استمرار الريع و الفساد و محاربة المفسدين لرئيس الحكومة عبد الإله بنكيران
الوعي السياسي غير مرتبط بالتعليم النظامي و الشواهد العليا، الوعي السياسي يتم اكتسابه عن طريق معاشرة العقلاء في هذا الوطن ،و متابعة مختلف وسائل الإعلام بسلبياته و إيجابياته ، و يتشكل هذا الوعي لدى الشخص بمرور الزمن و معايشة للأحداث و الانخراط في نضالات ذات أبعاد محلية أو وطنية أو دولية ، و تجد إلى جانب من يكتسب الوعي السياسي أشخاصا لا يهمهم من السياسة غير البحث عن المصلحة الشخصية و الحماية من المسائلة و المحاسبة بسبب ثقل الإفساد الذي ألحقوه بالآخرين أو بمؤسسات الدولة .
فكيف يمكن أن نسعى لتحقيق الديمقراطية بدون ديمقراطيين ،و بدون مناضلين حقيقيين ؟، و مازالت الغلبة لأشباه المناضلين و المزورين و المنتحلي صفة المناضل و هم مع قريرة أنفسهم مرتزقة يبحثون على منافذ في مؤسسات الدولة بما فيها الجماعات المحلية للإرتزاق و الاغتناء دون بذل مجهود فكري أو عملي سليم ، و لا تجد إلا من يدعي النضال و هم بشهادة الجميع يشتغلون على النصب و الاحتيال ،و يتصيدون الفرص للسطو على المال العام ،أو اقتسام غنيمة عن طريق السمسرة ،أو حصول على رخص و تمرير صفقات مخالفة للقانون .
الغريب في الأمر أن كل شخص ينتمي لحزب ما يعتبر نفسه مناضل ، في حين أن النضال ليس هو الانتماء إلى حزب ما أو نقابة أو منظمة ، بل النضال هو أن تخاطر بنفسك و تهب نفسك لله و فداء للوطن و الشعب لأجل تحقيق حقوق و الدفاع عن الحريات و محاربة الفساد ، و العجيب أنك تجد شخصا عليه الإجماع أنه فاسد و متخصص في الفساد و له ملفات قضائية لنهب المال العام و الممتلكات العامة أو المشاركة في صفقات مشبوهة أو متخصص في النصب و الاحتيال و هو يدعي أنه مناضل ، و النضال بريء منه و بعيد عنه كبعد الأرض عن السماء.
الديمقراطية في المغرب مع الأسف تبقى حلما لن يتحقق إلا بإرادة سياسية قوية من طرف الدولة، و الديمقراطية تبتدئ من سن قوانين تنظيمية و أخرى عادية و مراسيم ترسم معالم دولة الحق و القانون و المؤسسات ،و تجعل من القضاء مؤسسة قوية و نزيهة و ضامنة للعدل و الحق و الحريات ،و يتم قطع الطريق أمام من يجعل من مؤسسات الدولة والجماعات الترابية و الجهات مرتعا للريع و الاغتناء و السطو على المال العام و الممتلكات العامة و التورط في الصفقات الفاسدة و التوسط في رخص غير قانونية عن طريق التواطئات و التلاعبات و التحايل على القانون .
مع الأسف سيستمر المغرب لسنوات أخرى يعيش مرحلة الانتقال الديمقراطي ، حيث استمرار نفس اللعبة السياسية التي تنطوي على نهج أساليب ديمقراطية و غير ديمقراطية دون تحقيق الديمقراطية ، و قد أعطى مرارا الملك محمد السادس توجيهاته النافذة لتحقيق الديمقراطية الحقة لولوج نادي الدول الديمقراطية و نادي الدول الصاعدة اقتصاديا و تنمويا ، لكن تتحرك دائما لوبيات الفساد و تضغط في اتجاه الإبقاء على الوضع كما هو ،و هذا ما سينتج عنه نفور و عزوف كافة الشعب المغربي عن السياسة و الانتخابات، مما سيؤدي إلى احتقان اجتماعي و انسداد الأفق السياسي، و جولة أخرى من المواجهة بين الشعب و المفسدين الذين يحاربون رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران عوض أن يستطيع محاربتهم، رغم أنه يتوفر على سلطة قاهرة يستطيع بها ضرب الفساد و المفسدين، و وضع المغرب في سكة الدول الصاعدة و الديمقراطية التي يأمر بها الملك محمد السادس في كل الخطابات الملكية ، لكن المفسدين يتعقبونه و يحصون هفواته في البرلمان و يؤولون تصريحاته بكيفية غير لائقة ،و هو متردد في تطبيق القانون ضدهم و سبق و طمأنهم بمقولة عفا الله عما سلف.
و يكفي مدينة طنجة و ساكنتها فخرا على سبيل الذكر أن بها والي له من الطاقة للعمل و الاستقامة و الأخلاق بما يغني عن كل ما يمكن أن تسفر عنه الانتخابات القادمة التي لم تحدد بعد آلياتها موموانعها ، و أجزم و أقول أن مصير المفسدين و حماتهم الانزواء و النهاية آجلا أم عاجلا و الأيام بيننا.