مغاربة العالم بين القوانين الإنتخابية والحكامة الجيدة
ذ– علي زبير- عن تنسيقية الأحزاب السياسية لمغاربة العالم
بعد عزم الأحزاب على زيادة 30 مقعدا نيابيا يخص مغاربة العالم بمجلس النواب خلال إستحقاقات 2021، وتعزيز إنخراطهم في الحياة الوطنية وتدبير الشأن العام ضمن الشرعية الدستورية، طرأت مرة أخرى أزمة سياسية مستعصية على الحل تضمنها مشروع قانون الإنتخابات والذي تمت المصادقة عليه يوم 10 فبرايرالجاري خلال إجتماع المجلس الوزاري؛ إذْ لَا خيار لإنجاح التسوية السياسية وتوسيع المشهد الديمقراطي بين جميع المكونات الحزبية وفعاليات المجتمع المدني داخل صفوف الجالية سوى القبول بضرورة إدخال تعديلات على مشاريع القوانين التنظيمية رقم 21 – 04 و 21 – 05 المخصصة للغرفتين والتي تقدم بهما السيد وزير الداخلية خلال جلسته البارحة 23 فبراير أمام لجنة الداخلية بالبرلمان .
في المقابل طالبت، ولازالت تنسيقية الأحزاب السياسية مع مجموعة من الجمعيات المدنية والأطر والكفاءات من مغاربة العالم بأن لا تنعكس هذه الأزمة السياسية على وُعود التنظيمات الحزبية في مذكراتها للإنتخابات والمتعلقة بتمثيلية المواطنين المغاربة المقيمين خارج البلد في البرلمان من جهة، ومن جهة أخرى أن تأخذ هذه الأزمة موقع الرفض للحسم في إضافة 30 مقعدا نيابيا جديدا للائحة الوطنية على حساب مغاربة العالم ، كما وقع خلال التصويت على مشاريع القوانين الانتخابية لـ 2016، بناءً على وُجود داخل إسرائيل 800 ألف مغربي، ما إعتبروه سببا لإقبار حق مغاربة العالم الدستوري وبدون إجماع حزبي وتم إبعادهم عن المشهد السياسي الذي يكفله لهم دستور 2011 في الفصلين 16 و 17.
فالتوجيهات الملكية السامية الداعية لضرورة إنخراط الأحزاب السياسية في بناء المشروع المجتمعي الديمقراطي الموحد من خلال تقوية دورها بإيجاد إطار تشريعي جديد وفعال وطبقا للفصل 7 من الدستور، يتعين على الأحزاب تأطير المواطنات والمواطنين للانخراط في الحياة الوطنية وتدبير الشأن العام عبر مشاركتهم لإختيار ممثلين الشعب في الإنتخابات القادمة. فبالتأكيد ستختبر مختلف أطياف المشهد الحزبي حضورها إلى جانب تيارات سياسية جديدة ستشكل تعبئة وطنية شاملة لإنجاح العملية الديمقراطية، وسترقى إلى مستوى تحديات المرحلة القادمة لبناء مغرب الغد.
ولعل أبرزهذه التيارات هي أطر وكفاءات مغاربة العالم ، والذين أبانوا على حسهم الوطني الصادق ورغبتهم القوية بالمشاركة في الحياة السياسية، لكن إذَا غاب الحاضن السياسية لهذه القائمة ورجَّحت الإنتخابات إفراز نفس الأسماء القديمة على حساب النوعية، فبالطبع سيؤدي هذا الشرط دخول البلد خانات إجتماعية ضيقة ليس من ورائها أي جدوى لتحقيق تنمية إقتصادية وتحسين ظروف عيش المواطنين التي دعا إليها جلالة الملك في خطابه الأخيريوم 9 أكتوبر 2020 خلال الدخول التشريعي الجديد أمام البرلمان، والذي عزز فيه جلالته ممارسة الحكامة الجيدة بكل أساليبها، حيث أكد على تحديد المسؤوليات بمرجعيات وفعاليات وطنية متضامنة في أسلوبها السياسي، وإعتماد قيادة مبتكرة وناجحة تدير المرحلة القادمة بمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة في أسلوبها العملي.
لكن، من علامات الفوضى والفشل في الحكامة السياسية هوغياب المرجعيات الاجتماعية الوازنة داخل هياكل الأحزاب السياسية؛ ومن علامات الفشل في الحكامة التدبيرية هو غياب الكفاءات الوطنية الخلاقة داخل المؤسسات والأجهزة الإدارية للدولة، والطموح الملكي من خلال الخطاب الأخير لجلالته من القصر العامر يقتضي تغييرا حقيقيا في العقليات وفي مستوى أداء المؤسسات العمومية بإعتباراها الواجهة الأمامية في تحقيق مصالح المغاربة، وإعتماد الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة. فلا بديل عن إعتماد قيادة مبتكرة وناجعة من بين كفاءات وأطر من مغاربة العالم وبالتعاون مع إخوانهم وأخواتهم داخل الوطن من أجل تحقيق تنمية إقتصادية ناجحة.
فمغاربة العالم، هم شركاء في تعزيز الإختيار الديمقراطي للبلد، وهم فئة كبيرة يُعيرها جلالة الملك حفظه الله إهتمامات بالغة، وهم أكثر من 6 ملايين يضمن لهم الدستور الجديد حقوق المواطنة الكاملة، وهم ليسوا بمثابة تشتيت الأصوات وتراجع فرص فوز أحزاب على غرارأحزاب أخرى ذاة مرجعية إسلامية وما شبه كما يَدّعي البعض.
مغاربة العالم، هم ليسوا لونا فكريا أوسياسيا يُعيق مشاورات ونقاشات وزارة الداخلية مع الهيئات السياسية في صياغة أي مشروع قانون إنتخابي، وليسوا هم البديل للموقف الحرج للحكومة أو البرلمان بعد ما أحالت وزارة الداخلية لها الخلاف المتعلق بمشاركتهم السياسية ، وليسوا ورقة جزاء تلجأ لها بعض الأحزاب وتستعملها في مواجهة خطر إفلاس نُخبها السياسية ودعم خُططها الضيقة للحصول على فريق برلماني خلال الإستحقاقات التشريعية القادمة لسنة 2021.
ذ- علي زبير- عن تنسيقية الأحزاب السياسية لمغاربة العالم
عضو المجلس الوطني للحركة الشعبية
رئيس المرصد الأوروبي المغربي للهجرة
alizbir@gmail.com