أوصى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في مذكرة له حول حرية الجمعيات بالمغرب، تم تقديمها، اليوم الأربعاء، بالرباط، بمراجعة ظهير تأسيس الجمعيات.
فعلى صعيد الإطار القانوني، أوصى المجلس في هذه المذكرة، التي قدمها رئيسه، السيد إدريس اليزمي، خلال ندوة صحفية، حضرها، بالخصوص، أمين عام المجلس، السيد محمد الصبار، ونظمها بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان (عاشر دجنبر)، المشرع بمراجعة الظهير الشريف رقم 1.58.376 المؤرخ في 3 جمادى الأولى 1378 (15 نوفمبر 1958)، الذي يضبط بموجبه حق تأسيس الجمعيات في المنحى الليبرالي لعام 1958، وذلك عبر استبدال العقوبات السالبة للحرية المنصوص عليها في هذا الظهير، كما وقع تغييره وتتميمه، بغرامات.
كما أوصى، في هذا الإطار، بتمكين الأطفال ما بين 15 و18 سنة من الحق في تأسيس جمعياتهم من أجل ضمان تفعيل حق الأطفال في المشاركة، وبمنح الجمعيات الأجنبية وضعا قانونيا مطابقا لذلك الذي ينظم الجمعيات الوطنية في إطار تفعيل المساواة في الحقوق طبقا للدستور ووفقا للسياسة الجديدة للهجرة التي نهجتها المملكة، والتنصيص في المادة 5 على إمكانية إيداع التصريح بتأسيس الجمعيات أو تجديد أجهزتها المسيرة، إلكترونيا، وذلك في إطار إضفاء الطابع اللامادي على الإجراءات المتعلقة بمختلف أعمال الحياة الجمعوية، وكذا بإعفاء التصريحات بتأسيس الجمعيات والتغيير من واجبات التنبر المنصوص عليها في المادة 5 من الظهير الشريف.
وأوصى المجلس أيضا باعتماد وضع قانوني خاص بالمؤسسات وتوضيح خصائصها وكيفية الحصول على هذا الوضع وتمويلها وإدارتها، وبإحداث إطار قانوني نظامي للعمل التطوعي ضمن الجمعيات، بحيث يحدد هذا الإطار حقوق والتزامات المتطوعين والكيفيات التي تتطور وفقا لها هذه الفئة من الفاعلين داخل الجمعيات ومساهمة الدولة في تغطية المخاطر التي يتعرض لها المتطوعون وكيفيات تسديد النفقات التي يتحملونها في نطاق أنشطتهمº وبتعديل المادة 7 من قانون المسطرة الجنائية، وذلك لتمكين جميع الجمعيات المؤسسة بصفة قانونية، وليس فقط الجمعيات المعلن أنها ذات منفعة عامة، من أن تنتصب في حدود مجال اهتمامها المنصوص عليه في قانونها الأساسي طرفا مدنيا في كل دعوى مدنية للتعويض عن الضرر الناتج عن جناية أو جنحة أو مخالفة.
وأوصى كذلك بتعديل المادة 4 من الظهير الشريف رقم 1.02.212 صادر في 22 من جمادى الآخرة 1423 (31 أغسطس 2002) يقضي بإحداث الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري كما تم تغييره و تتميمه، من أجل توسيع حق تقديم الشكايات المتعلقة بخرق أجهزة الاتصال السمعي-البصري للقوانين أو للأنظمة المطبقة على قطاع الاتصال السمعي-البصري لجميع الجمعيات المؤسسة بصفة قانونية وليس فقط الجمعيات المعترف لها بصفة المنفعة العامة.
وفي ما يتعلق بالنصوص الخاصة المنظمة لبعض فئات الجمعيات، أوصى المجلس المشرع بتعديل المادة 23 من القانون رقم 30.09 المتعلق بالتربية البدنية والرياضة من أجل منح اللجنة الأولمبية الوطنية سلطة التحقق من مطابقة النظام الأساسي للجامعات الرياضية لأحكام القانون رقم 30.09، وللنظام الأساسي للاتحادات الدولية وللميثاق الأولمبي، مقترحا في الإطار نفسه، أن تكون قرارات اللجنة الأولمبية الوطنية في هذا المجال قابلة للطعن فيها أمام المحكمة الإدارية بالرباط.
