المثليون بالمغرب… شواذ ام خروج عن المعتاد؟
بقلم سدي علي ماءالعينين ،أكادير
مقال:(65) ،2020.
الخوض في الظواهر الإجتماعية التي تنخر المغرب أمر ليس بالسهل خاصة عندما يتعلق الأمر بسلوكات يكون الكلام عنها من الطابوهات، فقبل ايام تناولت موضوع العاهرات بالمغرب، و نبهني بعض المقربين إلى أن مثل هذه المواضيع ” حشومة ” ان اكتب عنها ويطلع عليها الأهل والأولاد على صفحتي،
لكن في تقديري الشخصي فقد إخترت مسار الكشف عن هذه الظواهر و بالأرقام إعتمادا على عملية تجميع معطيات حسب ما نشر بالإعلام الوطني، مما يعني اني لا أزعم السبق في طرحها بقدرما اقوم بتوليف مقال اجمع فيه ما كتب عنها،
اليوم سأتحدث عن موضوع مشابه لكنه اكثر ” حشومة” مادام يتعلق بالممارسات الجنسية، إنه واقع المثليين او ما يسمى بالشواذ بالمغرب،
ظاهرة هي أيضا قديمة بالمجتمع المغربي لكنها طفت إلى السطح في السنوات الأخيرة لعدة اسباب سنعرض لبعضها في هذا المقال،
فبحكم القانون فإن المادة 489 من القانون الجنائي المغربي تجرم أي “عمل بذيئ أو غير طبيعي مع شخص من نفس الجنس”.
لذلك فالنشاط الجنسي المثلي غير قانوني في المغرب، ويمكن أن يعاقَب مرتكبه بالسجن من 6 أشهر إلى 3 سنوات مع دفع غرامة مالية تتراوح ما بين 120 إلى 1200 درهم مغربي. …
هذا مادفع الراغبين في الهجرة خاصة إلى إسبانيا وهولاندا يدعي غالبيتهم انهم مثليين يتعرضون للإضطهاد بالمغرب قصد حصولهم على اللجوء إلى تلك البلدان، حيلة مكنت العديد من الشباب من تحقيق حلم الهجرة بإعداد ملفات بهذا الخصوص، في حين لا يمكن نفي ان منهم من فعلا ينتمي إلى هذه الفئة.
كشف تحقيق لصحيفة “الإسبانيول”، عن أرقام وشهادات صادمة عن المثليين المغاربة، سواء في المملكة أو الذين اختاروا اللجوء إلى الجارة الشمالية.
التحقيق أورد أن أن “عدد المثليين المغاربة مرتفع أكثر مما يعتقد البعض، إذ أن عدد الذين قرروا الهروب من المملكة للاستقرار في مدينة مليلية المحتلة والعاصمة مدريد لوحدهما، بلغ 230 مثلياً سنة 2016، كلهم طلبوا اللجوء في الجارة الشمالية”،
يمكن القول أنه بصورةٍ أعم، ظهر معسكران حول كيفية النظر إلى ومناقشة قضية المثلية الجنسية. فأولئك الذين يقبلون المثلية الجنسية يدعون، بشكلٍ عام، إلى احترام حقوق الإنسان العالمية؛ بينما يعتبرها أولئك الذين يرفضون المثلية الجنسية تهديداً للمجتمع المغربي. وبين هذين المعسكرين، تواجه الدولة المغربية التحدي المتمثل في الوفاء بالتزاماتها تجاه المجتمع الدولي مع الحفاظ على القيم المشتركة التي تضمن التماسك الاجتماعي بين مواطنيها.
في سنة 2017 قال الرميد أثناء تقديمه لعرض حول الميزانية الفرعية لوزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان، أمام لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، إن القانون المغربي لا يعاقب المثليين والسحاقيات، بل يعاقب الفعل، موضحًا أن القانون يعاقب على الممارسات المثلية والسحاقية، وفي المقابل يضمن كامل الحقوق لهذه الفئات.
فيما دعا المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى إلغاء المثلية الجنسية عبر حذف الفصل 489 من القانون الجنائي الحالي. وذلك في مذكرة للمجلس حول مشروع القانون رقم 10.16 المتعلق بتعديل القانون الجنائي.
كشفت دراسة حول وضعية المثليين بالمغرب نشرت قبل سنتين، أن 16 في المائة منهم ينتمون إلى أحزاب سياسية، و20 في المائة أعضاء جمعيات، و6 في المائة منهم لديهم انتماء ثقافي، ومثلهم ينتمون إلى منظمة تناضل من أجل حقوق التنوع الجنسي، وواحد في المائة لهم علاقة بمنظمات حقوق الإنسان.
