جمعية الشعلة للتربية والثقافة: إختتام الملتقى الوطني للشباب والإبداع
أسدلت جمعية الشعلة للتربية والثقافة الستار على فعاليات الملتقى الوطني للشباب والإبداع الذي نظمته بدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل- قطاع الشباب وقد استمرت فعاليات هذا الحدث الشبابي على مدار ثلاثة أيام بمركز العالية بمدينة المحمدية حيث توافد شباب من مختلف مدن ومناطق المغرب ليكونوا جزءا من تجربة متميزة تجمع بين الإبداع والتكوين والنقاش الفكري.
افتتح الملقى بكلمة رئيس الجمعية الأستاذ سعيد العزوزي تحدث فيها عن الدور الريادي لجمعية الشعلة في تمكين الشباب و الجهود التي تبذلها لخلق فضاءات للإبداع وصقل المواهب كما أكد على أهمية الملتقى كوسيلة للتعبير عن الذات وإطلاق الطاقات الكامنة مشددا على أن الإبداع ليس فقط وسيلة للتسلية بقدر ما هو أداة للتغيير وبناء المستقبل معتبرا الملتقى محطة متميزة للاحتفاء بالشباب باعتبارهم عماد المستقبل و الرأسمال البشري القادر على تعزيز الإبداع كأداة للتغيير الإيجابي وبناء مجتمع قائم على قيم الحرية والتعددية لما يتميز به من قدرة على صياغة الحاضر واستشراف المستقبل الشيء الذي يحذو بالشعلة لدعم طموحاتهم و أحلامهم بما يسهم في بناء مواطنين فاعلين ومؤثرين في محيطهم…
بعد ذلك انتقل المشاركون إلى جلسات نقاش حيث تعرفوا على أهداف وبرنامج الملتقى المليء بالورشات الإبداعية والأنشطة الفنية التي صممت بعناية لتلائم احتياجاتهم وتستجيب لتطلعاتهم…
منذ اللحظات الأولى حملت الأجواء عبق التفاؤل والرغبة الكبيرة في اكتشاف عوالم جديدة من الابداع وحيث بدأ المشاركون في التوافد نحو الورشات الإبداعية التي نظمت بعناية لتغطي مختلف المجالات الفنية والثقافية حيث الساحة الرئيسية كانت أشبه بمهرجان صغير لافتات ولوحات فنية معلقة كزوايا مفتوحة للقراءة ومناقشات فكرية تدور حول أهمية الفنون والإبداع في بناء هوية الشباب.
ومع بداية الأشغال التحق الشباب بفضاءاتهم الإبداعية وهي:
ورشة الإبداع السينمائي التي أطرها المخرج الشاب محمد أمين كصرى حيث قاد المشاركين في رحلة داخل عالم السينما ليتعلموا خلالها أساسيات كتابة السيناريو واستخدام الكاميرا والإضاءة وصولا إلى إنتاج أفلام قصيرة تحمل بصماتهم و مع توالي التجارب تحولت الورشة إلى مصنع للأحلام المصورة وسط عدسات الكاميرا ونصوص السيناريو ليعيش المشاركون تجربة حقيقية لصناعة الأفلام حيث تعلموا كيف يترجمون أفكارهم إلى صور متحركة وكيف يعبرون عن قضاياهم بأسلوب فني بصري متميز لتصبح الورشة بالنسبة للكثيرين بوابة لعالم السينما الذي طالما راودهم و منها لعالم الفنون الجميلة تحت إشراف الفنانة التشكيلية أمينة فايز التي غاصت بالمشاركين في عوالم الألوان حيث استخدمت الفرشاة كوسيلة للتعبير عن الأفكار والقصص التي حملوها من بيئاتهم المختلفة وكانت الألوان لغة التعبير الصادق و كيف يمكن للفن أن يكون وسيلة للتعبير عن الذات وتحقيق التوازن النفسي.
ورشة التواصل الرقمي وصناعة المحتوى أطرها الأستاذ عدنان الذي أوضح للمشاركين كيفيات و أليات استغلال منصات التواصل الاجتماعي بذكاء وحرفية ليتعلموا صناعة محتوى مؤثر يخاطب الجمهور وينشر قيما إنسانية إيجابية عبر الوسائط الرقمية حيث ضرورة استثمار الأدوات الرقمية لصالح قضاياهم ومواهبهم ليتعلم الشباب كيفية إنشاء محتوى هادف يجذب الانتباه مع التركيز على الأخلاقيات المهنية في استخدام المنصات الاجتماعية لتكون الورشة بمثابة فرصة لربط الإبداع بالتكنولوجيا.
