اسكاس امباركي
معتصم لحسن
اسكاس امباركي جملة اسمية للتعبير عن حلول السنة الجديدة عند الأمازيغ، بحيث تعني “أسكاس” عام وهي كلمة امازيغية أصيلة، في حين ان أمباركي ،وتعني مباركة ، هي كلمة مستوردة من اللغة العربية ،وبالمناسبة تسبب ارتباط المسلمين الأمازيغ بلغة القرآن في استيراد الاف الكلمات العربية وتمزيغها اي جعلها ضمن المجال المنطوق بل واعتبارها جزءا من التراث اللغوي واللسني المغربي.
في الحقيقة تشكل ذكرى حلول رأس السنة الأمازيغية او ما كان يسمى بالتقويم الفلاحي فرصة مهمة لعشاق الادب واللغة الأمازيغتين من اجل احياء النقاش حول جانب مخفي من هوية المغاربة .
بحلول هذه السنة الجديدة 2971 سيكون المغرب قد خطى خطوات مهمة في مجال ترسيم اللغة الأمازيغية بعهد الملك محمد السادس الذي يرجع له الفضل كل الفضل في إعطاء المكانة التي تستحق لهذه اللغة, لسان جل المغاربة .
لقد ظلمت الأمازيغية طوال عقود من الزمن وحتى حينما قرر الراحل الحسن الثاني اعتمادها على مستوى وسائل الاعلام الرسمية ، لم يتجاوز الامر اقرار نشرة للهجات ، رغم كون التوقيت الذي كان يخصص لها هزيلا مقارنة مع العربية، الا ان جمهورها كان عريضا ومن هذا الجمهور عائلتي الصغيرة والكبيرة .
مناسبة السنة الجديدة هي فرصة للباحثين في شؤون اللغات من اجل إثارة النقاش حول مستقبل الأمازيغية لغة وكتابة، لذلك اجدني اجدد المطالبة بإعادة النظر باعتماد حرف تيفيناغ واعتماد الحرف العربي لثلاث اسباب :
السبب الاول هو ان غالبية امهاتنا الامازيغيات لا يعرفن الكتابة والقراءة ، وجزء منهن بالكاد تمكن من تعلم ابجديات العربية ، فإذا اظفنا اليهن تعلم اللغة الأمازيغية بحرف تيفيناغ ، سنضيع عليهن فرصا كبيرة للانخراط في هذا الورش المتعلق بتنزيل الأمازيغية . من الحكمة اليوم ان يستعمل هذا السياق لا لتضييع فرصة إعادة إحياء لغة تواجهها تحديات الانقراض, بل لتسيير الولوج اليها. لانه لا قدر الله يوم تعرض للاختيار كلغة للتدريس بالمدارس سيجد الشباب واليافعين أنفسهم أمام الزماية تركها واختيار لغة أجنبية . ولنا في العربية مثال ، اذ على مستوى مدينة الرباط عاصمة المغرب مثلا، لا توجد سوى ثانويتين تدرسان مسالك العلوم بالعربية والسبب ان التلاميذ لا يختارون العربية كلغة للتدريس ويفضلون الفرنسية، وبذلك اخاف على الأمازيغية ان تقع في المشكلة نفسها، فقد تقدم الدولة على توفير كل الظروف لتعلمها وتعليمها لكن الجيل الجديد لن يختارها لانه لا يتقنها .كيف لا والجيل الماضي قد منع منها غصبا وولد هذا الجيل في خضم المنع وبين احضان لغات أجنبية مفروضة عليه.
السبب الثاني هو ان جزء من الحركة الأمازيغية هو من قرر , بالنيابة عن ملايين الأمازيغ , امر استعمال حرف تيفيناغ وهذا غير عادل. بالنسبة إلي، كان على المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الذي انشا مع إعتلاء جلالة الملك محمد السادس عرش اسلافه الميامين ، ان يدعوا الى حوار وطني حول الأمازيغية ويستمع إلى فئات واسعة من المجتمع فهناك الاف من المهندسين داخل دواليب الادارات غير مقتنعين بالطرح الكلاسيكي لما جاءت به الحركة الأمازيغية ويرون ان قطار التمزيغ قد فاته الوقت ، وأصبحت الظروف الاقتصادية والسياسية تفرض لغات حية من قبيل الإنجليزية والفرنسية والصينية . فماذا سيستفيد الشباب الأمازيغ من التمزيغ بالقدر الذي سيستفيدونه من الفرونكوفونية او التيار الانجلوساكصوني؟ ماذا توفر الامازيغية للراغبين في إتقانها ؟ هل تواكب العصر ومستجداته ؟ هذه الاسئلة هي التي يجب اليوم ، والمناسبة شرط, الجواب عليها والا فلا طقوس الاحتفال كافية لرد الاعتبار للغة المغاربة الأصلية، ولا صور تاكلا واطباق رأس السنة كفيلة باقناع ملايين الشباب بجدوى الأمازيغية في عصر اصبحت للغات العالمية جاذبية خطيرة .
السبب الثالث هو ان الحرف العربي ان اختير لترسيم الأمازيغية سيكون افضل لأن مستوى تلقين العربية بالمغرب متقدم جدا لاعتبار ديني محظ، وعلميا حروف الأبجدية العربية تستعمل في الكتابة على مستوى لغات عدة من بينها اللغة الأردية، واللغة العثمانية، واللغة الفارسية، وتعتبر الأبجدية العربية الثانية من حيث الاستخدام العالمي بعد الأبجدية اللاتينية، وتكتب الحروف العربية من جهة اليمين إلى جهة اليسار، مع الاعتماد على نمط وصل حروف الكلمة الواحدة مع بعضها، وهناك 28 حرفاً أساسياً في الحروف العربية، كما تعتبر بعض الحركات الصوتية من الحروف الهجائية أيضاً. وهذا سيمكن لمنظري الأمازيغية من تطوير أفق تعلمها بالمناطق الناطقة بالعربية لكن الاهم من هذا ان المغرب سيتمكن من خلال الأمازيغية من التعريف بحضارته بشكل لائق به ، فسيمكن للدارسين الراغبين في اكتشاف الحضارة المغربية من تعلم الأمازيغية بشكل اسرع وفعال مما سيعكس ايجابا على المسار التاريخي لبلادنا.
معتصم لحسن