عيب يا سيادة الوزير .. من هم “المرتزقة” ؟
بقلم : علي بوزردة
ما معنى الإرتزاق والمرتزقة والبحث عن الرزق؟ منذ عدة أيام، والنقاش حول هذه الكلمات الثلاث، يدور في “حلقة مغلقة” بين مجموعة من الصحفيين والمناضلين الشرفاء، في زمن لم يبق فيه للنضال من أجل الحق والكرامة والكلمة الصادقة أي طعم ولا لون ولا صدى…
وكذلك في زمن أصبح فيه من كنّا نظن أنهم “عقلاء” و”خير سلف” لخير خلف يشتمون أبناء جلدتهم “فابور” على الهواء مباشرة من عاصمة الضباب، ويُنصبون أنفسهم قضاة لمحاكم التفتيش.
يتعلق الأمر في هذه النازلة، بالأستاذ مصطفى الرميد، وزير حقوق الإنسان حاليا ووزير العدل الأسبق، وهما منصبان متكاملان – – مع العلم أن الكمال لله وحده – -، لكن لم نكتشف مع كامل الأسف لا عدل ولا حق في كلام رجل القانون هذا، حيث صدمنا بتهوره بعد أن كشف عن عضلاته اللغوية العنيفة وكأنه في مرافعة سياسية تذكره بأيام محاكمة “مجموعة إغيري” الإرهابية.
ماذا قال الأستاذ الرميد – – الذي لا يجب أن ننسى أنه زميل ورفيق درب مصطفى الخلفي، وزير الاتصال سابقاً والناطق باسم حكومة العثماني حالياً – -، قال بالحرف إن قطاع الإعلام والصحافة يعج ب: “المرتزقة”، يعني بعبارة أخرى “البانديا”، و”السعاية” و”المقارجية”… وهلم جراً..
والمرتزقة في الأصل هم : “مَنْ يحاربون في الجيش طمعًا في المكافأة المادِّيَّة ، وغالبًا ما يكونون من الغرباء فرقة مرتزَقة”، وهنا يُطرح سؤال: هل اختلطت الأمور على المسؤول الحكومي هذا الى درجة اعتبر فيها حمَلة الأقلام هم حملة السلاح. أمر غريب غرابة الزمن المغربي…
كلام الرميد، الذي يُعتبر أحد “صقور” البيجيدي، حتى لا نقول “بنعرفة”، لأنه “لا مجال للمقارنة مع وجود الفارق”، تقول العرب، جاء في سياق الجدل الساخن القائم منذ بداية الصيف حول مآل المجلس الوطني للصحافة والذي تدور حوله تخوفات بعض الزملاء من أن يختلط فيه ما هو “وثني” ب: “السخافة”، ويصبح كما تقول العامة : “يدي ويد القابلة …” ، راه الأخبار في راسكم!
باختصار يا سادتي يا كرام ، أراد الرميد إلا أن “يُمرمد” في التراب سمعة الصحافة والصحافيين المغاربة أمام مشاهدي قناة البي بي سي البريطانية من المحيط الى الخليج الفارسي، وينعت البعض منهم بالمرتزقة. بل ذهب بعيداً في تحليله للوضعية المأساوية للقطاع بأن حمَّل المسؤولية لأصحاب الأقلام، ونسي “عن سبق الإصرار والترصد” أن المسؤولية أولاً وأخيراً ملقاة على عاتق “الحكومة الملتحية” وعلى رأسها مصطفى الخلفي، الوزير “مول الشكارة” والخبير في الإعلام والاستعلام الامريكي، وشرذمة من “البؤساء” الذين ألفوا التملق والاسترزاق والريع مهما كلّف ذلك من ثمن، ولو على حساب الأخلاق في قطاع حساس رأسمال مصداقيته أولاً وأخيراً : الأخلاق .
