“مرايا الظلال” لعبد الغني عارف في المعرض الدولي للكتاب
مرايا الظلال هي سيرة الجرح هي محنة الأغصان الهاربة من ظلالها، هي جسر رابط بين ضفتين ضفة السوق وضفة القشلة والحي الإداري، ضفة الخبز الأسود الصلب وضفة الخبز الأبيض الطري ضفة مقبرة المسلمين في سيدي عبد الله وضفة مقبرة النصارى بتانوت، بين عالمين، يتقوضان تم يهويان، والسارد ذاته يتحول إلى قنطرة من الأحلام والانكسارات والأعطاب، وهو ليس فقط فردا معزولا عزلة داخلية غائرة ، هو جيل بل هو جماعة؛ فبقدر ما نقترب من الفردية، بقدر ما نغوص في قضايا كبرى وجماعات وأمكنة بعــــمق وحيوية وحساسية جديدة..
مرايا الظلال تذكرة ذهاب وإياب إلى مكانين: فالأماكن علامات استذكار وأنصاب تذكارية (أليلي، السوق،الأبراج الأربعة، إغير المودن، القشلة، تقات، الدوار الجديد، تايدة، حمام المخزن، حمام سيدي عاشور..)، وأحيانا وثائق تقدم دعما إلى الذاكرة التي يخذلها الصراع مع النسيان، بل إنابة صامتة عن الذاكرة “الميتة”، من أجل انتزاع بعض نتف الذكرى من ضراوة الزمان، من “الدفن في النسيان” كما يقول القديس أوغسطين.
إن مرايا الظلال على امتداد أحداثها، وفي خضم أزمنتها المتداخلة، وعبر شخوصها صدقي، أمني، حورية، الكابران المهدي، فضيلة،سعاد، فاطمة، منى، حليمة، مديحة، العمراوي،الناصر،إسماعيل، عياشي المسعودي، حمدان، عبد الحق، زنيدر، الصبار، با عمر.. وشخصيات أخرى محلية هامشية وشخصيات وطنية نضالية وشخصيات تراثية.. ثم كذلك الحضور الوجداني والثقافي للآخر المتمثل في شخصية (فرنسواز).
وتعدد اللغات واللسان من العربي والفرنسي والأمازيغي والتساؤلات الفلسفية حول الحرية، حول الذاكرة والنسيان، حول المصادفات والمفاجآت التي تغير المصائر إلى وجهات لم تكن معلومة.. والتساؤل عن العلاقة الموجودة بين التذكر والنسيان ..
استطاعت وبمقدرة إبداعية أن تكون وفية لعقدها وبنود ميثاقها الذي عاهدت عليه القراء في مدخلها وكذا رغبة التمرد المتأججة الني نحس بلهيبها، لتحطيم النمطي والسائد، ، وتمكنت فعلا من الخروج والتحول إلى فعل تساؤلي وإلى كتابة دلالية إيحائية حررت النص من الخطاب الصارم وتعبر بعمق عن “احتدام الرغبات البشرية” و”غرائبية المسارات الحياتية لشخوصها” والمساهمة في إنتاج “سرديات عربية مغايرة” وبعبارة بليغة لإدوارد سعيد ” السرد صيغة من صيغ التاريخ “..