السودان ماعارفا مادير … رئيس المجلس العسكري يستقيل بعد يوم من الإطاحة بالبشير
استقال وزير الدفاع السوداني الفريق أول ركن عوض بن عوف من رئاسة المجلس العسكري الانتقالي يوم الجمعة بعد يوم واحد فقط له في المنصب مع مطالبة المحتجين بتغيير سياسي أسرع عقب إطاحة الجيش بالرئيس السابق عمر البشير.
وبعد ساعات من سعي المجلس العسكري لتهدئة الغضب الشعبي بتعهده بأن تكون الحكومة الجديدة مدنية، قال بن عوف في خطاب بثه التلفزيون الرسمي يوم الجمعة إن الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عبد الرحمن سيتولى رئاسة المجلس العسكري الانتقالي.
وقال بن عوف أيضا إن رئيس الأركان الفريق أول ركن كمال عبد المعروف الماحي أعفي من منصبه كنائب لرئيس المجلس العسكري.
وأضاف بن عوف ”حرصا على تماسك المنظومة الأمنية والقوات المسلحة بصفة خاصة، من الشروخ والفتن، وتوكلا على الله لنبدأ مسيرة التغيير هذه، قد تعين على اجتياز المراحل الصعبة“.
وقال شهود إنه ما إن وردت أنباء استقالة بن عوف ونائبه حتى انطلقت احتفالات صاخبة في شوارع الخرطوم ردد خلالها المواطنون هتاف ”سقط التاني!“.
وقال الرشيد سعيد المتحدث باسم تجمع المهنيين لرويترز ”ما حدث هو خطوة في الطريق الصحيح وهو رضوخ لرغبة الجماهير وقد اقتربنا من النصر. نحن متمسكون بمطالبنا التي قدمناها للجيش ..وندعو الجماهير للبقاء في الشوارع لحين تحقيق كل المطالب“.
وقال المجلس العسكري في وقت سابق إنه يتوقع أن تستمر الفترة الانتقالية التي أعلن عنها يوم الخميس عامين كحد أقصى لكنها قد تنتهي خلال فترة أقل بكثير إذا تمت إدارة الأمر دون فوضى.
وأفاد الفريق أول ركن عمر زين العابدين رئيس اللجنة السياسية المكلفة من المجلس العسكري بأن المجلس سيعقد حوارا مع الكيانات السياسية.
واستهدف الإعلان عن حكومة مدنية مستقبلية على ما يبدو طمأنة المتظاهرين الذين نزلوا إلى الشوارع لرفض فرض حكم الجيش بعد الإطاحة بالبشير، داعين إلى تغيير أسرع وأكبر.
وفي تحد واضح لمجلس بن عوف العسكري، ظل بضعة آلاف من المحتجين أمام مجمع وزارة الدفاع وفي أجزاء أخرى من العاصمة مع بدء سريان حظر التجول أثناء الليل الذي أعلن عنه بن عوف.
وقال تجمع المهنيين السودانيين، المنظم الرئيسي للاحتجاجات ضد البشير، في بيان إن ”الانقلابيين… ليسوا أهلا لصنع التغيير“.
وكرر في بيان مطالبه ”بتسليم السلطة فورا لحكومة مدنية انتقالية“.
وانتزع البشير (75 عاما) نفسه السلطة في انقلاب عسكري عام 1989. وواجه مظاهرات بدأت قبل 16 أسبوعا وأشعل فتيلها ارتفاع أسعار الغذاء ومعدل البطالة وزيادة القمع خلال فترة حكمه التي امتدت لثلاثة عقود.
وقال شهود إن السودانيين احتشدوا لأداء صلاة الجمعة بالشوارع المحيطة بوزارة الدفاع برغم ارتفاع درجة الحرارة، ملبين دعوة تجمع المهنيين السودانيين في تحد للمجلس العسكري.
وتضخمت الأعداد بعد الظهر وقال شاهد من رويترز إن ما يقدر بمئات الآلاف احتشدوا بالشوارع حول الوزارة التي يحرسها الجنود.
في غضون ذلك، ذكر متحدث باسم الشرطة في بيان صدر الساعات الأولى من صباح السبت أن ما لا يقل عن 16 شخصا قتلوا يومي الخميس والجمعة ”بأعيرة نارية طائشة في الاعتصامات والتجمهرات“.
وأضاف المتحدث هشام علي إن مباني حكومية وخاصة تعرضت لهجمات أيضا.
وقال الطبيب عبد الحميد أحمد (24 عاما) في الاعتصام ”نحن لا نرفض المجلس العسكري من حيث المبدأ، لكننا نرفض هؤلاء الناس لأنهم من نظام البشير“.
وكان بن عوف نائبا للبشير وهو من بين بضعة قادة سودانيين فرضت واشنطن عقوبات عليهم بتهمة الضلوع في فظائع ارتُكبت خلال الصراع في دارفور عام 2003.
وفي كلمته يوم الخميس التي أعلن فيها الإطاحة بالبشير، قال بن عوف أيضا إنه تقرر تعطيل الدستور وإعلان حالة الطوارئ لمدة ثلاثة شهور ووقف إطلاق النار في شتى أنحاء البلاد وكذلك حظر التجول من العاشرة مساء وحتى الرابعة صباحا، وهي خطوات انتقدتها الجماعات الحقوقية.
* عملية سياسية شاملة
قال ياسر عبد الله عبد السلام أحمد المندوب الدائم للسودان لدى الأمم المتحدة بالإنابة أمام مجلس الأمن الدولي الجمعة إن أي عملية ديمقراطية في البلاد تحتاج إلى وقت ودعا المجتمع الدولي إلى دعم عملية انتقال سلمي.
وأضاف في اجتماع بشأن منطقة أبيي الحدودية المتنازع عليها مع جنوب السودان أنه لن يتم استبعاد أي حزب من العملية السياسية بما في ذلك الجماعات المسلحة.
واجتمع مجلس الأمن يوم الجمعة في جلسة سرية للاستماع إلى تقرير حول أحدث التطورات في السودان.
وذكر المندوب السوداني أنه علاوة على ذلك فإن تعليق العمل بالدستور يمكن رفعه في أي وقت كما يمكن تقليص الفترة الانتقالية بناء على التطورات على الأرض.
وقالت قوى عالمية من بينها الولايات المتحدة وبريطانيا إنها تدعم انتقالا سلميا وديمقراطيا في السودان خلال أقل من عامين. وقالت الصين إنها ستواصل السعي للتعاون مع السودان بغض النظر عن الوضع السياسي.
وتعهد زين العابدين بألا يتدخل المجلس العسكري في عمل الحكومة المدنية لكنه قال إن المجلس سيحتفظ بوزارتي الدفاع والداخلية.
والفريق أول عبد الفتاح البرهان هو ثالث أكبر قائد عسكري في القوات المسلحة السودانية وليس معروفا في الحياة العامة. وكان قائد القوات البرية، وهو دور أشرف خلاله على القوات السودانية التي قاتلت ضمن القوات التي تقودها السعودية في حرب اليمن.