المسؤولية الوطنية والجماعية لإفراز النخب في المحطات الانتخابية المقبلة؟
من هنا يبدأ التغيير
سياسي: رشيد لمسلم
التغيير هو مفهوم مشتق من الفعل الثلاثي (غيّرَ) بمعنى بدل الشيء، أو انتقل من حال إلى آخر، ويُعرف أيضاً بأنه عملية تنتج عنها مجموعة من الأشياء، أو الأحداث الجديدة، والتي تستقر مكان أشياء قديمة، ومن تعريفاته الأخرى الاستجابة لمجموعة من العوامل المؤثرة على شيء ما، وتؤدّي إلى تغييره من حالته الراهنة إلى حالة أكثر تقدماً، وتطوراً.
وإذا كانت اللحظة النماذجية المنتَظَرة نحو تحقيق التغيير النموذجي الذي يحلم به كل المغاربة من خلال العمل على تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والتي كثيرا ما تكون نتيجة صناديق الاقتراع وما ستفرزه من تشكيلات وحساسيات سياسية ستقود الشأن العام من خلال الاستحقاقات المقبلة تبقى مجرد غيب، وإذا كان طولها المرتَقَب غير معلوم، وإذا كان الوصول لها يعني حتميَّة تقوّضها بعد استنفادها لطاقتها، فإن الشرط الأهم الذي قد يدفع بنا للاقتراب من اللحظة النماذجية للتغيير المنتظر الذي سيفرز لنا واقعا سياسيا وانتخابيا قد يساعد في بلورة المشاريع التنموية على أرض الواقع ومن أفكار إلى عمل ملموس، هو الانتباه لطبيعة المسئولية التي يتعين على تلك الكتلة الحرجة الناخبة والمنتخبة الاضطلاع بها.
لأن هذه المسؤولية لا تقتضي الوعي السياسي والاقتصادي والاجتماعي فحسب، ولا تُغني فيها الشعارات والترهات والجماعات والأحزاب، ومدى صلابتها التنظيمية أو حجم جماهيريتها الآنية أو قدرتها الدعائية على إشباع الحاجات الديماغوجية للجماهير.
بقدر ماهي مسؤولية أخلاقية في المقام الأول؛ مسؤولية أخلاقية ووطنية تتماهى مع الواقع المغربي ومع الواقع الإقليمي والدولي.
فالحتمية، أن التغيير أمرٌ لا بد منه، لذلك يعتبر من الأشياء الضرورية في حياة الإنسان، فلا تبقى الأشياء على حالها لفترة زمنية طويلة؛ لأنه من الضروري أن تتغير نحو الأفضل، حتى لا يؤدي عدم تغييرها إلى زوالها مع الوقت.
لذلك فالنظرة إلى الانتخابات المقبلة كونها مجرد محطات لإفراز المقاعد والأشخاص والأحزاب والنقابات، فهي نظرة يجب تواكب المنظور السياسي العام الذي أصبح عليه المغرب اليوم، نظرة تحتمل في العمق غاية التغيير ، تغيير النظرة الشوفينية للمؤسسات التمثيلية، نظرة الأمل في استرجاع التفاعل الحقيقي مع المشهد السياسي المغربي بغاية إفراز النخب الواعدة، وتقييم الأدوار التي لعبها المنتخبون طيلة ولايتهم الانتخابية وماذا حققوا للمواطنين من إنجازات ومكتسبات بينة وواضحة بعيدا عن الشعارات الزائفة ومحاسبتهم إن أخلوا بالأمانة، أمانة الناخب بالمنتخب ومدى احترام المنتخب المستشار أو البرلماني.. بميثاق الشرف الذي ربطه بالكتلة الناخبة صبيحة يوم الإقتراع.
إنّ نقد الواقع ورفض سلبياته هو مدخل صحيح لبناء وضعٍ أفضل، لكنْ حين لا تحضر بمخيّلة المواطن المغربي صورة أفضل بديلة لواقعه، تكون النتيجة الحتمية هي تسليمه بالواقع تحت أعذار اليأس والإحباط وتعذُّر وجود البديل!. وكذلك المشكلة هي كبرى حينما يكون هناك عمل، لكنّه عشوائي فقط أو في غير الاتجاه الصحيح.
فالتمييز أصبح اليوم مطلوبٌ بين قدرتنا كناخبين على تصحيح الاعوجاجات السياسية من أجل حاضرنا ومستقبلنا، وبين تفادي أخطاء الماضي التي ما زلنا نحملها معنا، جيلاً بعد جيل، ولا قدرة لنا أصلاً على تغييرها!
فمن هنا يبدأ التغيير