عبد الرحيم بنشريف
حرصا منه على التفاعل الإيجابي والمسؤول، مع دعوة رئاسة الحكومة، للتشاور مع الفاعلين السياسيين، حول المتغيرات المرتبطة بالظرفية الاقتصادية الوطنية والدولية، نتيجة أزمة كوفيد19، بادر حزب جبهة القوى الديمقراطية، بحر الأسبوع الجاري، بموافاة سعد الدين العثماني، بملخص تنفيذي لتصور الحزب لخطة إنعاش الاقتصاد الوطني، لما بعد الجائحة. وهو تصور تداولت بشأنه وصادقت عليه الهيئة التداولية للحزب، في دورتها، المنعقدة عن بعد يوم الأحد المنصرم، 31 ماي 2020، تحت شعار: الإنسان ثروتنا …حقوقه التزامنا.
أهم مرتكزات تصور الحزب لخطة إنعاش الاقتصاد الوطني، فضلا عن التشخيص الدقيق والموضوعي، لبنية المنظومة الاقتصادية الوطنية، في راهنيتها، وأهمية التفكير الاستباقي للخروج من الأزمة، تمحورت حول تدبير حيوي وأمثل لسياسة الإنفاق العام، في إطار قانون مالية معدل، واقتراح جملة من التدابير والإجراءات، لتحقيق هذا الانتعاش، على المدى القصير، في افق 2021، وعلى المدى المتوسط في أفق 2025.
وتتجه مجمل هذه التدابير نحو التركيز على إعادة النظر في الأغلفة المالية لمختلف الإدارات والمؤسسات، وفق النتائج المتحصل عليها للبرامج والمشاريع، ووفقا لبرنامج أولويات، كفيل بإرساء تدبير أمثل للإنفاق العمومي، وتشجيع المقاولة المغربية، عبر تحفيز نظام التفضيل الوطني«la préférence nationale» ، مع التأكيد على أن السياسة الاقتصادية التوسعية ضرورية للأمل في الانتعاش الاقتصادي الوطني، مع ما يقتضيه ذلك من تعبئة موارد إضافية لمكافحة فعالة لآثار هذه الجائحة، حتى ولو تطلب الأمر عدم الالتزام الأرثودوكسي بالتوازنات الماكرو اقتصادية، تأكيدا على قناعة أولوية الإنسان في أي مشروع تنموي.
كما يتوخى من هذه الإجراءات إعادة تكييف دور وتدخلات الدولة في التنمية، وتحفيز القطاع الخاص والمبادرة الوطنية الخاصة للاستثمار، واختيارات قطاعية في صلب رؤية شمولية لتجاوز تداعيات الجائحة، مع التنبيه لخطورة أن تتحرك الحكومة، من جديد، نحو سياسات التقشف الاقتصادي.
وذيل حزب جبهة القوى الديمقراطية، منظوره لإنعاش الاقتصاد الوطني، بتجديد التأكيد على أن رؤيته للمستقبل البعيد لآفاق التنمية، تستوجب ولوجها عبر تعزيز الخيار الديمقراطي، ومباشرة الإصلاحات الضرورية، السياسية والمؤسساتية، لبلورة وتنفيذ أوراش الدستور الكبرى، وتأويل مضامينه المتقدمة، تأويلا ديمقراطيا، بما يعزز الثقة في الاختيارات الكبرى والمهيكلة، لمغرب ما بعد الجائحة، والتي تسمح بتحقيق الانتقالات الديموغرافية والمعرفية والتكنولوجية والأيكولوجية والطاقية، وتأهيل الإنسان المغربي استراتيجيا في مجالات التربية والتعليم والتكوين والصحة والثقافة، لولوج عالم اقتصاد المعرفة.
وخلصت هذه الوثيقة، إلى اعتبار الجائحة، فرصة تاريخية يتعين تحويلها إلى قوة دافعة للتفكير، ليس فقط، في آليات إنجاز خطة الانتعاش الاقتصادي في المستقبل القريب، بل في تصحيح الاختلالات البنيوية والتفكير بعمق في مغرب ما بعد 2030.
يذكر أن هذه الوثيقة تعد الجزء الثاني، ضمن المواضيع الثلاثة التي ارتأى نظر حزب جبهة القوى أن يتطرق إليها في ثلاثة أجزاء، هي تصوره للخروج التدريجي من الحجر الصحي، وخطة انتعاش الاقتصاد الوطني، ثم الوثيقة المتعلقة بقانون المالية المعدل.