محمد الشاوي يودع ليلاه
محمد الشاوي يودع ليلاه
عبد السلام المساوي
تعرفت على محمد الشاوي في الثمانينيات …
جمعنا النضال في معبد الشبيبة الاتحادية في زمن كانت النضال اختيارا شجاعا …
جمعنا النضال بأحلام يسارية رومانسية…بأحلام اتحادية جميلة …
جمعنا التعايش الصوفي والمشاركة الوجدانية في التماهي مع أغاني ناس الغيوان ، لمشاهب ، جيل جيلالة ، مارسيل خليفة ، فؤاد نجم والشيخ امام….جمعنا الحلم الجميل …
مناضل هادئ …حكيم … والعينان ضاحكتان تعبران بالابتسامة عن هذا الحب اللامشروط للوطن ….لحزب القوات الشعبية ..
كان يفرح عندما ترفع الراية وتزهر الوردة صدق …يساري مؤمن بالقيم الكونية لليسار….انسان…أب …وللأب عواطف ومشاعر …الأبوة عنده تضحية وألحان …
عندما يتكلم يفرض عليك الانصات ، يتكلم بهدوء وبشاشة …هادئ في قوته وقوي بهدوئه …بشوش في تفاؤله ومتفائل ببشاشته… يمقت الانفعالات الطفولية والاندفاعات الحماسية…
كان عميقا وواعيا…كان مثقفا …كان وقورا …
لم يعد محمد الشاوي على قيد الحياة …
ولن يقاسمنا الهواء المثخن بالغياب …
توقف الرجل عن التأمل في الأجواء …
وحمل همومه في سكون إلى مثوى السكون ..
لن ينازع أحدا في الزحمة …
تاركا الكلمات يتيمة ؛
تاركا التوثيق والتأريخ ؛
تاركا الذاكرة حزينة ؛
تاركا رفيقة دربه ؛
تاركا الأهل والأحباب ؛
تاركا الأصدقاء والرفاق ؛
تاركا ليلى ؛
تاركا جبهة النضال من أجل ” الخبز والديموقراطية والوطن ” تشرح قلة اليد ؛
تاركا النخب لتستمتع بخيباتها …هاربة إلى تخصصها الجديد …
وهو التفوق الحقيقي في إحصاء الرزايا …
مات الرفيق الذي صاغ رفقة أخاذة في شخصيته …
بين النضال المبدئي والقدرة على استيعاب احترام الآخر …
الجذب في اتجاه حب الاتحاد هي طاقة محمد الشاوي …
في منازلة معاول الهدم وجرافات الاقتلاع …
لن أهيم في سرد مناقب مناضل تقدمه فضائله …
أحرفي هذه هي في حاجة إلى شحنة من الشجاعة للاقتراب من مناضل محترم في حضوره وغيابه…
لا ينكر …حتى الذين اختلفوا مع الشاوي …مهاراته الجذابة في دفاعه الدائم عن توطين المشروع الاتحادي داخل منظومة إنسانية متعددة الصراحات …
قوة المشروع في تحديد صراحة الهوية غير المتعالية على معطيات المجتمع …
قوة جديرة بالاختراق الناعم …
محمولة على ذهنية ثقافية صادقة ترفض الإلغاء …لذلك كان يفضل أن يعنون المسار ب ” معركة حفظ الذاكرة ” …
وهي معركة مكثفة بالخصوبة …
اختار سليل شمس الشرق ، سليل الهامش ، سليل تاوريرت ممارسة السياسة بدون مساحيق …
لم يبحث عن بطولة يوما ولا عن ” مقعد ” …
لم ينعت أحدا بسوء في غمرة الانقسامات والانضمامات والتوترات …
لم يخن أحدا….
لم يشتبك مع أحد …
ولم يفبرك دسيسة …
محمد الشاوي العزيز …
ذهب الراحل إلى نادي الكبرياء في التاريخ …
الصفاء في التاريخ هو القمة والرفعة …
رحم الله محمد الشاوي .