المبادرة الوطنية للتنمية البشرية .. سعي متواصل لتطوير مشاريع في مستوى التحديات
الرباط –ومع
الاستثمار في الرأسمال البشري من أجل استشراف المستقبل، ذاك العنوان الأبرز الذي تحمله فلسفة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي تتبلور على أرض الميدان، ومنذ سنة 2005، من خلال مختلف المشاريع الدامجة والضامنة لظروف العيش الكريم للمواطن المغربي.
أوراش مشاريع عديدة، ذات طابع اجتماعي وإنساني، تشهدها مختلف جهات المملكة، في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي يصادف الـ18 من ماي من كل سنة تخليد ذكرى إطلاقها من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس في سنة 2005.
ومنذ انطلاقها، مكنت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وفق معطيات أوردها الموقع الإلكتروني لهذا الورش الملكي، من إنجاز أزيد من 43 ألف مشروع في مجالات عدة، تهم الولوج للخدمات الأساسية، والولوج للعلاج، ودعم التمدرس، فضلا عن دعم الأشخاص في وضعية هشاشة، والإدماج الاجتماعي للشباب.
ويبرز الموقع الإلكتروني للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية أن المرحلة الثالثة من هذا المشروع الملكي الكبير تستهل حقبة جديدة من مسارها التنموي، تروم تحقيق هدف مزدوج يتمثل في تعزيز المكتسبات في ما يتعلق بصون الكرامة وتحسين ظروف العيش وفقا للدينامية التي دشنتها المبادرة الوطنية منذ إطلاقها، وبناء المستقبل عبر محاربة معيقات التنمية البشرية طوال مراحل الحياة.
هذه المرحلة الثالثة، (2019- 2023)، التي سطر جلالة الملك معالمها الكبرى في يوليوز 2018، تسعى، ومن خلال مختلف البرامج والمشاريع، إلى النهوض بالرأسمال البشري للأجيال الصاعدة، ودعم الفئات في وضعية صعبة، وإطلاق جيل جديد من المبادرات المدرة للدخل ولفرص الشغل.
ويقوم تصور المرحلة الثالثة من هذا الورش الملكي الضخم على أربعة محاور، تتمثل في تدارك الخصاص على مستوى البنيات التحتية والخدمات الأساسية الاجتماعية بالمجالات الترابية الأقل تجهيزا، ومواكبة الأشخاص في وضعية هشاشة، وتحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب، وكذا الدفع بالتنمية البشرية للأجيال الصاعدة.
وتستفيد هذه المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية، من غلاف مالي إجمالي قدره 18 مليار درهم على مدى خمس سنوات، يتوزع بصفة متوازنة بين البرامج الأربعة.
وستعمل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، في مرحلتها الثالثة، على تفعيل خمسة مبادئ للحكامة، تتمثل في ثقافة المشاركة عبر مقاربة تهدف إلى تأطير مجهودات كافة المتدخلين، وحكامة ترابية تهم مختلف المستويات الترابية، والتقائية التدخلات العمومية من أجل تيسير توزيع أمثل للموارد بين الجهات وضمان انسجام جيد بين برامج المبادرة والتدخلات العمومية الأخرى.
كما تشمل هذه المبادئ التعاقد في الإنجاز من خلال عقود البرنامج مع المصالح اللاممركزة للدولة وشركاء المبادرة، وتتبع وقع البرامج وتحقيق الشفافية عبر آليات خاصة والتتبع الصارم والشفاف للبرامج وتقييم مستمر لأثرها.
السنة المنصرمة من عمر تجربة المبادرة الوطنية اتسمت بتحد غير هين، تمثل في تداعيات الأزمة الصحية المرتبطة بتفشي جائحة “كوفيد-19”. وفي هذا الإطار، ركزت تدخلات المبادرة الوطنية على التخفيف من آثار الأزمة الصحية الناجمة عن “كوفيد 19″، من خلال إطلاق العديد من إجراءات الدعم في جميع ربوع المملكة. وهمت هذه الإجراءات على الخصوص التكفل بمصاريف التسيير والتجهيز، وكذا التهيئة لمراكز استقبال الأشخاص في وضعية غير مستقرة.
كما شملت الإجراءات المتخذة خلال هذه الفترة الاستثنائية المرتبطة بالأزمة الصحية، تسيير وتجهيز دور الأمومة، والتركيز على التغذية الجيدة للحوامل وأطفالهن حديثي الولادة الذين يعيشون في المناطق القروية وشبه الحضرية.
وبالنظر للأهمية التي توليها المبادرة الوطنية للنهوض بالرأسمال البشري للأجيال الصاعدة، فقد تم رصد ميزانية إجمالية تقدر ب 45ر1 مليار درهم لإنجاز عدة برامج في مجال التعليم خلال الفترة 2019 – 2020.
ويركز تدخل المبادرة الوطنية على دعم تعميم التعليم الأولي، لدوره الهام في التقليص من الهدر المدرسي، والولوج إلى المدرسة الابتدائية، والتحسن العام في المسار التعليمي. وتبرز معطيات للتنسيقية الوطنية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية أنه تم خلال الفترة 2019 – 2020، افتتاح 1897 وحدة للتعليم الأولي على المستوى الوطني، لفائدة ما يقرب من 45 ألف مستفيد، كما أن 1117 وحدة ما تزال في طور الإنجاز.
واستكمالا لبرامج الاستثمار في الرأسمال البشري للأجيال الصاعدة، يتمحور تدخل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية أيضا حول مكافحة الهدر المدرسي، من خلال تحسين ظروف التعليم للأطفال في وضعية هشة، حيث تم خلال الفترة 2019 – 2020 إعطاء الأولوية لاقتناء حافلات النقل المدرسي لفائدة 25254 تلميذ وتلميذة، وكذا بناء وتهيئة وتجهيز وتسيير دور الطالب والطالبة بمختلف مناطق المملكة.
ومن خلال الاستثمار في النهوض بالرأسمال البشري، وخاصة الأجيال الصاعدة، تعمل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على تطوير نموذجها، عبر مختلف مراحلها، وذلك بغية إنجاح تحديات التنمية المستدامة