محمد عبد النباوي: حماية منظومة القانون الدولي الإنساني والنهوض بها واجب دستوري وتطويره مسؤولية الجميع
قال محمد عبد النباوي الوكيل العام للملك، رئيس النيابة العامة، اليوم الأربعاء بالرباط، إن حماية منظومة القانون الدولي الإنساني والنهوض بها واجب دستوري يتعين على الجميع المساهمة في تطويره.
وأكد عبد النباوي في كلمة خلال افتتاح أشغال الندوة المغربية القطرية المشتركة الثانية حول موضوع “القانون الدولي الإنساني وآليات التطبيق ” المنظمة لفائدة القضاة، على تشبث النيابة العامة في المملكة المغربية “بالتطبيق الصارم والفعال” لجميع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب سواء في مجالات حقوق الإنسان أو منع الجريمة وفي مقدمتها الاتفاقيات التي تشكل القانون الدولي الإنساني، مذكرا بأن المغرب فتح أوراش إصلاح كبيرة في المجال الحقوقي والقضائي انطلقت منذ المصادقة على دستور 2011 الذي أقر باستقلال السلطتين التنفيذية والتشريعية وأكد على سمو الاتفاقات الدولية التي تصادق عليها المملكة على القانون الوطني.
وأضاف رئيس النيابة العامة بأن المشرع بصدد تعزيز قدرات القضاء لبسط ولايته على الأفعال المجرمة بمقتضى معاهدة روما حول نظام المحكمة الجنائية الدولية، من خلال تضمين مشروع القانون الجنائي، الذي يناقش أمام البرلمان، تجريم جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.
وفي هذا السياق، أعرب عن ترحيبه بكل مبادرة للتعاون مع الهيئات والمؤسسات الوطنية والدولية من أجل تعميم ثقافة الالتزام بروح القانون الدولي الإنساني، والتمكن من إدراك أحكامه ومقاصده وإجادة تطبيقه من طرف جميع قضاة النيابة العامة .
من جانبها، أوضحت السيدة فريدة الخمليشي رئيسة اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني، أن هذه الندوة المنظمة بالتعاون مع اللجنة الوطنية القطرية للقانون الدولي الإنساني على مدى يومي 28 و29 نونبر الجاري، والتي تنعقد ضمن برامج الشراكة المتميزة بين اللجنتين الوطنيتين للقانون الدولي الإنساني في كل من المغرب وقطر، تروم توسيع اهتمام القضاة والخبراء المغاربة والقطريين والمتخصصين الأكفاء في علم القانون وفن القضاء بمجال القانون الدولي الإنساني، و الاستفادة من قراءتهم المهنية لنصوص كل الاتفاقيات الدولية والقانون الوطني.
وأبرزت السيدة الخمليشي أنه في الوقت الذي أوكل أطراف اتفاقية روما للمحكمة الجنائية الدولية اختصاص محاكمة الأفعال، التي جرمها القانون الدولي الإنساني، والعقاب عليها، “بادر معدو مشروع تعديل قانوننا الجنائي إلى تضمينه تلك الجرائم، ليتم استكمال منظومتنا الجنائية الوطنية في هذا المجال”. وأشارت في هذا السياق إلى أهمية الملاءمة مع نظام روما، بالنظر للدور التكميلي لاختصاص المحكمة الدولية المذكورة، الذي لا ينعقد إلا في حالة قصور القضاء الوطني بسبب انعدام القدرة أو الرغبة في محاكمة الجرائم التي يطالها اختصاص المحكمة، موضحة أن الملاءمة تساهم في حماية السيادة الوطنية الممثلة في السلطة القضائية التي تكون لها وحدها شرعية محاكمة المتهمين، مادام القانون الذي تطبقه لا يختلف عن قانون المحكمة الجنائية الدولية.
ومن جهته، سلط سلطان بن عبد الله السويدي وكيل وزارة العدل، رئيس اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني بدولة قطر، الضوء على أهمية مناقشة آليات تنفيذ القانون الدولي الإنساني “لا سيما في ظل الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي الإنساني في النزاعات الدائرة حاليا في العالم وفي وطننا العربي على وجه الخصوص” .
واعتبر السويدي في هذا السياق أن “الجمهور له كامل الحق” في طرح سؤال ” ما فائدة هذا القانون وقواعد ه لا تطبق على أرض الواقع؟” هذا السؤال الذي ينبع – برأيه – من واقع “يبدو فيه وكأنه لا توجد آلية قانونية تعاقب من يقترف مثل هذه الانتهاكات وتنصف الضحايا ” بالرغم من أن القانون الدولي الإنساني من أكثر فروع القانون الدولي تقنينا لكثرة عدد الاتفاقيات التي تنظم مواضيعه، إضافة إلى القانون الدولي الإنساني العرفي .
وتابع وكيل وزارة العدل القطري القول إنه إذا كانت انتهاكات القانون الدولي الإنساني وعدم تنفيذه “قد تحدث لأسباب متنوعة سياسية أو انتقامية أو لغرض تجربة أسلحة جديدة واختبارها في بيئة نزاع مسلح” فإن هناك في المقابل عوامل تدفع في اتجاه الالتزام بهذا القانون منها على مستوى الدولة، المحافظة على سمعتها والنأي بها عن النظرة السلبية التي قد توسم بها من قبل المجتمع الدولي، وعلى مستوى الجماعات المسلحة، فإنها ستتجنب ارتكاب انتهاكات جسيمة كي يحظى أفرادها المسلحون الذين ألقي القبض عليهم إبان النزاع بالعفو الشامل من قبل الدولة.
وأكد رئيس اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني القطري، على أهمية تفعيل آليات تطبيق هذا القانون من قبل الأطراف المنخرطة في النزاع المسلح، من خلال تعاون الدول مع بعضها البعض في هذا الإطار وتعاونها مع الأمم المتحدة ، مبرزا أثر ذلك في الحد من حالات الانتهاكات الجسيمة لهذا القانون، فضلا عن أهمية آلية المحكمة الجنائية الدولية كآلية مكملة للاختصاص القضائي الوطني .
ومن جانبه، أبرز باسكال موشلي رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالمملكة أهمية التعاون الوثيق بين اللجنة الدولية للصليب الأحمر واللجنة المغربية للقانون الدولي الإنساني في مجال تعزيز القانون الدولي الإنساني بالمغرب الذي صادق على اتفاقيات جنيف منذ 1956 ، منوها بجهود المملكة في خلق بيئة قانونية على المستوى المحلي، وتضمين قواعد واتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية في التشريعات الوطنية .
واعتبر موشلي أن التشريعات الوطنية المتينة التي تتضمن عقوبات ملائمة في حالات الانتهاكات هي “الوسيلة الوحيدة التي تضمن محاكمة المسؤولين مقترفي مثل هذه الافعال”.
تجدر الإشارة إلى أن اللجنتين الوطنيتين للقانون الدولي الإنساني المغربية والقطرية نظمتا في 15 أبريل 2016 في إطار التعاون المشترك الذي أطرته مذكرة التفاهم الموقعة بين البلدين في الدوحة، ندوة تعريفية بالقانون الدولي الإنساني من أجل التحسيس وتعزيز الوعي بالقانون الدولي الإنساني.