الغاية المبتسمة والرجل الأزعر
فنجان قهوة بدون سكر:
الغاية المبتسمة والرجل الأزعر
بقلم: عبدالهادي بريويك
لم تكن هجر ترغب في الهجرة إلى دول المهجر لولا ظروفها العائلية التي دفعتها للخروج وحب المغادرة؛ مغادرة طوعية دون انتظار تعويض من أحد بعد نهاية الخدمة وقد كانت تربي أجيالا في بيت أرستقراطي بأ ثمنة دون معنى أو مغزى.
هجر؛ هاجرت عبر قوارب الموت في اتجاه اسبانيا التي تبني اقتصادها على حساب ” أكتاف المغاربة الفاقدين للأمل والفاقدين للرغبة في التشغيل الذاتي داخل الوطن، هاجرت : دون رصيد أو معرفة بالواقع المجهول الذي ينتظرها هنالك خارج المياه الإقليمية للمغرب … عفوا للوطن .
بعد الهجرة …هجرة؛ هجر وقد أغراها البعض من المغاربة اللذين غادروا أرض الوطن وهم يركبون سيارات منسية من الزمن القديم المنسي، ومعتقدها الحلم والزواج برجل له شعر “أزعر” وعينان خضراوان وبيت فاخر وملتئم ومنسجم … وقادر على تحمل كل المسؤوليات …الرجل ” الأزعر ” المنسجم و الحداثي والغني القادر على تخليق هذه الحياة …رجل يؤمن بكل الحياة ولا يعشق التقاليد أو يحب رؤية السماء في كل الديانات …
وطأت قدميها المنهكتين … دولة إسبانيا … التي كانت تؤمن بغزو البلدان المجاورة وتستعمر وتستغل …فوجدت في طريقها عبد القادر …عبد القادر الذي يبيع ويتاجر في كل شيء… حتى في بيع بلده …أولاد بلده … بنات بلده ” قوادا “للرجل الأزعر” وأصبح قادرا على بيع الوطن بفعل ما يريده أو يبتغيه … في طمع دائم للحياة… فباع هجر … التي هجرت الواقع بكل مثبطاته و وأزماته، لأول مشتري في الطريق وبأبخس الأثمان ولم يكن مع بنت البلاد … في الموعد …
هجر داخل إسبانيا تم اغتصابها باسم الحلم، باسم تغيير الأوضاع … باسم مهاجرة سرية … دون هوية … دون أوراق … دون اعتماد … دون مستند قانوني …
تناوب عليها ” الرجل الأزعر ” كما تناوب عليها أبناؤه المراهقين كي يعلمهم معنى الرجولة أو الفحولة … باعتبارها لاجئة من بلد ووطن النعيم وعبد القادر … الذي يستقبل المهاجرات والمهاجرين سرا .. فقد بوصلة الحس والشعور بالوطنية والوطن وقد أفرغته ” تقواديت ” من الإنسانية والضمير …
بكت هجر كثيرا تذكرت سحر الذكريات وهي في كنف أهلها وطقوس الجيران وحرمتها داخل الوطن؛ لأنها فقدت الدفء والحنان وروعة الزمان والمكان؛ وغادرها الحلم الجميل ولم تعد من كثرة التناوب عليها … ما توحيه لها على وسادة النوم في عوالم الأحلام …وتذكرت أيضا مقولة طارق بن زياد …حينما فتح الأندلس وغزاها … وأحرق السفن وقال لجنوده الأبطال … ها قد صرنا نحن الأيتام على مائدة اللئام …
وتذكرت صبر وأناث أمها مريم وهي تخيط الملابس ليلا وتضحيات والدها ماسح الأحذية…
وكيف رباها في الوطن وجعلها حاملة شواهد عليا …وهو المؤمن أساسا ” بنتي قبل كل شيء ” وقالت في قرارة نفسها ” موسى: يا نعم الأب كم كان صدرك حنون وكنت مثل الحمقاء تملؤني بعطفك وتحيطني بكل الشجون واليوم أنا يا أمي مريم وأبي موسى قلبي جريح مملوء بمختلف الجراح وفي قفص ” الرجل الأزعر” صرت كالعصفور المسجون … لقد نمت يا وطني عن حلم ملأته بكل الشكوك والظنون ….