ورشة المسرح بقيادة المخرج المسرحي إدريس كصرى كانت بوابة لتفجير الطاقات الإبداعية الكامنة لدى المشاركين الذين تدربوا على تقنيات التمثيل والتعبير الصوتي وحركات الجسد ليصبحوا قادرين على تحويل الخشبة إلى مساحة تعكس مشاعرهم وأفكارهم ولكي تحولوا إلى ممثلين حقيقيين علمهم با إدريس كيف يترجمون مشاعرهم وأفكارهم إلى أدوار درامية و حلق بهم في رحلة لاكتشاف الذات حيث رأى الشباب كيف يمكنهم نقل رسائلهم من خلال اللغة المسرحية الممتعة إلى عوالم الإبداع و التخيل…
ورشة التعبير الجسدي أطرها الأستاذ حمزة نيكرو وركزت على لغة الجسد كوسيلة للتواصل حيث تعلم المشاركون كيف يعبرون عن مشاعرهم وأفكارهم من خلال الحركات التعبيرية المدروسة وفتحت أمام المشاركين بابا جديدا لفهم لغة الجسد عبر تمارين رياضية وتعبيرية اكتشف الشباب من خلالها كيف يمكن لحركاتهم أن تنقل مشاعر عميقة ليصبح الجسد أداة للاتصال والتواصل
اما ورشة الموسيقى أشرف عليها الفنان عبد الرحيم بهيجة حيث ساعد المشاركون على اكتشاف أسرار التلحين وتقنيات العزف لتتحولت الورشة إلى سيمفونية منسجمة عزفها الحلم والشغف ومنها تعلموا كيف ينسجون ألحانا تعبر عن تجاربهم وأحلامهم …
وحين أسدل الليل أستاره على مدينة المحمدية بدأ المسرح الرئيسي في مركز العالية يتنفس روحا جديدة وكأنما ارتدى حلة سحرية تحت سماء مرصعة بالنجوم كان المكان مليئا بالأحلام والطموحات حيث التقت الإبداعات مع لحظات السمر الفني ونسجت لوحة شاعرية تتناغم مع أصوات الفرح والتحدي.
في ذلك المساء البهيج كان كل شيء معدا لإطلاق لحظة غير عادية بدأت ورشة السينما التي أضاءت بداية السهرة لتحول الضوء على الشاشة إلى حكايات و شخوص نابضة بالحياة حيث تسللت مشاهد أفلام قصيرة عبر الزمان والمكان وكانت أشبه بمرايا تعكس حكي الواقع في أبهى صوره و نسجت أحلام الشباب الذين تملؤهم الآمال بعيدا عن قيود الممكن لقد تالق الشباب في الابداع السينمائي بكل حب وحرفية حامين هموم المجتمع التي وشمت في نفوس المشاهدين رسائل غير قابلة للنسيان.
ومن السينما إلى ورشة الرسم والفنون الجميلة حيث تسللت الألوان إلى خشبة المسرح محملة قصصا تعجز الكلمات عن التعبير عنها كانت اللوحات نغمات تنبض بحب الوطن والتعلق بالهوية والتطلع إلى المستقبل كل لوحة كانت بوصلة معنوية تقودنا نحو آفاق جديدة من الإبداع والجمال اللا متناهي
و في لحظة غامرة تبدت نغمات جميلة نقلتنا إلى عالم آخر من السحر والإيقاع حيث كانت الأنغام ملاذا للروح لتتحول السهرة إلى أداء جماعي مفعم بالتناغم مع ألحان عزفت من أعماق قلوب المشاركين الشباب تحمل في طياتها أصواتهم و آمالهم وكأنهم يصرخون للعالم “هذا هو صوتنا، هذا هو حلمنا، ولن يصمت أبدا” و في زاوية أخرى تبدو اجساد رشيقة تتسلل للركح كضوء الصباح على نغمات موسيقى راقصة أظهرت قدرة فائقة على نقل الأحاسيس و حولت حركات جسد إلى قصائد حية تعبيرا عن المشاعر الخفية التي عجزت الكلمات عن نقلها حيث الأجساد مثل أجنحة محلقة تعبر عن الحلم والألم الفرح والخوف و كانت الحركات لغة غير قابلة للترجمة إلا من خلال الجسد وكأنها قصيدة بين الضوء والظل.
وفي غمرة الانتشاء الجماعي تبدى أبو الفنون بشخوصه الشابة على خشبة المسرح ليؤدوا مشاهد الدرامية القصيرة التي أثارت في الحضور مشاعر متناقضة فكانت كل كلمة وكل حركة تنبض بالصدق والعاطفة ايغرق الجمهور في القصص التي تم تجسيدها وكأنهم يعيشون لحظات حقيقية من حياتهم ويبحرون في بحر من الذكريات المؤلمة والمفرحة على حد سواء.
لاينتهي الحفل على نغمات باقة من الاناشيد الخالدة التي هيجت مشاعر الحب و الفرح و الافتخار بجودة المنتوج الذي قدمه الشباب ..
وفي صبيحة اليوم الموالي وقف الجميع في قاعة الختام حيث كانت البسمة تملأ وجوه الشباب رغم التعب الذي بدا واضحا عليهم وكانت النهايات الجميلة بمثابة تتويج للمجهودات التي بذلها المشاركون ورسالة واضحة أن الإبداع له مكانه الخاص في جمعية الشعلة حيث الأجواء كانت مزيجا من الفرح والفخر وكذلك الحزن على انتهاء هذه التجربة الملهمة و في جو مشحون بالعواطف تبادل المشاركون العناق والوداع لكن ذكريات هذه اللحظات ستظل حية في قلوبهم إلى الأبد هي لحظة مؤثرة افترق فيها الشباب و لسان حالهم يقول “ربما جئنا هنا بأحلام صغيرة لكننا نغادر اليوم بروح مليئة بالإلهام وما هي الا بداية جديدة تحمل معها وعودا حالمة والقادم أجمل.”
وهكذا انتهى الملتقى الوطني للشباب والإبداع ليترك في قلوب المشاركين بصمة لا تمحى وقد كان حدثا فنيا و ثقافيا بامتياز فتح نافذة جديدة لعوالم الإبداع وأضاء دروب الشباب نحو المستقبل و منحهم طاقة جديدة ورغبة قوية في مواصلة السعي وراء أحلامهم وبناء عالم أفضل مليء بالإبداع والابتكار