السي عبد الرحمان و الكشف عن الحقيقة كاملة
بقلم: نوفل بلمير
من منا يشكك في وطنية الرجل؟
أو يجادل قيد أنملة في صدقه و كفاحه و كفايته؟
رمز من رموز الحركة الوطنية ناضل إلى جانب مجموعة من الوطنيين دفاعا عن استقلال المغرب، رابطين الاستقلال بعودة الملكية من المنفى، مواقف الرجل، تشهد له، مبادراته الكثيرة و الكبيرة في الإيقناع بصدق و صحة طرحنا فيما يخص قضيتنا الوطنية، من أنجح (ما يسمى) بالمصالحة الوطنية و قاد الانتقال السلس للسلطة عبر تأدية فروض البيعة و الولاء أواخر التسعينات من القرن الماضي، رجل سيرته مشبعة بحب هذا الوطن.
صحيح أنه غادر الحياة السياسية بعد مدة من التسيير الحزبي و التدبير الحكومي، صحيح أنه فضل الإنزواء تاركا من ورائه ذكريات و أسرار (يقول البعض) و حزبا و مناضلات و مناضلين رؤوا فيه قائدا منقذا و رجلا عظيما، مفضلا التنقل بين الدارالبيضاء و كان الفرنسية، لا يرغب الحديث في السياسة و لا يرغب الإجابة على الأسئلة.
صحيح أن إطلالاته في الساحة السياسية لا تخلو من المتابعة و الحشد، لا من خلال حضوره في مجموعة من الجنازات، أو تحضيره لليوم التأبيني الذي خص به الفقيد عبد الجابري، أو تنظيمه لتظاهرة حول جيش التحرير ( إن لم تخني ذاكرتي)، أو حضوره إلى جانب ملك البلاد عشاءا و غداءا في استقبال رئيس فرنسا، أو تخليده اليوم، للذكرى 50 لاغتيال عريس الشهداء المهدي بن بركة.
صحيح أيضا أنه في الآونة الأخيرة و بعد مغادرته للحياة السياسية، هو كثير الظهور و قليل الكلام، و صحيح أن للاتحاديات و للاتحادين ذاكرة وجب إحترامها، لأنها ذاكرة وطنية و إشتراكية، لا يجوز الدوس عليها و تجاوزها دونما الوقوف و الإجابة عن جوانب غامضة فيها، خصوصا و أن الرجل رمز من رموز الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، و أول شيء يستدعيه الواجب النضالي إلى جانب صون هذه الذاكرة هو الكشف عنها، فكما نطالب بالكشف عن الحقيقة الكاملة في ملف المهدي، يجب أن نطالب بالكشف عن الحقيقة كاملة فيما يرتبط برحيل السي عبد الرحمان من الحياة السياسية و العودة إليها عبر مبادرات نبيلة ودون حمولة سياسية كما يقول مقربوه، لكن الإجابة ضرورة و هي ضرورة تاريخية.
لجنة التقييم التي عقدها الحزب مباشرة بعد كبوة انتخابات 07 ستنبر 2007 أول استنتاج خرجت به هو أن المشاركة الحكومية لسنة 2002 بعد الإخلال بالمنهجية الديمقراطية وتعيين وزير أول تقنوقراطي خارج الشرعية الشعبية التي بوأت حزب الاتحاد الاشتراكي المرتبة الأولى هي السبب الرئيسي في فشل الحزب في انتخابات 2003 و 2007 ، و ستأتي بعدها وثائق المؤتمر(ات) السابع و الثامن و التاسع و التي سوف تؤكد نفس الخلاصة معتبرة أن المشاركة مع الإخلال بالمنهجية الديمقراطية سبب في بداية إنكماش القاعدة الجماهرية للحزب في 2003 و 2007 و2009 و 2011 و ما نتائج 2015 إلا استمرار لتلك التداعيات السلبية.
الأخ سي عبد الرحمان في حينها لم يكن وزيرا أول منتهية ولايته فقط، بل كان أول مسؤولا في الحزب، كان الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حيث أنه لم يغادر موقع القيادة مباشرة بعد 2002، بل كان رحيله بعد إنتخابات 2003، و الجميع يتذكر البيان التاريخي للجنة المركزية للشبيبة الاتحادية المندد بالإخلال بالمنهجية الديمقراطية أنذاك و الجميع يتذكرأنذاك، موقف السي عبد الرحمان منه.
من دافع عن سيادة الوطن، من قاد تجربة التناوب التوافقي، و مرر 2002 و 2003، لابد أن يكشف للمغاربة، و خصوصا منهم الذاكرة الاتحادية، حقيقة التوافقات اللامشروطة الصائنة للمصالح الكبرى للبلاد بدعوى استكمال الأوراش و ماذا عملت حكومة التناوب، و التي كانت وزارة العدل خلالها يسيرها الاتحاد، في ملف الشهيد المهدي بن بركة.
شخصيا لا أرى مانعا أن يطل علينا السي عبد الرحمان بين الفينة و الأخرى، لأنها مبادرات محمودة و حميدة و ستكون أحمد إن ملء جانبا صغيرا لكنه مهم من ذاكرتنا الجماعية، خصوصا أننا أنصفنا الوطن بالغالي و النفيس و الوطن لم ينصفنا، لا أنصفنا لكن السي عبد الرحمان لم ينصفنا.