يجسد المشروع العملاق لتهيئة خليج كوكودي، الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس في كوت ديفوار، الرؤية الملكية البراغماتية والجريئة، في آن، من أجل إفريقيا متمكنة من وسائل التكفل بذاتها.
ويتصف المشروع بكل المواصفات التي تجعل منه ورشا متفردا وغير مسبوق للتنمية المستدامة، له مزايا اقتصادية، وهو المسعى الذي يدعو إلى تحقيقه جلالة الملك بكل إرادة من أجل تحفيز الدينامية الاقتصادية المحلية والاندماج الإقليمي.
إن المغرب، بتعبئته لفائدة التنمية المشتركة جنوب – جنوب من خلال مشاريع مهيكلة تنفذ من قبل إفريقيا ولأجل إفريقيا، يدعم رأسمال ثقته لدى شركائه الذين أبدى لهم استعداده لجعلهم ينخرطون في مسعاه التضامني.
ويؤكد الاقتصادي السويسري جان مارك مييار، أن ما يميز هذا التوجه، كون المملكة، وبدفع وزخم من لدن صاحب الجلالة، لا تتخوف من الاستثمار في إفريقيا على المدى البعيد في أفق شراكة براغماتية ومفيدة للطرفين.
وأوضح أن التواجد باستمرار إلى جانب البلدان الواقعة جنوب الصحراء القريبة تاريخيا، يعد رهانا مربوحا، باعتبار أن التنمية المشتركة ومشاريع التعاون جنوب – جنوب ترهن مستقبل قارة مدعوة، عاجلا أم آجلا، إلى أن تشكل قاطرة للاقتصاد العالمي.
ويرى الخبير السويسري أن المغرب وكوت ديفوار سيستفيدان كثيرا من بناء نموذج من التكامل الإقليمي والشراكة الإستراتيجية المتقدمة، وهو المجال الذي منيت فيه إفريقيا بالفشل الذريع حتى الآن.
وعلاوة على طابعه الإستراتيجي والسوسيو-اقتصادي، يشكل هذا المشروع المغربي- الإيفواري الذي تبلغ تكلفة إنجازه 7ر1 مليار درهم، ورشا مفتوحا أمام طاقات البلدين، التي بوسعها، يدا في يد، استثمار خبراتها على الصعيد الإقليمي والقاري.
وبفضل هذا الورش المندمج والمؤسس لمناخ جديد من الشراكة، تجد الدينامية الإقليمية نفسها على موعد مع التاريخ، خاصة وأنه مشروع يهم إنجاز سد ومنشآت هيدروليكية وبحرية، وإنشاء بنيات تحتية طرقية، ومنشآت للولوج، فضلا عن إنجاز مارينا وحديقة حضرية.
وبغاية جعله أكثر جاذبية، سيتوفر الموقع على تجهيزات رياضية، وثقافية، وترفيهية وتجارية وفق المعايير الدولية، لفائدة ساكنة مدينة أبيدجان، بالدرجة الأولى.
لقد أظهر جلالة الملك، من خلال بادرة من هذا القبيل، إرادة في تقديم سند قوي لبلد صديق يعتزم تحقيق إعادة تموقع كقطب اقتصادي وسياحي في غرب إفريقيا.
ويكتسي المشروع أهمية بالغة إذ يهم تهيئة خليج كان يشكل مفخرة بالنسبة لكوت ديفوار بالنظر إلى جماليته وطابعه السياحي، وأضحى يتدهور على مدى السنين، تحت وطأة التلوث.
ويمثل المشروع رمزا لإفريقيا دينامية، مشعة ومنفتحة على المستقبل، تماشيا مع السياسة الإرادوية لصاحب الجلالة الرامية إلى جعل التعاون جنوب – جنوب دعامة التكامل الإقليمي حيث يجد الفاعلون الخواص ملاذهم الكامل.
ويعكس هذا الورش الطموح الذي يجسده جلالة الملك بروح عالية من الوضوح والبراغماتية، حرصا من جلالته على استثمار مكتسبات ومؤهلات إستراتيجية تتمثل في الاستقرار، والموارد البشرية، والمؤسسات، وجودة البيئة والتنمية المستدامة.
لقد سبق أن تم تجسيد هذا المسعى المميز من خلال إنشاء مجموعة الدفع الاقتصادي المغربية – السينغالية من مستوى عال، مكلفة بالنهوض بعلاقات الأعمال والشراكة بين القطاعين الخاص والعام في البلدين، وهي المجموعة التي تنضاف إلى هياكل مماثلة تم وضعها في عدد من بلدان إفريقيا الواقعة جنوب الصحراء، المنطقة التي تستوعب نصف الاستثمارات الخارجية المباشرة للمغرب.
ويتمثل النموذج البارز الآخر لهذه الدينامية الواعدة للتعاون المشترك في إطلاق مشروع مؤخرا بالعاصمة السينغالية، يهم عمل صندوق الإيداع والتدبير على تحويل مطار دكار لتشييد مدينة جديدة.
لقد تم إطلاق هذا المشروع العملاق بالنسبة لتنمية “مدينة أعمال غرب إفريقيا” بدكار قبل أيام، من قبل صاحب الجلالة الملك محمد السادس والرئيس السينغالي ماكي سال. وسيمكن بالخصوص من جعل العاصمة السينغالية تتوفر على قطب حضري ومدينة أعمال جد عصرية موجهة نحو إفريقيا مع الاستفادة من مواكبة وخبرة مدينة الدار البيضاء المالية.
Get real time updates directly on you device, subscribe now.