بعد 100يوم من عمل الحكومة لم يتبقى سوى 1727 يوم .. وأغنية ” يوم ورا يوم ..حبيبي ما جاني نوم”
بعد 100يوم من عمل الحكومة لم يتبقى سوى 1727 يوم ..
وأغنية ” يوم ورا يوم ..حبيبي ما جاني نوم”
بقلم عبدالهادي بريويك
ماتبقى من عمرها سوى 1727 يوما بعد المائة يوم المنقضية آجالها؛ فأية حاجة ستقضيها خلال هذه الفترة المتبقية حكومتنا التي تقدمت ببرنامج حكومي يسيل له اللعاب وتقشعر له الأبدان في تملك تام للعصا السحرية وخاتم سليمان..بعيدا عن مبادرة الإنعاش الوطني التي تعتمدها اليوم في مقاربتها الاجتماعية ومن أجل تبريد الطرح السخون على الفئات الاجتماعية المتضررة جراء تصاعد غلاء المعيشة..
تنزيل النموذج التنموي الجديد لن يعطي مفعوله دون إشراك كافة الأحزاب السياسية الذين ساهموا باقتراحاتهم في إغناء مضامينه وإثراءه بالحلول العملية الكفيلة بالنهوض بمختلف الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والبيئية سواء كانت داخل الأغلبية والمعارضة؛ لأن المشروع كان وما زال جماعيا وفق رؤية ملكية شاملة غايتها ابتكار أساليب جديدة للتطور والارتقاء بحياة المجتمع وبقطاعاته الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة والكبرى إلى مستوى تنمية حقيقية تهدر الحساسيات السياسية وتجعل من المواطن محور تنمية حقيقية في مختلف المجالات وفي كافة مناطق المملكة على قدر من المساواة والعدالة الاجتماعية والمجالية بما يتوافق وروح الدستور الذي ظل مشلولا في إحدى جوانبه القانونية التكميلية.
بعيدا عن التصريح الحكومي بعد أغنية “يوم ورا يوم ..حبيبي ما جاني نوم” ..المشهد الوطني لم يتغير والوقت يهدر من عمر الحكومة، بعيدا عن الإجراءات العملية الرامية إلى القضاء على الفقر بكل مظاهره التي تثقل فئات عريضة من فئات شعبنا وبعيدا كل البعد عن المفهوم الحقيقي للشعار الذي تبنته حكومتنا حول ” الدولة الاجتماعية” التي تقتضي بلورة النموذج التنموي إلى ممارسة على أرض الواقع، وتقتضي أيضا؛ معرفة دولة الرفاه؛ كدولة تهدف إلى ضمان حماية ومصالح المجتمع ككل. وكمفهوم – لا كشعار – مبني على الاعتراف بالمصالح المشروعة والحريات وحقوق الإنسان، التي تعتبر أعلى قيمة مع تفعيل الدور الاجتماعي للدولة والمطالب التي تقدم بها المجتمع فيما يتعلق بالسياسة الاجتماعية.
حينما تصبح الحكومة منشغلة فقط ببعض البروتوكولات الكلاسيكية دون رؤية محكمة حول مفهوم الاقتصاد الوطني وإيجاد حلول عاجلة لآلاف المقاولات الصغيرة والمتوسطة التي تضررت بشكل كبير من آثار جائحة كورنا وسرحت العمال وشردت أسرا وعائلات وعدم إشراكها في إعادة البناء باعتبارها شريكا اقتصاديا واجتماعيا أيضا، وتحفيزها على العودة إلى سوق الشغل وفتح مقاولاتها من جديد وفق رؤية اقتصادية شمولية مستنهضة للهمم ومحفزة تعيد الاعتبار لدور المقاولة، فإن سياسة الإنعاش الوطني لن تجد الحلول الملائمة لآلاف المواطنات والمواطنين الذين يعيشون تحت عتبات الفقر بل وستزيد من تعميق الفوارق الاجتماعية التي حاول النموذج التنوي تفاديها وتجاوزها ومعالجة أعطابها ومحو ألوانها الفقرية الداكنة.
فبعد سحبها لقانون الاثراء الغير المشروع أقدمت الحكومة وبدون تقديم إيضاحات على سحب مشروع قانون رقم 03.19 المتعلق بالاحتلال المؤقت للملك العمومي للدولة، بعد ما أن تم تقديمه في نهاية الولاية السابقة بلجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة بمجلس النواب من طرف السيد وزير التجهيز السابق الذي استطاع إخراج هذا المشروع بعد 12 سنة من المشاورات، لأسباب لا يمكن خندقتها اليوم إلا في الدفاع عن استفحال ظاهرة الريع الذي يحاول المغرب قطع دابره والذي تتحكم فيه لوبيات ممن يستفيدون من هذا الوضع بعد سحب المشروع .
كما إن إقدام الحكومة وبدون تقديم إيضاحات على سحب مشروع القانون رقم 46.20 الذي يقضي بتغيير وتتميم القانون رقم 33.13 المتعلق بالمناجم. الذي جاء كذلك للحد من التلاعبات بالمناجم وإضافة بعض المواد وهو قانون كذلك مهم جدا؛ لابد من الوقوف على مختلف ملامساته، بحيث في هذا الإطار ومنذ تولي الحكومة الحالية زمام أمور الدولة لم تعمل إلا على سحب ترسانة من القوانين التي كانت تعتبر مكسبا للشعب المغربي، عوض الاجتهاد في إغناء المؤسسة التشريعية بما يفيد القوانين التكميلية بما ينسجم وروح الدستور المغربي.
ما بين جهة وجهة مجالية أخرى داخل البلاد نرى الهوة واتساع الفرق في الموارد الطبيعية والإنتاجية، وفي هذا الإطار وتفعيلا للجهوية المتقدمة كان من الضروري أن يعكس البرنامج الحكومي كيفية التغلب على هذه المفارقات من خلال وضع مشاريع وبرامج تنموية تكميلية وخلق نواة صلبة لتحقيق هذه الأهداف وإشراك كل الفاعلين الاقتصاديين والمستثمرين وخبراء وشركاء سياسيين وجمعويين في صناعة البدائل الحقيقية لتنمية جهوية متكاملة تفيد مشروع الدولة الاجتماعية الذي اتخذته الحكومة الحالية شعارا لها.