الدوخة..
كتبها: احمد الدافري
الدوخة..
في النصف الأول من عقد تسعينيات القرن الماضي، دعاني أستاذ زميل طنجاوي كان يشتغل معي في الثانوية بأصيلة، لحفل زفاف أحد أقاربه في مدينة طنجة.
الحفل كان مبرمجا يوم السبت مساء.
ارتديت أحسن الملابس التي كانت لدي في البلاكار، وركبت سيارة أجرة كبيرة بعد أن امتلأت بستة ركاب من محطة الطاكسيات بساحة محمد الخامس بأصيلة، وقصدت طنجة.
كان أسوأ حفل حضرته في حياتي إلى حد اليوم.
السبب هو المغني.
لم يكن ممكنا تحمل صوته ولا أدائه.
كان يزعق بشدة، ويخرج عن المقام.
كان يعتدي اعتداء شنيعا على أغاني محمد فويتح وعبد الهادي بلخياط ومحمد الحياني ومحمود الإدريسي.
أحسست بضيق شديد وباختناق في صدري وساء مزاجي.
تعذبت كثيرا.
كان المدعوون جالسين ينصتون له ولا أحد منهم رماه بكأس أو قارورة، ولا قال له حتى اصمت الله يرحم لك الوالدين.
عندما ازداد الطنين في أذني، وتفاقم الصداع داخل رأسي، خرجت من الحفل، وأخذت سيارة أجرة صغيرة، وتوجهت نحو محطة السيارات والحافلات التي كانت وقتذاك توجد قبالة المرسى حيث كانت توجد محطة القطار ، وعدت إلى حال سبيلي.
فعلت ذلك دون أن أخبر زميلي الأستاذ الذي دعاني.
يوم الاثنين التقاني في الثانوية زميلي الذي دعاني إلى الحفل، وقال لي وهو منزعج بأنه بحث عني كثيرا داخل الحفل ولم يجدني، وسألني لماذا غادرت الحفل قبل أن أتناول طعام العشاء.
اعتذرت له وقلت له بإنني تعرضت لوعكة مفاجئة، جعلتني أشعر بالدوخة، فغادرت الحفل، وذهبت أبحث عن صيدلية.
نعم.
هي الأمور هكذا في كل المجالات.
هناك متطاولون على مسؤوليات ووظائف ومهام، يزعجونك ويعذبونك، ويجعلونك تشعر بالدوخة والغثيان.
وهذا ما كان.