العدل والإحسان واستفزاز الدولة
محمد البوكيلي
بالأمس اعتقلت قوات أمنية ياسر العبادي ابن الأمين العام لجماعة العدل والإحسان، وهو أمر قاس على أي أب في الدنيا بالطبيعة البشرية.
لكن ما كان لهذا الأمر أن يشكل حدثا لولا أنه ابن زعيم هذه الحركة.
الملفت أكثر في الأمر هو ما جاء في البيان الليلي المستعجل الذي كتبه الناطق الرسمي باسمها فتح الله ارسلان، والذي لم يتوان في تبطين كلمات أقرب إلى التهديد والوعيد منها إلى اخبار الرأي العام. وهو ما يستدعي توضيح نقطتين لا بد منهما :
أولا وصف تدخلات الدولة بالإرهابية شيء غير مقبول ومجرم قانونا سواء في الخارج أو الداخل، وسواء كتبه شاب عادي او ابن زعيم حركة تضخمت لديها الأنا، وقبل الشاب ياسر، اعتقل عشرات الشباب الذين تجاوزوا هذه القواعد القانونية، بل إن كثير منهم وقع في المحظور عن جهالة وسوء تقدير، فما بالك بابن زعيم هذه الحركة.
فهل نحتاج هنا لقانونين أحدهما لعموم المواطنين وآخر لمنتسبي الحركة. طبعا مرفوض وغير مقبول وفيه كثير من الاستعلاء والاستفزاز للمواطن الذي هو جزء أساس من أركان الدولة القانونية.
ثانيا: اتهام الدولة باستفزاز الحركة، يوحي مبدئيا أننا داخل وطن واحد بدوليتين متنافستين، وبنظامين سياسيين متجاذبين، وبقانونين مختلفين، كما يوحي أننا أمام تنافس حول من يمتلك سلطة الدولة القانونية، وهو أمر كذلك مرفوض وغير مقبول وفيه كثير من التنطع والاستفزاز للمواطن الذي هو جزء أساس من أركان الدولة القانونية.
لذلك أعتقد أن فتح الله ارسلان الناطق الرسمي باسم حركة العدل والإحسان قد نال منه الاندفاع والحماسة الجاهلة، فالدولة نحن، ونحن الدولة، كمواطنين، كأحزاب، كعمال وموظفين وطلبة وعاطلين، ولا يمكن أن نقبل مطلقا أن يخرج من بيننا من يهددنا في جنح الظلام ولو من وراء سطور، وللمرة الألف وصف أعمال الدولة الإرهابية فعل يجرمه القانون سواء في هذه الظرفية الصعبة التي تمر بها بلادنا أو غيرها، وعلى السلطات المختصة أن تفتح تحقيقا عميقا فيما يقصده أرسلان، لأننا نريد أن نفهم مذا يقصد، لأنه ببساطة تهديد علني، وهو أيضا مجرم قانونا.