المصطفى كنيت يكتب … هذه قصتي مع رئيس مجلس النواب
المصطفى كنيت
بعد 10 سنوات من الصمت المريب، من طرف نقابة تدعي الدفاع عن أخلاقيات مهنة الصحافة إزاء قضية يجهل تفاصيلها حماة “الأخلاق” المزعومة، قررت نقابة البقالي ومجاهد إخراج المارد من القمم، و جندت ما تبقى لها من “حياحة” أو على رأي المثل الشعبي “التابعين جيلالة بالنفوخي”، بمقابل أو بحقد أو بجهل، أو لمجرد أنهم لا يجيدون إلى “الشطيح” لأنهم فشلوا في مسارهم المهني، فشلا ذريعا، ولم يحققوا طيلته سبقا صحفيا، أو توفقوا في إنجاز استطلاع أو إجراء حوار صحفي مع شخصيات مرموقة، وطلوا دائما في الصفوف الخلفية لممارسي مهنة المتاعب يقتاتون على فتات مائدة “النضال” النقابي، لاحتلال مواقع، ليس بالكفاءة، وإنما بالخنوع والذل والاستكانة و”التبركيك”.
بعد هذا السنوات، أصدرت القيادة “التاريخية” لأزلامها تعليمات، بتهديد، هذا العبد المذنب، في رسائل نصية، عبر الواتساب، أو في تعليقات على صفحة أحدثها النقابة لهذا الغرض، بنشر بعض الأحداث التي تهم مساري المهني، تندرج بكل بساطة، بما يسمى بـ “أخطار المهنة”، لم تتخذ النقابة الوطنية للصحافة المغربية بشأنها أي موقف في حينه، ولم تكلف نفسها البحث عن الحقيقة، مادام الأمر يتعلق بأخلاقيات المهمة ، بل اختارت أن ” تضرب الطم” لاعتبارات سياسية محضة.
وفي هذا السياق، كلّفت النقابة، أحد مرشحي لائحة التحالف الهجين الذي أسقطته بالمظلة، في آخر لحظة، أن يقول أمام جموع الصحافيين، خلال انعقاد المجلس الوطني الأخير، الذي حضره حتى بعض الذين صدرت في حقهم أحكام قضائية، بالإدانة، لا مجرد أشخاص كتب في حقهم رئيس مجلس النواب رسالة، أن يخرّج عينه، ويدفع سنطيحته إلى الأمام، و يخطب على الحاضرين أن مرشحا في لائحة “التغيير” متورط في ابتزاز نواب برلمانيين، ناسيا أنه ظل اليد اليمنى لتوفيق بوعشرين، يصله صدى آهات وصرخات الضحايا، من دون أن يجرؤ، على انقاذ زوجة صديقه الحميم أو أن يبادر بالتبليغ عن هذا الجُرم الأليم، بل اختار الصمت مقابل زيادات متواليه الآجر.
اليوم بعد أن فر، وظن أنه اطمأن، أراد أن يحكي للناس قصة الآخرين، و يتكلف بالدفاع عن البرلمانيين، رغم أن مصطفى المنصوري نفسه، لم يستطع ذكر إسم ولو واحد منهم، و رغم أن السادة النواب، لا تعوزهم الكفاءة أو النقوذ للتبليغ أو المال لتكبيل يدي أو فم أي صحفي وشراء ضمائره، خارج قواعد الابتزاز ، كلفه أسياده أن يهاجم صحفي ظل يغطي طيلة عشر سنوات أشغال البرلمان بكل نزاهة، ويحفظ كواليسه بكل دقة، وينشر أسراره بكل جرأة، كانت تزعج المؤسسة التشريعية كلها، لدرجة أن مجلس المستشارين خصص ذات مرة بداية جلسة لمقال نشرته في “الأحداث المغربية” التي كنت مسؤولا عن مكتبها أنذاك بالرباط، وأن عبدالإله بنكيران رئيس الحكومة الأسبق “تخاصم” معه أمام الصحفيين بعد أن نشر اسمه ضمن لائحة النواب الأكثر تغيبا عن الجلسات.
