الانتخابات الجماعية والجهوية والوظيفة العمومية والقطاع الخاص
بقلم الدكتور ادريس البوخاري
خريج دارالحديث الحسنية و كلية الحقوق و كلية الآداب و العلوم الإنسانية و المعاهد شبه العلوم الطبية
الانتخابات الجماعية والجهوية والوظيفة العمومية والقطاع الخاص
في ضوء الحقوق والحريات العمالية
والنقابات والأحزاب السياسية وأرباب المقاولات كفاعلين
استرعى انتباهي التركيبة الجديدة لمجلس المستشارين بمقتضى الدستور الجديد لسنة 2011 والطريقة التي يتم توظيفها لاختيار 120 مستشار عضو بغرفة المستشارين بالبرلمان رغم عدة سيناريوهات وردت قبل دستور 2011 وترد بعض الأفكار القيمة في الفينة والأخرى وكأن هدا المجلس يمكن أن يكون بوجه آخر غير هدا الوجه الذي هو عليه الآن ، وإلا ما كان أن يكون نظرا لحالات التنافي الشكلي والموضوعي والتطبيقي على المستوى السياسي والنقابي والاقتصادي والخلط بين أدوارهما وبالتالي تحصيل ازدواجية التمثيل الانتخابي من الناحية القانونية والسياسية .
بيــد أن الأمر يمكن أن يكون مخصصا لممثــلي العمال في المقاولات الكبرى أو المتوسطة أو الصغرى أو الأسرية الصناعيـــة والتجارية و الفلاحية و غيرها وأرباب المقاولات الصناعيــة والتجارية و الفلاحية والبيئية وغــيرها في إطار العددية المقيدة والطريقة المستعملــة لاكتساب العضوية في هده المؤســسة الدستوريـــة التابعة للبرلمان حيث تكون غرفة ثانية به ، بالرغــم مــن استغرابنــا في الطريقة الحالية الممــكن أن تتغــير في وقت ما للمستقــبل إن لم يكن فات الأوان أو لا زال .
و نظرا للأهمية الحيوية للمال والأعمال بصفة دقيقة باعتباره أعرق المواضيع المرتبطة بحياة الإنسان والأسرة والمجتمع والدولة ومنه قياس مدى تطورها ، لدلك اهتمت بعض الدول بتطوير المال والعمل وكل ما يرتبط بهما من أعمال مختلفة ومنازعات مهنية وعمالية وفرقاء اجتماعيين واقتصاديين ، فرادى وجماعات ونقابات بل هناك من المهتمين من العلماء المنظرين من يقول بأنه عالم جذاب مغري بالاستقطاب متحرك بشكل دائم بدينامية ودوافع العدل والحرية والمساواة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية .
المغرب لم يكن يعرف هدا النوع من المال والأعمال قبل الاستعمار الفرنسي في الوسط والاسباني في الجنوب والشمال .
في عهد الاستعمال تكبد المغاربة صعوبات قاسية في حياتهم ،فلم تكن أبواب سوق الشغل مفتوحة للمغاربة فبالأحرى حق الملكية والحرية والمساواة ، ومن حصل من المغاربة على شغل في الخفاء لا يحق له أن يدافع عن نفسه فلم تكن النقابات مفتوحة في وجه المغاربة فلا يسمح لهم بالانخراط فيها ومن انخرط لسبب من الأسباب لا يعترف له بصفته النقابية أو العمالية وهو الأمر الذي صار عليه بعض النقابيين بعد الاستقلال واستحوذوا على القيادات النقابية ولم تغيرهم لا المؤتمرات ولا الانقلابات وبقوا جاثمين على رؤوسها يعطلون مصالح الأمة بالخصومات والانفعالات المجانية يبيعون ويشترون للحصول على المناصب في المؤسسات الوطنية .
والمغاربة في زمن الاستعمار عاشوا قسوة الظروف العملية ولم يكن يسمح لهم بالانخراط في العمل النقابي ،فكانوا يؤسسون لجنا ومجموعات أو في أحسن الظروف تأسيس جمعيات ولا يسمح لهم بتأسيس النقابات أو الانضمام إليها ولا يعترف لهم بصفتهم النقابية .
وبعد الحرب العالمية الثانية ظهرت بوادر جديدة لثورة صناعية هائلة في العالم فأحدثت تغييرات جمة في حياة المجتمعات التي دخلتها الآلة الصناعية وظهرت الطبقة العمالية مع الفكر العمالي الذي عانى من جحيم الحرمان وفقدان الأمان بالإجحاف المقيت.
وبعد تحرير المغرب عرف المغاربة تأسيس بعض النقابات التي أقبل عليها المغاربة في بعض المدن الكبرى التي كانت تعرف المعامل والمصانع ، أما الأخرى فقد عرفت حركة عمالية في صفوف الموظفين كالمعلمين والأساتذة وبعض الأطباء والممرضين .
ولم يكن المغرب قبل الاستقلال متوافرا على قانون الشغل يعترف بحقوق العمال وحرياتهم النقابية وينظمها وهو الأمر الذي عاش فيه المغرب فراغا وخلق ثغرة عطلت التنمية بكثير من الحرمان قسوة الاستعمار فضلا عن تنظيم الحياة العملية والعمل النقابي والاعتراف به .