وأوضحت دراسة لجمعية “أقليات لمناهضة التجريم والتمييز ضد الأقليات الجنسية والدينية بالمغرب”، وتحمل عنوان “احتياجات الأشخاص ذوي التنوع الجنسي والجندري بالمغرب”، أن 29 في المائة من المستجوبين تعرضوا للاعتقال أو للإيقاف من قبل السلطات، إذ تم اعتقال نصفهم بتهمة المثلية الجنسية، أما باقي الحالات فتم إيقافها لأسباب أخرى، مثل التعبير الجندري، والدفاع عن النفس في حالة اعتداء، أو تحقيق الهوية أو بناء على الخروج من بيت العائلة.
وأكدت الدراسة أن 70 في المائة من المستجوبين تعرضوا للعنف الجسدي أو المعنوي في الفضاءات الخاصة والعمومية، وتقدم منهم 14 في المائة بشكاية لدى مراكز الشرطة، لـ “عدم ثقة معظمهم في الشرطة وعدالة القانون، أو في بعض الأحيان خوفا من انتقام المعتدي أو الفضيحة أو العار”، مشيرة إلى أن 86.4 في المائة منهم أبدوا رغبتهم في إلغاء الفصل 489 من القانون الجنائي،
والغريب في الأمر بالنسبة لهذه الظاهرة بالمغرب انها رغم تعارضها مع مبادئ الدين الإسلامي الذي يدعو إلى إعدام المثليين رجما بالحجارة حتى الموت على يد حشد من المسلمين، حيث جاء في حديث للنبي محمد صلى الله عليه وسلم : «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به»، إلا أنه بالمغرب أعتبر ان للمثليين وليا يزورونه سنويا،
ففي كل عيد مولد نبوي تتحول زاوية سيدي علي بنحمدوش إلى وجهة سياحية تحتضن المثليين الجنسيين لمدة أسبوع. يلتئمون ويتحدون ويغتنمون فرصة حضور مثليين جنسيين من العالم للتعارف فيما بعضهم.
علي بن حمدوش، هو ولي عازب وأحد مشايخ الإسلام الصوفي المغربي الذين أسسوا طرقا روحية في عهد السلطان إسماعيل بن الشريف العلوي، وضريحه موجود حاليا بالقرية التي تحمل اسمه على بعد بضعة كيلومترات من مدينة مكناس” ولا علاقة له ولطريقته بالمثليين.
وفي موضوع آخر تراجع المغرب بمرتبتين في تصنيف مؤشر “سبارتاكوس الدولي للمثليين” Spartacus Gay Travel Index، من المرتبة 157 التي احتلها في سنة 2017 إلى المرتبة 159 التي يحتلها في تقرير سنة 2018.
ويقوم دليل السفر للمثليين، المعروف بـ” دليل سبارتاكوس الدولي للمثليين”، بتجميع فهارس ومعلومات أكثر الدول “صديقة” للمثليين في العالم، بالاستناد الى 14 معيارا، من ضمنها، حقوق المتحولين جنسياً، قوانين مكافحة التمييز، الحق في التبني، القوانين التي تجرم المثلية الجنسية، التأثير الديني، و عدا المواطنين المحليين تجاه المثلي.
هكذا نكون أمام ظاهرة يصعب الحكم عليها ما إذا كانت وسيلة للهجرة عند البعض، أو مرضا نفسيا يحتاج إلى علاج، أو حرية فردية يدعو البعض لتقنينها، أو سلوكا منافيا للدين الإسلامي الحنيف،
لكن ماهو مؤكد ان المغرب يوقع على معاهدات دولية مع التنصيص على أنها مشروطة بعدم المس بتماسك المجتمع وهويته الإسلامية، وليس غريبا ان يقف وزير ينتمي لحزب إسلامي (العدالة والتنمية) الوزير الرميد و تحت قبة البرلمان ويصرح كما سبقت الإشارة اليه ان المغرب يضمن حقوق هؤلاء!!
ومع ذلك، في نفس الوقت الذي يشهد فيه المجتمع المغربي تغيراتٍ، ويعود ذلك جزئياً إلى وسائل الإعلام الرقمية والاجتماعية وتأثير ذلك على مجموعات الاتصال، بما في ذلك الأقليات، فإن اعتراف المرء علناً، حتى في جميع أنحاء العالم، بكونه مثلي الجنس في بلاده خيارٌ يقتصر على عددٍ قليلٍ فحسب.
وبين قوانين حماية الاقليات ،والقوانين الدولية الغير محكومة بالديانات ،على المغرب في تقديري ان يضمن تماسك المجتمع، ووضوح القانون والمواقف ويقطع مع موقف الإلتباس الذي جعل ووفقاً لسعيد بنيس، بروفيسور علم الاجتماع في جامعة الرباط، يستخدم بعض المغاربة المثلية الجنسية كذريعةٍ للحصول على اللجوء السياسي.
فهل تعتبرون ؟