الاستاذ الرميد دلى بدلوه في قطاع يعرف أزمة حقيقية، وهو رجل بعيد عنه كل البعد عن الميدان، اللهم إلا اذا كان تدخله التلفزيوني “المفاجئ” هو من باب: “أعن أخاك ظالما أو مظلوماً..” . لكن المشكل هو أن “الأخ” هذا ليس ضحية الصدف بل طاغية، وذلك منذ أن حط رجله اليمنى بمكتب وزارة الاتصال في الرابع من يناير سنة ٢٠١٢. أنذاك أراد باسم البيجيدي أن يتحكم في قطاع الإعلام بما فيه السمعي-البصري “لغرض في نفس يعقوب”، إلا انه فشل فشلاً ذريعاً باستثناء تحالفه مع “الزعماء الخالدون” لبعض النقابات والفدراليات وبعض الكتبة الذين كانوا ولا زالوا يبحثون عن “رزق حلال” من عند “الإخوان” بل وحتى من عند “الكفار”.
أيام زمان، كان السيد عبد الإله ابن كيران يتكلم ليل نهار عن “العفاريت والتماسيح” وعن “الريع” وأهله، ونسي أو تناسى (سامحه الله) التمساح الأكبر والحقيقي الذي نفذ الى قطاع الاعلام والصحافة وعاث فيه فساداً باستعماله بدهاء واسلوب ماكيافيلي أموال الدعم الحكومي للصحافة التي كانت رهن إشارته… ب: “بسخاء حاتمي” مع المقربين والمهرولين … أسكت أصوات واستعطف أخرى وقوى صفوف الملشيات الالكترونية التابعة لحزب المصباح بمباركة ومساندة “فرعون وهامان” وغيرهما في الدارالبيضاء وطنجة …وتحت أنظاره طبخوا “صلصة” المجلس الوطني للصحافة على نار هادئة خلال ثلاث سنوات ونيف في غفلة من أهلها …حتى دخول القطاع في النفق المظلم الذي نعيشه الآن، ومحاولة إخراج مجلس الحكماء الى الوجود رغم الإقصاء والتزييف والبلطجة ورفض الأغلبية الصامتة والأصوات المنددة والغاضبة التي تدعو الى التغيير . “ما هكذا تورد .. الإبل” يا أخ العرب !
الاستاذ الرميد محامي بدأ يسطع نجمه منذ محاكمة “مجموعة حسن إغيري” سنة ١٩٩٤ أمام المحكمة العسكرية بالرباط ( ملف تهريب الأسلحة الى GIA الإسلامية بالجزائر)، والرجل يملك من الخبرة والتجربة ما يكفي لمعرفة ماذا يجري ويدور في قطاع الاعلام، لكنه غض الطرف وقفز على “الحائط القصير ديال الصحفيين”، وقال كلاماً لا يُشرف وزيراً في حكومة مغربية وبلاد ذات سيادة من المستحيل أن يسمح فيها القانون شتم السلطة الرابعة مهما كان الأمر…
ونقول لسيادة الوزير بالواضح : إن لم تحترم صحافة بلادك فاحترم نفسك ومنصبك على الأقل، واترك لنا “الغسيل الوسخ” نتكلف بتطهيره فيما بيننا بعيداً عن أنظار ومسامع الأجانب والأعداء من جهة، ومن جهة أخرى، من تدخل فيما لا يعنيه سوف يسمع ما لا يرضيه … أما من جانبنا فلا نتدخل في “الغسيل الوسخ” لهيئة المحاميين، كما لا نطالب بأن يعين صحافي ضمن مجلسها الموقر كما فعل مصطفى الخلفي حيث عمد على فرض أشخاص غرباء عن الميدان ضمن المجلس الوطني للصحافة، وكأن الصحفيين لا زالوا قاصرين … يا لها من مهزلة حقيقية !
لو كان الصحفيون المغاربة مكانك سيادة الوزير، لقدموا اعتذاراً رسمياً … ومهما يكن من أمر “اللسان ما فيه عظم”، ولا زالوا يأملون أن يكون هذا من شيم أهل المصباح .. ولما لا ؟
وقبل الختم، نهمس في أذن السيد وزير حقوق الانسان، بأنه رغم حقهم في اللجوء الى القضاء بسبب الشتم والقذف الذي ورد في المداخلة التلفزيونية “pour sauver le projet du soldat Khalfi”,، فإن الصحافيين المغاربة من باب التعفف لن ينزلوا الى مستوى التماسيح والعفاريت ، وقانا الله شرهم…
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرتيكل١٩