خالد أدنون يكشف خطورة التقرير المصور للقناة الإسبانية الرابعة عن”اسكوبار”
خالد أدنون
مع الإقرار بحرية الرأي والتعبير وضمان الحق في التواصل والمعلومة وفق الضوابط القانونية والمهنية والأخلاقية المعمول بها وكذا المتعارف عليها، وإن كنا نسجل التعامل والتفاعل المسؤول للأمن المغربي مع واقعة التقرير المصور للقناة الإسبانية الرابعة TV CUATRO ، علما بأن رصيد الخروقات المهنية للإعلام الإسباني في تعاطيه مع قضايا ومصالح المغرب في تصاعد خطي ، فالواقعة تسائلنا جميعا مؤسسات حكومية ودون ذلك. وسأتوقف عند بعض النقاط أعتبرها أساسية:
إذا كان التقرير والتصريح قد صورا بالمغرب، فكيف منح الحق لقناة أجنبية أن تعد وتصور تقريرا، دون أن تنتبه إلى ذلك المؤسسات المعنية ، وأقصد هنا وزارة الاتصال، فكما هو متعارف عليه فالعمل الإعلامي في بلدان الاستقبال يخضع لمنطق الترخيص أتعلق الأمر بصحافة معتمدة أم لا. وليس الهدف من هذا هو الرقابة ولكن الضبط حفاظا على صورة البلد. فالمعمول به في الكثير من البلدان وعالميا هو التقدم بطلب لوزارة الاتصال وكذا المركز السينمائي المغربي مع إرفاق هذا الطلب بملخص أولي وبسيناريو مقتضب حول ما تود القناة إنجازه خاصة إذا تعلق الأمر بمواد غير إخبارية، كما الواقعة التي بين أيدينا. فهل احترمت المسطرة ؟
الواقعة، تطرح العديد من الأسئلة حول احترام القوانين وأخلاقيات العمل الصحافي وخاصة من قبل من أنجزوا التقرير المصور الذين لجأوا لحيل إعلامية لإضفاء الشرعية على عملهم الإجرامي، وهو ما يستدعي من وزارات الاتصال والعدل عبر وزارة الشؤون الخارجية والتعاون إلى الدخول في اتفاقات مع الوزارات الاسبانية المعنية، حتى يتمكن المغرب من تحصين صورته وحمايتها والدفاع عنها بكل الطرق القانونية المتاحة لدى السلطات الإسبانية.
هذه النقطة مرتبطة بالسابقة، وتتعلق بدورة المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري، الذي يمكنه عبر آلية الشراكة الثنائية مع إسبانيا وعلاقات التعاون والعضوية في العديد من مجالس والجمعيات والتجمعات الإقليمية والدولية لهيئات ضبط الإعلام السمعي البصري، من تحريك مسطرة تقويم هذا التجاوز والخرق السافر لقوانين وأخلاقيات العمل الصحافي.
هذه النقطة تدعونا من جديد للتفكير في تحصين المجتمع والفرد من كل من يحاول استغلال الوضعية الاجتماعية لشبابنا بهدف تحقيق سبق صحافي مزور، ولا تهمه في ذلك لا القوانين ولا أخلاقيات العمل الصحافي ولكن ما يهمه هو المبلغ المالي الذي سيتحصل عليه مقابل انجاز ذلك التقرير المصور، ولا يهم هل تم احترام مبدأ صدقية الخبر أم لا ؟. والمدخل الأساسي لتحصين الفرد هو عبر إدماجه في الصيرورة المجتمعية وتأطيره، وهنا نعيد طرح نفس السؤال أين دور المجتمعين المدني والسياسي ؟
والنقطة الأخيرة والتي كثيرا ما أشرت إليها، وهي ضرورة التربية الإعلامية فهي وبشكل سريع تمكين المواطنة والمواطن من كل الأسلحة للتعامل مع وسائل الإعلام، أي الانتقال به من المتلقي السلبي إلى الفاعل الأساسي في العملية الإعلامية. وهذا يمكن أن تقوم به كل المؤسسات حكومية وغير حكومية وإعلامية. وستزداد الحاجة إلى التربية الإعلامية في ظل هذا الانفجار الذي تعرفه تكنولوجيا الإعلام والاتصال وخلقها لفضاءات واسعة للحوار والتفاعل.
“جريمة” القناة الإسبانية، من وجهة نظري الخاصة، لا تختلف كثيرا عن نشر فكر التطرف والكراهية وتمجيد الإرهاب، تقتضي منا وقفة تأمل والتعامل بحزم “مع” و”من” كل المتدخلين في الصناعة الإعلامية والسينمائية. فالأمن الإعلامي والسينمائي مكون أساسي لاستقرار البلدان وأمن الأمم والشعوب.