كما أوصى بتعديل المادة 31 من القانون رقم 30.09 أعلاه لمنح المحكمة الابتدائية بالرباط اختصاص البت في طلبات التصريح بحل أجهزة إدارات الجامعات الرياضية في حال عدم امتثال تلك الجامعات لأنظمتها الأساسية أو للنصوص التشريعية أو التنظيمية المطبقة عليها، وبنسخ الفقرة الأولى من المادة 4 من القانون 02.84 الذي ينظم جمعيات مستخدمي المياه المخصصة لأغراض زراعية و الذي يسمح بإمكانية تأسيس هذه الجمعيات بمبادرة من الإدارة، وبتعديل القانون رقم 01.00 المتعلق بتنظيم التعليم العالي لتمكين جمعيات الطلبة بأن تكون ممثلة عن طريق الانتخاب في مجالس الجامعات ومجالس مؤسسات التعليم العالي.
وعلى صعيد التوصيات المتعلقة بصفة المنفعة العامة، جاء في المذكرة أنه، بمراعاة تعزيز الموارد المالية المتاحة للجمعيات ومراجعة الجانب الجبائي وكذا التسهيلات الجمركية الممنوحة لها، من الممكن التفكير في التخلي نهائيا عن الاعتراف بصفة المنفعة العامة للجمعيات، التي لم يعد معمولا به باستثناء فرنسا تقريبا.
وكتدبير انتقالي، يوصي المجلس باعتماد الوضوح في تحديد المعايير المتعلقة بحصول الجمعيات على صفة المنفعة العامة، مبرزا، في هذا الصدد، أن ثمة نقطتين هامتين وجب مراعاتهما بشأن المرسوم رقم 2.04.969، إذ يجب من جهة، توضيح نطاق مفهوم “أن يكون للجمعية هدف له طابع المصلحة العامة” المنصوص عليه في المادة 1 من المرسوم سالف الذكر، ومن جهة أخرى، تأطير السلطة التقديرية الممنوحة لممثلي السلطة التنفيذية، وفقا لما هو منصوص عليه في المادة 6 من المرسوم المذكور، عبر وضع معايير واضحة يمكن الاستناد إليها في ممارسة تلك السلطة التقديرية.
وتجدر الإشارة إلى أن مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول حرية الجمعيات، التي كان قد اعتمدها في دورته السادسة، المنعقدة يوم 28 فبراير 2014، مساهمة منه في النقاش العمومي حول إعمال الضمانات المنصوص عليها في الفصل 29 من الدستور، تتضمن أيضا توصيات ذات طابع تنظيمي، وبدعم قدرات النسيج الجمعوي الوطني، وبالتدابير الخاصة الموجهة لبعض فئات الجمعيات، وأخرى تتعلق بالشراكة بين الدولة والجمعيات، فضلا عن توصيات متنوعة دعا فيها المجلس، في إطار منطق تشجيع التنظيم الذاتي للجمعيات، بوصفه مكونا أساسيا لحرية الجمعيات، الجمعيات إلى ممارسة الحريات الجمعوية وفقا لنص وروح الدستور، ولاسيما الفصل 37 منه، وأن تحترم في عملها معايير الحكامة الجيدة الجمعوية .
وفي معرض تقديمه للمذكرة، قال السيد إدريس اليزمي إن المجلس اعتمد في بلورة المذكرة، التي تتضمن أزيد من 90 توصية، مقتضيات دستور 2011، الذي كرس الحق في تأسيس الجمعيات، وكذا الاتفاقيات الدولية التي وقعتها المملكة، فضلا عن عدد من تقارير لجان الخبراء التي تعنى بحقوق الإنسان، وبالتشاور مع قادة دينامية الرباط ومسؤولي القطاعات الوزارية المكلفة بالداخلية وبالعدل والحريات والمالية والأمانة العامة للحكومة، وكذا مع أعضاء اللجنة المكلفة بالحوار الوطني حول المجتمع المدني وأدواره الدستورية.
وأضاف، استنادا إلى دراسة للمندوبية السامية للتخطيط، أن هناك أكثر من 100 ألف جمعية بالمغرب، وأن هناك نموا نسبيا في تأسيس الجمعيات، بحيث تم السنة الماضية تأسيس حوالي 16 ألف جمعية جديدة.
وأشار إلى أن حوالي 30 في المائة من مجموع هذه الجمعيات ليس لها مقر، وأن حوالي ثلث الجمعيات تشتغل بأقل من خمسة آلاف درهم في السنة، وأن 30 ألف شخص يشتغلون في هذه الجمعيات في غياب تأطير قانوني للعمل التطوعي بالمغرب، مؤكدا أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان تدخل في مناسبات عدة لتمكين عدد من الجمعيات من الحصول على الوصل النهائي بإيداع طلباتها، بما فيها جمعيات المغاربة المقيمين بالخارج.
يذكر أن هذه المذكرة، التي أعدها المجلس في إطار ممارسته لاختصاصاته في مجال النهوض بحماية حقوق الإنسان والنهوض بها، تم توجيهها لرئيس الحكومة في نونبر 2015.