swiss replica watches
بين الترف والعوز تسقط الرحمة – سياسي

بين الترف والعوز تسقط الرحمة

 

فنجان بدون سكر:
بين الترف والعوز تسقط الرحمة
بقلم عبدالهادي بريويك
أين اختفت الطبقة الوسطى في زحمة الوباء؟ أين هي الآن؟

هل سحقت تحت أقدام الرأسمالية الحديثة؟ هل مزقت ببراثن أصحاب النفوذ والمال والأعمال مستحدثي النعمة؟ هل طحنت بأنياب ذئاب الفاسدين مجرمي المال العام وشاربي دم المستضعفين من شعبنا؟
إختفت هذه الطبقة بموت ضمير من خرج من القاع، بفضل العوامل المناسبة له، وراح يعلو القمة ويدوس علينا جميعا، فمن ذاق حلاوة العسل لايمكن أن يعود من جديد للعبث بخلاياه متأثرا بلسعات النحل، الفقر بشع لمن خرج منه لدرجة أنه يقتل نفسه كي لا يعود إليه من جديد.
هذا الشرخ الكبير من طبقات المجتمع والذي أظهرته بشكل واضح جائحة كورونا في الآونة الأخيرة وأذابت الثلج لنصحو على أرقام عدد الفقراء والمعوزين ( لي تحت الدص) من داخل هذا الوطن السعيد، عندما بتنا نلاحظ أشخاصا لكثرة الترف، يختلقون مناسبات ليصنعوا السعادة لأنفسهم، وليبرزوا ذواتهم على حساب جوع الملايين، وأصبح الحمل والولادة عند هؤلاء مناسبة تصدح لها البلاد ويزغرد لها العباد، وأصبح جنس المولود أهم من قضية اغتصاب وطن وتشريد معظم أفراد شعبه وإعدامه فقرا بين الحاجة والخصاص، وبين التمني والتبني، وفي الوقت الذي يفرش البرد أجسادنا، بينما تفرش حرارة الفرح قلوبهم هم، أمام طاولات الطعام الشهية من لحوم وحلويات ومقرمشات وعصائر ومشروبات، وفي بقعة أخرى من الوطن ذاته توجد عائلة محرومة من طفل ولا تستطيع أن تدفع حتى كشف طبيب لتعالج حالة العقم، وعائلة أخرى، تمتلك طفلا أو أكثرها لكنها لا تمتلك فراشا للنوم ولا قوتا لسد رمق الجوع ولاحتى لباسا يستر الجسد ويدفئه من البرد.
ولا ننسى أن في الوقت الذي يقطع فيه طفل في زاوية من زوايا الوطن قلب حلوى عيد ميلاده، بحضور رسمي ومخملي وما طاب من الطعام والشراب والهدايا من كل صنف ولون، وعطور وألعاب، هناك في الزاوية الأخرى طفل لا يملك حذاء فضلا عن لعبة.
نعم، هنا تكمن المفارقة بين من ذاق حلو الطعام ومن نام وريقه مر من مرارة الفقر والحرمان !!!
ربما لايحق لنا المقارنة، لكن يحق لنا السؤال: من أين لكم هذا؟ هل ولدتم في أفواهكم ملاعق من ذهب وفضة، أم ضمائركم أو رثتم ما في جيوبنا، أم أن النوائب قسمت بيننا الأرزاق؟ لتكونوا أنتم تجارها ونحن رعاة ننتظر ما يسقط من بين أصابعكم من فتات نأكلها بحمدِ ظنا منا أنها طعمة من الأرزاق.
فليس كل من صعد القمة بنفوذه وماله هو إبن لعائلة ثرية في الأصل، ولا كل من أشعل شمعة عيد زواجه وميلاده في فندق خمس نجوم، هو إبن وزير أو حاكم بالفطرة، كثيرون من بلغوا العلا صعدوا فوق أكتافنا، أغرقونا ليستقيموا في الأفق، وصنعوا من المال نفوذا وسياجا وأبراجا، ونصبوها في وجوهنا، حتى إننا لم نراه لارتفاع الحائط بيننا ولا هو يرانا لأنه لا يستطيع بسبب ثخانة عنقه أن يرنو للأسفل، وهنا بين السطح والقاع ضاع الوسط ودفن في جملة من المبادئ، فلا يستطيع الصعود للأعلى ولا يمكنه النزول للأسفل، فلاذ بالفرار بقيم بالية، ورويدا رويدا، سينهار جزء منها – للأسف -، ومن ينجو سيدوس كمن داس على رؤوس من تبقى ويتكمش في أطراف ثياب من في الأعلى، وربما يخرج مستقيما أو يبقى كعلاقة المفاتيح على أطراف الملابس تخش فقط دونما نفع، وتبدل كما تبدل الملابس، مع فارق أنها لا تغسل بل ترمى ليشتري مالكها واحدة جديدة بأمواله، وهنا نصحو على خشخشة لعلاقة جديدة.
لنجد أنفسنا أننا من بقايا وطن ولا ندري ما إن كنا ورثة فيه.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*