لاوطن لنا ثاني غير المغرب… أما غير ذلك فهو إنسلاخ من الهوية
سياسي / رضا الاحمدي
لقد اهتم المغاربة بشكل قوي ودقيق متتبعين أطوار الانتخابات الأمريكية التي فاز فيها الرئيس بايدن بفارق اصوات يعود فيها الفضل للجاليات المختلفة ومنها المغربية المقيمة في الولايات المتحدة الأمريكية ومشاركتهم الناجعة في رسم معالم مستقبل هذا البلد الذي يعتبر احدى الدول القوية عالميا ..
فشبكات التواصل الاجتماعي عرفت موجة واسعة في ترحابها لهذا الفوز الرئاسي الجديد وكان الجميع ينتظر النتائج بفارغ الصبر حتى لا يستمر عهد ترامب الذي أخلف موعده مع كل العرب المقيمين في امريكا .
فتغريدة مولاي هشام العلوي الذي قال عبر صفحته الفايسبوكية ( سعيد بأن وطني الثاني الولايات المتحدة قد استعاد روحه الحقيقية ويستمر التاريخ ) يحتمل قراءات متعددة لا بد لنا الوقوف على دقة كلماتها المرحلية ومدى عمقها بشكل دقيق , وفيه نوع من نشاز للانتماء للوطن المغربي وشبه عدم الاعتراف بالوطن الأم باعتبار سمو الأمير مقيم في امريكا التي اتخذ منها وطنه الثاني في استفزاز تام لمشاعر أمة مرتبطة بالعرش العلوي الشريف وبما حققه المغرب من منجزات ومشاريع كبرى وفي مستويات متعددة اولاها الارتقاء بكرامة الإنسان والمواطن وبالمسار الحقوقي وضخ روح التضامن الجماعي من أجل تقدم الوطن .
فهل يقصد سمو الأمير أن الانسان قد يغفو عن انتماءه للوطن الذي ارضعه حليب حب هذا الانتماء والانسلاخ من معتقداته وثقافاته المتعددة وبالتالي انسلاخ في إطار انفصام شخصية تغلب عليها طابع المصلحة الذاتية وفي متأى تام عن قداسة الوطن بكل إيجابياته وسلبياته ، قداسة وطن ولدنا فيه ويولد في اعماقنا في كل يوم .
فترامبأ(أو أمريكا ) الذي كان سببا في تعميق الشروخات بين الدول العربية من خلال سياسته الخارجية ولاسيما على مستوى الشرق الأوسط واضعا مخططات مفادها فرق تسد؛ وتهميش جاليتنا المغربية بدافع فكره العنصري وما عانت منه جاليتنا من اضطهادات كانت من بين الأسباب الحقيقية التي أدت إلى تراجع عدد المتعاطفين معه داخل صناديق الانتخابات الأمريكية ، وما سببته امريكا من مهارات تنكيس اعلام الحزن في دول عانت من التدهور الاقتصادي والبؤس الاجتماعي في رسم خارطة طريق دول عربية وكانت من بين الأسباب في بعض الثورات العربية التي أدت إلى انهيارها وتبدد مكتسباتها وتراجعت فيها الثروات الطبيعية والبشرية وانهارت حضارتاتها بفضل مخططاتها الرامية للتحكم أن تصبح الوطن الثاني للامير مولاي هشام ..
واذا كان البرنامج الانتخابي الذي تقدم به بايدن سواء تعلق الأمر في إعادة النظر في مجموعة من الملفات الكبرى المرتبطة بالساحة الأمريكية الداخلية والخارجية جعلته يظفر بهذا المقعد الرئاسي الذي سيشكل نقطة تحول في رسم معالم مستقبل العالم ولا سيما أمام ما فرضته ظروف الجائحة كورونا المستجد من تغييرات عالمية ودولية ولا سيما من الناحية الاقتصادية وحجم المبادلات التجارية.
فإن جاليتنا عبر العالم؛ أو مغاربة العالم كانت في مختلف صفحاتهم الفايسبوكية وتويترية متتبعة عن كتب لغة ارقام الصناديق الانتخابية وفرز الأصوات وكانت لهم وحدة الموقف في ضرورة عزل ترامب عن منصبه الرئاسي بقوة المشاركة الانتخابية وعدم الانسياق لمنظومة العزوف الانتخابي باعتباره آلة هدامة لكل انتقال ديموقراطي.
لكنهم كانوا ومازالوا يؤمنون بالوطن الأم ، وطنهم المغرب الذي رغم اقاماتهم في دول المهجر يضخون أموالا وعائدات مالية مهمة لانعاش اقتصاد الوطن .
امتحان الجمهوريين والديمقراطيبن بالولايات المتحدة الأمريكية، يمكن اعتباره درسا لكل الدول المقبلة على الانتخابات خلال الاشهر القليلة المقبلة ومن بينها المغرب في تحقيق التجربة الانتخابية الديمقراطية باستحضار الضمير الوطني ومن خلال تكثيف المشاركة الانتخابية وتقوية اللحمة الشعبية القادرة على صناعة القرار وتخليق الحياة العامة ودمقرطتها من خلال المشاركة النزيهة في العملية الانتخابية وعدم الامتثال لسياسة شراء الذمم والعودة إلى زمن نخاسة الأصوات بل الارتقاء بها الى مستوى رسم معالم الشعوب التواقة للتغيير والسير قدما نحو إشاعة فلسفة الديمقراطية الحقيقية والتعايش بعيدا عن افرازات الطبقات المجتمعية والمساهمة في صناعة القرار السياسي الحكيم الذي يؤسس الدول المتقدمة المؤمنة بقرارات تصويت شعوبها.
ليس لنا وطن ثاني غير وطننا الأصل المغرب الذي نفتخر به ونعتز بانتماءنا به ياصاحب سمو الأمير الذي تخون سموه الكلمات في معزل تام عن الحقيقة التي يعرفها المغرب منفصلا عن الهوية التاريخية والمجتمعية ولا سيما إذا ما استحضرنا واقع العمال في ضيعته الفلاحية والزراعية الذين يكافحون من أجل الحفاظ على مصالح بينما اجورهم تبقى متعثرة .
امريكا نجحت في امتحانها الديمقراطي لكن صاحب السمو الامير مولاي هشام اخفق موعده مع الوطن.