هذه قصتي مع البرلمان فاحكي لنا قصتك مع “بوزنطيط” الذي تزن ” ترمته” طنا ونصف بلغة النقيب محمد زيان…
في ماي 2008 قرر رئيس مجلس النواب مصطفى المنصوري، الذي لم تدم رئاسته إلا نصف ولاية، تلاها عزله من الحزب، و دخوله في خندق النسيان، قبل أن يتم تعيينه مؤخرا سفيرا للمغرب بالمملكة العربية السعودية، منع عدد من الصحافيين من تغطية أشغال مجلس النواب، وكنت من ضمنهم، لأسباب، أكتفي بسرد ما يخصني منها.
1: بمجرد أن تربع مصطفى المنصوري على قمة هرم المجلس، عيّن كاتبا عاما، كان نائبا سابقا عن مدينة طنجة إسمه، عبدالحميد خليلي، و كانت له سلطة مطلقة على الرئيس، وقدرة على استصدار القرارات منه، و هذه حقيقة يعرف التجمعيون تفاصيلها بدقة..
و قد كان تعيين هذا الكاتب العام، الذي لا علاقة له بالمنصب، مثار تساؤلات، داخل حزب التجمع الوطني للأحرار نفسه، لكن مصطفى المنصوري، أصبح يمتلك و يمارس سطوة مطلقة، بعد انتزاعه الحزب من منافسه، مصطفى عكاشة، رحمه الله، الذي كان المرشح المفضل، لكل من صلاح الدين مزوار ورشيد الطالبي العلمي وشفيق الرشادي و محمد عبو… لشغل مرحلة ما بعد أحمد عصمان، وقد تقوت هذا السطوة بعد أن أصبح رئيسا لمجلس النواب، قبل أن يسترد الأحرار الحزب منه، في مؤتمر استثنائي بمراكش، و يخرج من الباب الضيق بعد زمن قصير جدا.
ولي مع الرجلين معا قصتان:
أ: أنني كنت من المقربين جدا من الراحل مصطفى عكاشة، كما أسلفت، و هي حقيقة يعرفها الكثيرون من أطر البرلمان وقياديي الحزب والوزراء والأمناء العامين للأحزاب، وكان طبيعيا أن أؤدي ثمن هذا القرب، بعد فوز المنصوري بالرئاسة، الذي سبق له أن عاتبني عما اعتبره انحيازا مني للراحل عكاشة، وذلك بحكم ما يجعمني بالمنصوري من علاقة، يعرفها جيدا الكاتب العام لوزارة الاتصال الحالي، محمد غزالي، وهو شاهد عليها.
ب: أنني نشرت عددا من الأخبار تتعلق بالكاتب العام المعين، سواء تلك التي تهم ملف وصية الدوق دي طوفار بطنجة أو تلك التي تتعلق بفضيحة جنسية بهافانا أثناء مشاركة عبدالحميد خليلي في مؤتمر اتحاد البرلماني الدولي بكوبا، بالأدلة والشهود، الذين لم يفضلوا الصمت، بل اختاروا تبليغ الصحافة، رغم أن وضع رئيس تحرير ” أخبار اليوم” مرشح لائحة النقابة كان يقتضي أن تبلغ النيابة العامة، فإنه لم يقم بهذا الواجب، وهي جريمة يعاقب عليها القانون.
من دون ان أدخل في تفاصيل أخرى تهم الأدوار التي قامت بها زميلة و زميل من “الأحداث المغربية”، ترددا كثيرا على مكتب الرئيس، ومن بعده الكاتب العام، قبل أن يتكلف أحدهما بكتابة تقرير بخط اليد، يقول فيه ” إنني أبتز البرلمانيين”، ليكلفه مدير نشر ” الأحداث المغربية” أن يأتيه برسالة، تحمل هذا الاتهام، و هي الرسالة التي تكلفت الزميلة بإقناع الكاتب العام بكتابتها و وقع عليها مصطفى المنصوري مغمض العينين، من دون أن يستطيع الإدلاء بإسم برلماني واحد تعرض لهذا الابتزاز، إلا إذا كان نشر أخبار البرلمان والبرلمانيين ابتزازا.
و لقد اجتمعت في هذا الحادث إرادتان:
ـ إرادة مصطفى المنصوري وكاتبه العام في التخلص مني، حتى لا أستمر في ازعاجهم بالكتابة طبعا، لأنني كنت و لا أزال أتوفر على شبكة من العلاقات تجعلني أصل إلى المعلومة التي هي عصب الإعلام، ولأنني كنت أعلم تفاصيل ما يدور في أمعائهما.
