الى احمد منصور: تكلمت يا سيدي، فرأيناك…
إلى الصحفي أحمد منصور،
هناك عقدة متمكنة من بعض الأشباه في الشرق توهمهم بأنهم آباء المعرفة والعلم والذكاء والمراس والشد والجذب والمناورة بل وحتى الفهلوة، وما المغاربة إلا أبناء عمومتها البعيدون… ولكنهم سرعان ما يكتشفون أوهامهم حين تطوح بهم عرض الحائط الذي رأوه قصيرا، وما هو بقصير…
الحقيقة أنه لم يُفتح لأحد قبلك قاموسُ “الحوشيات” كما فتح لك. فانظر ما كتبته بيدك في حق المغاربة واحكم بنفسك على نفسك، كم يلزمك من اعتذار: “الاحتقار، الفساد، العفونة، الساقطون، القوادون، سفلة السفلة، المستنقعات، المحرمات، الرذائل، اللصوص، المرتزقة، الخيال المريض، الرذيلة، الزنا، ارتكاب الفواحش، الفتنة، الفحش، الفساد، انعدام الرجولة، المرجفون، ناشرو الرذيلة والفواحش، الأفاقون، الشواذ، شذاذ الآفاق، عبيد أسيادهم، الحشرات، الطفيليات التي تعيش فى المزابل والمستنقعات…”
كل هذا لكي تـَخلـُص إلى أن هؤلاء لا يستحقون إلا الدهس بالحذاء، “أسحقكم بكلماتى هذه وأضعكم تحت حذائى …”
سيدي، لماذا استفضت في الاستعلاء البغيض حتى وضعت نفسك بنفسك في مقام ضفدع لافونتين؟
الحقيقة أنه قلَّ أن قرأتُ نصا بهذه الكثافة من الحقد ومن التفصيل فيه. الخطير ليس أنك استعملت بعض الكلمات التي تصف أرذل الصفات في قاموس العربية الرائع. الخطير والذي لا يمكن أن يمحوه اعتذار هو أن قاموسك لا يضاهيه في دقة التعبير إلا قاموس الدواعش…الفرق أن الدواعش يطبقونه على الأرض، سحقا وسحلا وذبحا وحرقا وسبيا وما إليه…
الحقيقة أنك آذيتنا جميعا أذى لم يبلغه مُتفيقه ٌ قبلك. أنت الذي آثرت أن تنحني للمال السهل في منابعه. خادما طيّعا في أيدي البداوة المتمنطقة بالفولاذ الأعمى والفراغ الوجداني المهول.
سحقتنا بحذائك الغاشم، “حشرات” ظننتها سهلة المنال، متفسخة العريكة.
“عبيد أسيادهم…” قلت؟ يا لحقارة الأيام…
لم تكن تعلم، أو كنت تعلم لا فرق، أن صحبك الذين آووك في المغرب ومكنوا لك فيه ووسوسوا لنفسك المتوثبة للنيل منا، نسيت ونسوا في غمرة الأضواء أنهم هم أنفسهم، وسأقول زعيمهم حتى لا أظلم الآخرين، أطاعوا بالأمس طاغيتهم إدريس الأصغر أيام “عزه” الزائل، يوم كان أحرار المغرب حقا لا زورا يقضون في السجون السنوات والعقود، لأنهم رفضوا الخضوع لكل الطغاة بلا استثناء.
أنت لا تعلم أو تعلم لا فرق ولا يهمّ. لأنك لا ترى في من حولك إلا صورة نفسك في أيدي الأسياد، فتمني النفس بالضَّعة للجميع حتى تتفادى المقارنة التي لا يمكن إلا أن تقزِّم أمثالك. لكم تمنيتَ أن يتساوى الجميع في العبودية، لكن هيهات…
سيدي،
أن تعتذر أو لا تعتذر، فذلك شغل الأرشيف الآن لا القلوب. لأنك أصبتها في الصميم بنزقك وخفتك وقلة رأيك الذي لا يضاهيه إلا نزق وخفة من آلوا على أنفسهم إلا أن يعيدوا على مسامعنا شيئا هو أشبه بنعيق روح شوهاء في صفحتهم التواصلية التي تحولت إلى صفحة تنصلية حين سحبوه وانسحبوا صامتين من هول ما اقترفوه فينا نحن أبناء جلدتهم، كما ينسحب الهر المذنب وذنبه معقوف بين رجليه…
سيدي،
يقول المغاربة الذين آذيتهم أشد الأذى: البصقة لا ترجع