نساء التعاون الوطني بين سلطة الإدارة ……وخريف  الشعارات

نساء التعاون الوطني بين سلطة الإدارة ……وخريف  الشعارات.

سياسي: الرباط

تتجلى اليوم في أروقة مؤسسة التعاون الوطني صورة قاتمة تعكس واقعاً مريراً تعيشه آلاف الموظفات اللواتي يواجهن شتى أنواع التهميش والظلم المؤسساتي، فخلف الجدران الصماء، تختنق أصوات نساء كرسن حياتهن لخدمة المواطنين، ليجدن أنفسهن ضحايا لمنظومة إدارية متهالكة تتغذى على المحسوبية وتتستر على التجاوزات.

في الأشهر الأخيرة، تصاعدت وتيرة الشكاوى التي تصل إلى مكاتب المسؤولين، حاملة في طياتها قصصاً مؤلمة عن امتحانات مهنية تحولت إلى ساحات للترهيب النفسي، فبدلاً من أن تكون هذه الامتحانات منصة لتقييم الكفاءات وتطوير المهارات، أضحت جلسات استنطاق مهينة تمارس فيها بعض لجان التقييم سلطتها التعسفية بعيداً عن أي معايير مهنية أو موضوعية.

ولعل أبرز مظاهر الخلل في المؤسسة يتجلى في نظام الترقيات الذي تحول إلى سوق للمساومات والمحسوبية، فبينما تنتظر الكفاءات الحقيقية  سنوات طويلة للحصول على حقها في الترقية، نجد أن “الموظفين الأشباح” المحظوظين بعلاقاتهم مع أصحاب النفوذ يتسلقون السلم الوظيفي بسرعة مذهلة، في تجاهل صارخ لمبادئ الجدارة والاستحقاق.

إن المطلوب اليوم هو إجراءات عملية وفورية تبدأ بتشكيل لجان تحقيق مستقلة للنظر في شكاوى التجاوزات الإدارية، مع ضمان الحماية الكاملة للمبلغات.

كما يجب إعادة النظر في نظام الترقيات بشكل جذري، واعتماد معايير شفافة وموضوعية في التقييم والاختيار.

إن قضية موظفات التعاون الوطني ليست مجرد ملف إداري عابر، بل هي قضية وطنية تمس كرامة المرأة المغربية العاملة وحقها في بيئة عمل آمنة ومحفزة.

فلا يمكن الحديث عن تنمية حقيقية أو إصلاح مؤسساتي في ظل استمرار هذه الممارسات المشينة التي تهدر الكفاءات وتقتل الطموح.

وفي خضم هذا الواقع المرير، تتجه الأنظار اليوم إلى الوزيرة بن يحيى التي تواجه تحدياً حقيقياً يتمثل في إصلاح منظومة متجذرة في الفساد… فهل ستمتلك الجرأة والإرادة السياسية الكافية لفتح ملفات ظلت مغلقة لسنوات؟ وهل ستتمكن من كسر حاجز الصمت وإنصاف الموظفات المظلومات؟ …فهل ستكون سنة 2025، نقطة تحول في مسار هذه المؤسسة العريقة؟. تلك أسئلة تنتظر إجابات عملية، لا مجرد وعود معسولة تذروها رياح البيروقراطية.