أكد رئيس الحكومة، الدكتور سعد الدين العثماني، أن بلادنا منخرطة إراديا في محاربة ومكافحة الفساد، لما له من انعكاسات سلبية على المجتمع، ولكونه يشكل إحدى العقبات الرئيسية التي تعيق التنمية والاستقرار في أي بلد.
وخلال استعراضه لمراحل تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد في الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة بمجلس المستشارين يوم الثلاثاء 21 يناير 2020 بشأن السؤال المحوري الأول، شدد رئيس الحكومة على أن “تحقيق النجاح في مكافحة الفساد ومحاصرته من شأنه الإسهام في تحقيق التنمية المنشودة وتحسين مناخ الاستثمار والأعمال، والرفع من مستوى عيش المواطنين، الأمر الذي يستدعي مكافحة الآفة في إطار رؤية موحدة ينخرط فيها الجميع”.
وفي هذا الصدد، حذر رئيس الحكومة من التهوين وكذا من التهويل في التعاطي مع موضوع مكافحة الفساد، معربا عن استعداد الحكومة للعمل لتضييق الخناق على الفساد بشتى أنواعه، “فليس بالتهويل يمكن كسب المعركة، وليس بالتعميم سنضع الأصبع على مكامن الضعف، وليس بالتشويه، سنقوي ثقة المواطنين والمقاولات، وليس بالمزايدات والتنابز سنحقق التظافر اللازم للنجاح”.
وبعد أن أنكر كل أحكام التبخيس والتغليط، أوضح رئيس الحكومة أن بلادنا وعت بشكل مبكر بالأخطار الحالية والمستقبلية لظاهرة الفساد وبنتائجها الوخيمة على كافة الأصعدة، “ما جعلها تنخرط طواعية في محاربته ومحاصرته، جاعلة هذا الأمر في صلب انشغالات الدولة”، مذكرا بمصادقة المغرب على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد سنة 2007، وعلى الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، إضافة إلى إفراد دستور 2011 موضوع الحكامة الجيدة بباب كامل، كما تم إحداث مؤسسات دستورية لهذا الغرض.
من جانب آخر، توقف رئيس الحكومة عند الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد التي اعتمدها المغرب للفترة ما بين 2016 و2025، والتي صيغت بطريقة تشاركية دامجة، أُحْدثت في إطارها لجنة وطنية بتمثيلية واسعة، للسهر على تنزيل هاته الاستراتيجية، التي اعتبرها رئيس الحكومة أساسية لأنها “تهدف تعزيز ثقة المواطنين في المؤسسات بجعل الفساد في منحى تنازلي بشكل ملموس ومستمر”.
وفي هذا السياق، أشار رئيس الحكومة إلى التزام الحكومة في برنامجها بتعزيز منظومة النزاهة ومواصلة محاربة الفساد، والعمل على تحسين تصنيف المغرب في المؤشر الدولي لإدراك الفساد، وضمان التنزيل الأمثل للاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد، إلى جانب ترسيخ منظومة القيم لدى المغاربة انطلاقا من المرجعية الدينية والوطنية، لا سيما الحرية، والمسؤولية، والنزاهة والمواطنة وحسن تدبير المال العام والمحافظة عليه، وكذا إرساء آلية لضمان سرعة التفاعل مع شكايات المواطنين المتعلقة بالرشوة وخرق مقتضيات النزاهة.
وفيما يتعلق بحصيلة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، تطرق رئيس الحكومة لما تحقق في مجال تحسين خدمة المواطن من خلال تحسين بنيات الاستقبال داخل الإدارات العمومية وتبسيط الخدمات وإطلاق بوابة الشكايات، إلى جانب التقدم في رقمنة الخدمات الإدارية والرفع من عدد الخدمات الإدارية الموضوعة على الخط والموجهة للمرتفقين.
كما عرج رئيس الحكومة على جملة من البرامج المساهمة في مكافحة الفساد ويتعلق الأمر أساسا بالبرامج الرامية إلى إرساء الشفافية والوصول إلى المعلومات وتعزيز الأخلاقيات وضمان الرقابة والمساءلة، إلى جانب تقوية المتابعة والزجر.
ولم يفوت رئيس الحكومة الفرصة للإشادة بما راكمته بلادنا في مجال مكافحة الفساد وبداية بروز مؤشرات إيجابية تدل على ذلك، لافتا الانتباه إلى ضرورة إتمام مسيرة محاربة الفساد رغم أنها “طويلة ومضنية، وهي بمثابة ورش وطني جماعي ومفتوح، نجاحه رهين بتظافر جميع الجهود وبانخراط الجميع بشكل واع وفعال”.