فمثلا في سنة 1913 بدأت أولى التدخلات والقرارات ثم في سنة 1927 نشأت بعض النصوص المتعلقة ببعض حوادث الشغل والعطل المؤدى عنها والحد الأدنى للجور ومدة العمل وبعد استقلال بدأت تلوح في الأفق بوادر إنتاج قانون للشغل .
إن قانون الشغل هو من القوانين الحديثة والمغرب بدل قصارى الجهود للتوافر على قانون الشغل يكون مستجيبا لتطلعات المغاربة في العمل المهني والعمل النقابي في الوقت الذي لم يكن يتوافر إلا على مجموعة من القواعد والقرارات المكتوبة هنا و هناك أو المتناثرة هنا و هناك وتم بعد دلك تجميعها في قانون واحد توج بظهير شريف رقم : 1- 03-194 صادر في 14 من رجب 1424 هجرية ( 11 شتنبر 2003 ) بتنفيد القانون المنظم لمدونة الشغل .
فالعمال ليسوا مجرد مخلوق أو آلة ميكانيكية للعمل لقاء أجر فقط وإنما هم أناس قبل كل شيء ، ويتمتعون بحقوق وحريات نقابية وغيرها وهم مواطنون لهم الحق في العمل والمساهمة بقدر ما يتاح لهم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية وتوزيع الثروة والإنتاج مع الحرص على العلاقة الإنسانية بين العامل ورب العمل في إطار الاحترام المتبادل ونتيجة مفاوضات وحوارات مستمرة لتخليق الحياة العملية والمهنية في جو يسوده التناغم والانسجام والاطمئنان والأمان على الحياة البشرية .
ومن تم تحتاج بلادنا إلى الكثير من الحقوق والحريات العمالية ومحاكم عمالية مهنية على غرار المحاكم الإدارية ، فضلا عن مجلس أعلى للعمال ولشغل على غرار المجلس الاقتصادي والاجتماعية وهيئات للتحكيم والمصالحة لما تحتمله كلمة شغل من معاني متعددة قادرة على إحداث شيء ما ؟
قبل الدستور لسنة 2011 كانت الرغبة ربما أكيدة في التقليل من عدد المستشارين في الغرفة الثانية للبرلمان بمجلس المستشارين الى عدد مناسب يلائم مستوى الانتاج والمواقف والافكار ومعها كان الاعتقاد أن يخصص للنقابات وأرباب العمل حتى يتلائم والرغبة في تطوير العمل النقابي والمهني والوظيفي والحياة الصناعية والتجارية والفلاحية وكافة المعاملات إلى حدود المقاولات الأسرية كمتنفس لعالم الصناعة والتجارة والفلاحة وغيرها وكافة العلاقات والمعاملات المهنية والحرفية والمالية .
إن مسلسل الانتخابات الأخيرة التي جرت في المملكة سواء كانت انتخابات جماعية أو جهوية أو حتى تلك التي تمت في الوظيفة العمومية وفي القطاع الخاص وتمثلتها النقابات والأحزاب السياسية وأرباب المقاولات المغربية كفاعلين وبالرغم مما شابها من بعض العيوب والمعيقات والصعوبات لا زالت لم تتمكن الجهات المعنية من رصد ودراسة كل حالة على حدا وتمحيصها لكي نستنتج الخلاصات الضرورية .
ربما هناك من يدعي أن هناك استخدام فارط للمال وتحالفات حزبية سابقة للأوان ضد بعضها وهناك من يدعي أن هناك استغلال للنفوذ وتحايل على المواطنين واستغلال تبعيتهم لبعض الجهات دون أخرى بأهداف انتخابية محضة ، وهناك من يدعي أن السلطة لم تكن قادرة على مسايرك المعارك الانتخابية من بدايتها إلى نهايتها نظرا للخصاص الملحوظ على المستوى اللوجيستيكي والموارد البشرية فضلا عن التبعية لبعض الأشخاص دووا الأموال أو المتورطون في تبديد المال العمومي أو استخدام البعض بعينهم لتنفيذ خطط إنجاح البعض دون البعض ، أو تسميم الأجواء قبل تسميم البشر كما وقع في مكاتب التصويت لتفويت الفرز عن ممثلي المرشحين في الانتخابات الجماعية البلدية في الخميسات وإجهاض العملية الانتخابية في النهاية برمتها .
لدلك نعتقد أنه من المفيد التبشير بأن مجلس المستشارين سيكون فعلا للنقابات وأرباب العمل فهل استعدت النقابات وتعددت المقاولات للتداول على رأستها بدلا من الأحزاب السياسية التي تستفيد من المشاركة في التسيير الجماعي والجهوي وحتى البرلماني فلماذا لم تكن هده الغرفة بنفس الاختصاصات وابتكار أخرى لتعويض النواقص في حاجات أخرى وإنتاج نصوص قانونية أكثر ثراء للترسانة القانونية والتمثيلية .
var adckDynParam = {
host : null
};