوب المغاربة من أجل خلق نخبة تحمي المشروع الثقافي المغربي، مؤكدة أنه يجب على الجميع خاصة النخبة الانخراط في زرع داخل كل مقهى تجاري آخر ثقافي أو كرسي ثقافي، يحمل للمغاربة جزء مما هم مدينون به اتجاههم في مختلف المجالات.
ضيفة المقهى الثقافي، تحدث في مداخلتها عن الديمقراطية والمساواة، بمناسبة احتفال المرأة المغربية باليوم العالمي الذي حدد له 8 مارس، حيث تطرقت أبوزيد إلى الموضوع من خلال الجانب الفلسفي والقانوني، والسوسيولوجي والسياسي، إذ لم تعترف بأصول الفوارق إلا في الأدوار الاجتماعية القائمة على أساسها، مشيرة إلى أن آدم وحواء إرث تاريخي إحتزلته السياسة في الفوارق الطبقية من منظور اختلاف السلوك والتكوين والمؤثرات في مختلف الثقافات، لنتحمل ما لا طاقة لنا به تقول أبو زيد.
وتمسكت الدكتورة أبوزيد التي حلت ضيفة على المصطفى المريزق الدكتور الباحث في علم الاجتماع، مؤسس المقهى الثقافي بمكناس، بالحجج التاريخية والواقعية لتقنع جمهور رواد المقهى الذي ترواح عددهم أكثر من 180 شخص، بالتنوع والتباين عبر الزمان والمكان في التعاطي مع موضوع المرأة كقضية نسائية وغير فئوية ولا وطبقية ولا حتى قضية حقوقية، بل قضية إنسان، مبرزة أن كل المقاربات التحررية من الليبرالية حتى الماركسية لم تتعامل مع قضية المرأة من منطلق الاهتمام والعناية بقضية المرأة كقضية تحرر وليس موضوع احتجاج ورد فعل وإنصاف ومناصفة، معتبرة أن قضية المرأة هي قضية وجود اجتماعي وإنساني وسلوك بشري، إذ أعطت العديد من الأمثلة الحية عن التفسيرات المتزمة التي أعطت أدوار طلائعية لحركاتها النسائية إلا مكانة السلطة أو الخلافة أو الإمامة. واعتبرت أن الثورة الايرانية استعملت النساء في ثورتها وتنكرت لهن حينما تعلق الأمر بتحمل المسؤولية السياسية لقيادة البلاد. كما اعتبرت أن كل أجنحة الإسلام السياسي توظف المرأة بشكل خارق وتقصيها من السلطة والخلافة والامامة.
وأفادت أبوزيد أن الورش المتعلق بالمرأة لازال معقدا وغامضا حتى عند النخبة، مشددة على أنها كانت تنتظر من المتداخلين السابقين في المقهى الثقافي أن يعالجوا موضوع المرأة من عدة جوانب، فمثلا كان على الأستاذ حسن أوريد التطرق إلى موضوع المرأة والإسلام السياسي، والأستاذ أحمد عصيد “المرأة والعلمانيةّ، في حين كان على الأستاذ إدريس خروز معالجة موضوع التعليم وحقوق النساء.
وتطرقت المتحدثة نفسها إلى ضرورة زرع سؤال المرأة في كل الحقول لإخراجها من الاعتقال الاجتماعي والاضطهاد الإقتصادي الذي ربطته بالصحة والتعليم والأمية، كما تحدثت عن معنى الرجولة والأنوثة، والاختلافات في أوجه المساواة والديمقراطية بين الجنسين في اتجاهاته المتعارضة، داعية إلى ضرورة اعتماد الحداثة على أرض الواقع والاعتراف به والأهداف والطموحات التي ينبغي على السلطة أن تتبنها بعيدا عن سلطة المال والنفوذ وسوق الإنتاج ونظام المشاريع والأفكار.
وعرجت أبوزيد على مواضيع العنف وقضايا الاغتصاب والميز والنزاعات الذكورية، ونزاعات التمرد والمقاومة، فاعتبرتهم من الأسئلة التي يجب أن تعالج داخل المقهي الثقافية، لمواجهة إقصاء النساء من الحق في امتلاك الفضاء العمومي ورفض مقاييس الهيمنة والعبودية والاستحواذ، وأعطت أمثلة على العقلية الذكورية السائدة في المجتمع المغربي، حتى لدى النخبة العلمية والطبية والثقافية والسياسية.
وأكدت أنه رغم التقدم في المشاريع والقوانين والتوصيات والمعاهدات والبروتوكولات، لا زالت قضية المرأة حتى في البلدان التي قطعت أشواطا في الديمقراطية، (لازالت) سجينة المقاربات البكائية والاحتجاجية من دون تبني قضية المرأة ضمن المشروع الاجتماعي المنشود، مشيرة إلى أن تطور أي مجتمع لا يمكن أن يكون إلا بتبني مخطط شامل وليس خاص..
ولم تستسغ الدكتورة حسناء أبوزيد اعتراف الدولة بالمرأة الغير عاملة، والتي تطلق عليها كلمة “بدون” مع العلم أنها تقوم بكل شيء حسب تعبيرها، متطرقة إلى المرأة التي تصبح طبيبة وممرضة في حالة مرض أحد أفراد أسرتها، مطالبة بالاعتراف بمجهودات وعمل النساء دون منح الأجر، لأن الاعتراف يمثل بالنسبة إليها التغيير السياسي الديمقراطي، وبالتالي إشراك النساء وشفائه من داء اسمه الذكور.
وخلصت أبو زيد في مداخلتها إلى ضرورة تبني الموضوع في نظرته الشمولية المتعددة والمتداخلة والمتجاوزة للمستوى البيولوجي، والممارسات الثقافية الغريبة عن التعدد الثقافي بكل فئاته الأمازيغية والحداثية.