ـ إرادة مدير النشر أنذلك سي محمد البريني ( عضو لجنة اختيار مرشحي النقابة)، الذي أراد أن يتخلص مني، بعد أن اشتد ساعدي، رغم أني لا أملك أخلاق أولئك الذين يرمون من علّمهم.
وفي هذا السياق، شرع محمد البريني في ممارسة رقابة شديدة على مقالاتي، بل أصبحت ترمى إلى داخل الجريدة بعد أن كانت تحتل صدر الصفحة الأولى، في إطار تضييق ممنهج يروم دفعي مغادرة الجريدة، لأني أصبحت عنصرا غير قابل للترويض، وفي اتصال مباشرة مع صناع القرار، الذين كادوا أن ينسوا أن للجريدة مسؤولا بالدار البيضاء، بعدما وجدوا في الرباط صحفيا يفي الغرض كما يقال.
و قبل أن أقدم استقالتي من جريدة ” الأحداث المغربية”، لا أن أطرد منها كما تدعي النقابة وحواريوها، بعد اتفاق مع البريني و محامي المؤسسة، محمد كرم، مقابل تعويض، اصطدمت مع مدير النشر مرتين:
الأولى: بعد تعيين حكومة عباس الفاسي، في نونبر 2007 حيث اتهمت “أحزاب” وصحف المستشار الملكي، المرحوم عبدالعزيز مزيان بلفقيه، والمستشار الملكي، محمد معتصم، بالتدخل في تشكيل الحكومة، فقررا الرد، و فتم الاتصال بي لإجراء حوار معهما رغبة منهما في رفع أي لبس في هذه القضية بالضبط، فأخبرت مدير النشر محمد البريني، هاتفيا، بالأمر، و بعد ساعة أخبرني أن صحفيا سيأتي، في الغذ، من الدار البيضاء ليجري رفقتي الحوار، لكنني أجريت الحوار وتركت “مبعوث” البريني ينتظر في محطة القطار، لأنه ـ أخلاقيا ـ لا يمكن لي أن أصحب معي لحوار مع مستشارين ملكيين، شخصا لم يطلبا حضوره أو قد لا يرغبان فيه أصلا.
الثانية: أنه حدث أن تم اتصال بي لأكون ضمن الوفد الصحفي الذي سيرافق الوفد المغربي لهيوستن، لتغطية أول مفاوضات مباشرة بين المغرب و “البوليساريو”، فلما أخبرت محمد البريني بالأمر، رد علي بنبرة غاضبة ” ما غاديش تمشي خصهم يتصلوا بي أنا “، فاعتذرت عن الذهاب، و قد اختار مدير النشر الزميل رشيد عفيف لاصطحاب الوفد.
طبعا هذه بعض المعطيات التي قد تجعل الزملاء في الصورة، وعلى من يمتلك المزيد من المعلومات أن ينشرها، أما أنا فمستعد للتوضيح.
و للإشارة، لقد كان بإمكاني سير بعيدا في مواجهة البريني و المنصوري أنذاك أمام الرأي العام وأمام المحاكم، لكن كنت مغلول اليد، لأن زوجتي، الزميلتكم فطومة نعيمي، كانت تعمل في نفس المؤسسة ولا تزال، وخفت أن يطالها الانتقام، فأحجمت على اتخاذ أي إجراء، رغم أن زعيم حزب كبير طلب مني أن أكلفه بالملف.
هذه قصتي، و هناك قصص أخرى سنريوها لزملائنا الصحافيين، لكي يعرفوا جيدا ما يحيق بهم من مكر من طرف نقابة، تريد أن تسحق جميع الصحفي إرضاء لأنانية قيادييها الشخصية، و سنشر قصصهم تباعا، حتى يتبين الحق من الباطل، ويظهر الخيط الأبيض من الأسود..
سنحكي لكم عما حدث في تونس و طرابلس، ومدريد وباريس وعن التقارير المكتوبة بخط اليد، قبل أن تتوفر آلات الرقن، والكلام الذي يقال في الصالونات من طرف الذين يأكلون نعم هذا الوطن ويسبون ملته… و البلاغات التي صدرت للتضامن و الزوجات و العشيقات و يا “حلو”، والأملاك والشقق في باريس و طلبات الجنسية… ليس من باب التشفي، ولكن من باب كشف الوقائع، و تقديم الحقائق لا أقل و أكثر.