حقوقيون وأساتذة باحثون يؤكدون: هناك حاجة لعلمنة المجتمع المغربي، في المقابل لازال ينقص الشيء الكثير
احتضنت قاعة غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة فاس مكناس يوم الجمعة 14 دجنبر 2018، ندوة وطنية في موضوع: ‘العلمانية والمواطنة’، نظمها نادي الثقافة المواطنة 3C والهيئة الاستشارية لحركة قادمون وقادرون لجهة فاس مكناس بشراكة مع المنظمة المغربية لحقوق الانسان، افتتاحها رشيد بلبوخ رئيس نادي الثقافة والمواطنة والمنتدى الترابي الهيئة الاستشارية للحركة بالجهة.
وقال المصطفى المريزق الناطق الرسمي لحركة قادمون وقادرون-مغرب المستقبل، ومؤسس نادي الثقافة المواطنة، إن الندوة الوطنية تأتي في سياق تخليد اليوم العالمي لحقوق الإنسان، كما أنها مناسبة للتفكير الهادئ والرصين في مجموعة من المواضيع ذات الطابع الراهني وبالتالي محاولة المرافعة لدى السلطات المسؤولة قصد توفير فضاءات ثقافية واجتماعية يستطيع فيها المواطنون التعبير عن أفكراهم بكل حرية وبشكل هادئ بعيدا عن ضجيج الشارع.
وبذات المناسبة، ألقى المحامي الوزاني الشاهدي كلمة باسم المكتب التنفيذي للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان كلمة ذكر فيها بضرورة حياد الدولة الذي يعتبر شرطا من شروط العلمانية واحترام تنوع الخيارات العقائدية والمذهبية، وضمان حرية المعتقد والتوفيق بين العقيدة الدينية والقوانين التي تحكم المجتمع ضمانا للعيش الممكن.
وخلص محمد فاضل أستاذ باحث في علم الاجتماع بجامعة سيدي محمد بن عبد الله في مداخلة له في الموضوع إلى أن العلمانية لها من القدرة على التفاوض مثل الحداثة، ليؤكد أن المدافعين عن العلمانية أو منتقديها يجهلون مع الأسف التطورات التي حصلت على مفهوم العلمانية حيث أن إشكالية علمنة المجتمع لازالت إلى الوقت الحالي مطروحة على كل المجتمعات وبحدة كبيرة، ليشير كذلك إلى أنه مع بداية التسعينيات من القرن الماضي بدأت تظهر البوادر الأولى لقراءة جديدة في العلمانية وقد تجلى ذلك في عدد من الكتابات المختلفة من هنا وهناك، ليشدد التأكيد في الأخير إلى أن العلمانية شرط أساسي للمواطنة لكنها ليست ضامنة لها.
واعتبر حاتم امزيل أستاذ باحث في الفلسفة بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، أن هناك حاجة أولية لعلمنة المجتمع لكن في المقابل لازال ينقص الشيء الكثير خاصة في دفع المواطنين لاحترام بعضهم البعض، ليؤكد أن تحقيق العلمانية مرهون بعولمة المجتمع بكامله سواء على حرية المعتقد وعلى مبادئ التعايش والتسامح ونبذ العنف والتطرف والحوار وغيرها من المبادئ الأخرى، معرجا في نهاية مداخلته على مفهوم العلمانية وهو فصل الدين عن الدولة والقصد منه يقول: أن تكون الدولة محايدة أمام جميع التعبيرات الفكرية والدينية وغيرها وتضمن الدولة للمواطنين حرية المعتقد.
وقال محمد بوكرمان فاعل حقوقي ومحام بهيئة فاس، إن الحديث عن مطلب العلمانية يكاد يكون منعدما في الوقت الذي يتم فيه الحديث عن الدولة المدنية، ليعرج على دستور 2011، حيث برز فيه المد المحافظ بقوة وهو ما انعكس على الوثيقة الدستورية وفي المقابل لم يظهر الصف التقدمي كما كان منتظرا منه، ليشدد من موقعه على الحاجة الملحة للعلمانية بالنسبة للمجتمعات المحلية ليكون الولاء للوطن وليس للدين.
وتطرق السيد ادريس الصنهاجي أستاذ باحث في علم الاجتماع، لمسألة الإصلاح الديني بالمغرب مقدما بعض النماذج الأوربية في هذا الباب، كما أشار إلى أن الإصلاح الديني مدخل أساسي إلى العلمانية، ويبقى الإصلاح الديني في المغرب حسب تعبيره مجرد تدابير وإجراءات احترازية دافعها الأساسي هو الهاجس الأمني وهي إجراءات لا ترقى إلى مسألة الإصلاح الديني.
واختتمت الندوة بتقرير تركيبي قدمه الاستاذ الباحث الحكيم بناني، الباحث في الفلسفة بجامعة فاس، وصاحب كتاب ” ثقافة الاحتجاج بين القانون والفلسفة”، لخص فيه تعدد المقاربات والتجارب المتعلقة بالمسار التاريخي الذي قطعته العلمانية انطلاقا من المدارس والمذاهب والقوانين والتشريعات، التي جعلت منه موضوعا خصبا للاجتهاد والابداع ضد التكوين الفكري والسياسي الذي ينتج التطرف، بعد أن ساد الاعتقاد بظهور الدولة الحديثة في صور علمانية م