مصطفى الكثيري: الذكرى الـ76 لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال معلمة بارزة ومنارة وضاءة على درب الكفاح الوطني
قال المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، مصطفى الكثيري، اليوم السبت بالرباط، إن الذكرى 76 لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944 تعتبر معلمة بارزة وعلامة متميزة ومنارة وضاءة على درب الكفاح الوطني.
وذكر الكثيري، خلال مهرجان خطابي، بأن المغرب وقف عبر تاريخه العريق، بعزم وإصرار، في مواجهة أطماع الطامعين، مدافعا عن مقدساته الوطنية والدينية ومقوماته وهويته ووحدته الترابية، وضحى بالغالي والنفيس في سبيل صيانتها وفي مواجهة المحتل الأجنبي الذي جثم على التراب الوطني منذ بدايات القرن الماضي، فقسم البلاد إلى مناطق نفوذ توزعت بين الحماية الفرنسية بوسط المغرب، والحماية الإسبانية بالشمال، والوضع الاستعماري بالأقاليم الجنوبية، فيما خضعت منطقة طنجة لنظام دولي.
وأضاف أنه لم يستسغ المغاربة، ملكا وشعبا، هذا التفتيت والتقسيم للتراب الوطني، فالتفوا حول العرش العلوي المنيف، وهبوا هبة رجل واحد في كفاح متواصل طويل الأمد ومتعدد الأشكال والصيغ لتحقيق الحرية والخلاص من نير المستعمر في تعدد ألوانه وصوره، مشيرا إلى أن أعمال المقاومة المسلحة تعززت بالنضال السياسي والعمل الوطني قوامه نشر الوعي الوطني وتنوير المجتمع المغربي حول المطالب الديمقراطية والاستقلال والرفع من الوعي السياسي للمواطن من خلال الصحافة الوطنية ومدارس التعليم الحر ودروس المساجد التي عمقت الوعي الوطني وأفرزت أشكال نضالية جديدة.
وأبرز المندوب السامي مواصلة مسيرة الكفاح الوطني بقيادة جلالة المغفور له محمد الخامس، طيب الله ثراه، الذي اغتنم فرصة انعقاد مؤتمر أنفا التاريخي في شهر يناير 1943 لطرح قضية استقلال المغرب وإنهاء نظام الحماية، مذكرا بالجهود والمساعي الحثيثة التي بذلها المغرب من أجل مساندة قيم الحرية والاستقلال والوقوف إلى جانب الحلفاء في حربهم ضد النازية وفي سبيل تحرير أوروبا من الغزو النازي، وهذا ما أيده الرئيس الأمريكي آنذاك فرانكلان روزفلت، الذي اعتبر أن طموح المغرب لنيل استقلاله واستعادة حريته طموح معقول ومشروع.
وتابع أنه “انسجاما مع مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها، حدث تحول نوعي في طبيعة ومضامين المطالب المغربية بحيث انتقلت من المطالبة بالإصلاحات إلى المطالبة بالاستقلال حيث شرع الوطنيون في هذا السياق، وبإيعاز من جلالة الملك محمد الخامس، طيب الله ثراه، في إعداد وتحرير وثيقة المطالبة بالاستقلال وتقديمها في 11 يناير 1944 إلى الإقامة العامة فيما سلمت نسخ منها للقنصليات العامة للولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، كما أرسلت نسخة منها إلى ممثلية الاتحاد السوفياتي آنذاك.
وأكد الكثيري أن وثيقة المطالبة بالاستقلال شكلت، في سياقها التاريخي والظرفية التي أفرزتها، ثورة حقيقية عكست وعي المغاربة المتقدم، وأعطت الدليل على قدرتهم العالية على الدفاع عن مصالحهم وتقرير مصيرهم وعدم استسلامهم لمشيئة المستعمر وإصرارهم على مواصلة مسلسل النضال الذي خاضه الأسلاف ضد الوجود الاستعماري.
وتم، بهذه المناسبة، تكريم صفوة من أسرة المقاومة وجيش التحرير وتوزيع إعانات مالية على عدد من أفراد هذه الفئة.
سياسي – و م ع