فتحي يكتب: الاسراء والمعراج معجزة ضرورية يفهمها العقل المؤمن
د خالد فتحي
الاسراء والمعراج معجزة ضرورية يفهمها العقل المؤمن
حاولت أن لا اشتبك مع هؤلاء الذين ينفون المعراج عن النبي صلعم ليقيني التام أن لا فائدة من ذلك ,فانا أعرف أنهم لا ينطلقون من رأي تسهل مجادلتهم فيه، وإنما هم صادرون عن عقيدة يصعب عليهم التخلي عنها مهما اجتهدنا في بسط البراهين لهم .ولكن النقاش تشعب بالأمة العربية ، وصار ذا شجون، فصار لزاما أن ندخل غماره، وان تتناوله من زوايا نعتقد أنها جديدة و أصيلة .
ربما لاينتبه هؤلاء المشككون ان الأمر يتعلق بالنسبة للمسلمين بمعجزة من معجزات الرسول صلعم .اي ان الواقعة تتجاوز منطق العقل لتخاطب حاسة الايمان، ففي الاسراء والمعراج نحن في حضرة المعجزة التي تتهاوى أمامها أبعاد الزمان والمكان، الواقعة تبطل مفهومهم الدارويني للانسان المفارق بطبيعته البشرية للعالم الطبيعي المعانق للعالم الماورائي الميتافيزيقي. الاسراء والمعراج هي حالة من التماس بين العالمين لاتتاح إلا لنبي عظيم . هذا التماس الذي كان عليهم كعلماء أن يلتقطوه لمزيد من تأصيل اامعرفة بهذا الإنسان الذي يدعون الدفاع عنه لو كانوا فعلا يعقلون ، لكنهم يصرون ان يناقشوا الاسراء والمعراج تحت وابل صقيع العلم الجاف البارد المتقلب غير متدثرين بدفئ الإيمان كما لو ان الرسول الكريم صلعم كان شخصا عاديا، لا نبيا مرسلا من قبل مبدع الكون بل و خاتم النبيئين والرسل .
أن العلماء الآن يقولون بأن السفر في الماضي وفي المستقبل أمران ممكنان نظريا على الأقل.
لقد شكل محمد صلعم نهاية اتصال السماء بالارض .ولكنه كان بداية لتحقق معجزات أخرى عن طريق العلم. فالعلماء ورثة الأنبياء
يطبل لفيف التنويريين كل التطبيل للمنجزات العلمية حتى حينما تبدو أقرب للسحر .فهل يقبلون من المخلوق ما يبخلون بقبوله على الخالق ؟ إلى ساء مايحكمون
هذه القدرة على تعويد عقولهم على التفكير في نطاق المعجزة هو مايعوزهم ويدل على فساد منطقهم
اننا لاندري هل يتوهمون أن الله سبحانه وتعالى ونبيه الأمين كان عليهما أن يستشيرا هؤلاء المتنورين في طبيعة المعجزات التي يمكن أن تفحمهم.
لقد تابعت منذ زمن هؤلاء التنوريين واكتشفت أن التنوير بالنسبة لهم هو التشكيك في ما جاءت به الاديان او إنكاره حسب درجة التقبل التي يتوقعونها من المجتمع .
وقد لاحظت كذلك أنهم مع جميع الحريات إلا حرية التدين .بل هم يختصون الاسلام بطعناتهم من دون الاديان جميعها .واليهودية تحولت إلى عرقية اما المسيحية فقد ابتلعتها العلمانية وصارت من ضمن الأشياء التي تقوم بتسليعها الفلسفة المادية.
وحده الاسلام من يقف من الناحية الفكرية سدا منيعا أمام الهجمة على الإنسان التي ينفذها هؤلاء الذين سطوا على مصطلح التنوير وحولوه إلى دين جديد له طقوسه العبثية والمجنونة المنافية للعقل.
ان هؤلاء التنويريين يحررون كل الغرائز إلا غريزة التدين التي يسعون الى تسفيهها وكبحها رغم أنهم يلمسون حاجة الناس الملحة إلى الايمان بخالق قوي قدير لأن هذا الإيمان يقويهم ويلهمهم الصبر على تجرع مآسي هذه الحياة الثانية التي تصبح غير جديرة بالعيش أن لم تكن تليها حياة أخرى باقية.لو كانوا تنويريين حقا لأدمجوا
الهدف البعيد هو خلق حالة من الاحراج في العقيدة الإسلامية فإذا تشبتنا بالاسراء والمعراج عددنا ضمن المتخلفين الخرافيين وإذا انكرنا معهم المعراج ستنبري مع مرور الوقت فئة منهم لتطرح سؤالا آخر .
هل عدم القدرة على الاسراء والمعراج يستقيم مع صفات القدرة لدى الله سبحانه وتعالى .
إذن المرمى الذي يخالونه يخفى على الناس تعريفه تناقضاتهم ويفضحه قصورهم العقلي الذي يزين لهم السير قدما وبكل بلادة وغباء في طريق تطبيق بنود العلمانية الاصولية المتطرفة التي تسعى لفصل المخلوق عن الخالق .
الاسلام دين محكم .
فهو خاتم الرسالات .والاسراء والمعراج تأكيد مابعده تأكيد على البعد الروحاني النوراني في طبيعة الإنسان ، حيث يسعى الرسول الخاتم إلى السماء سدرة المنتهى ليأتي بشعيرة الصلاة
ويلتقي خلال هذه الرحلة بالأنبياء والرسل .كأنه يجمع في رحلة واحدة كل الرسالات السابقة في دين الإسلام ويحصل على التأييد والتفويض والمباركة من الرسل السابقين .
أنها الشرعية الرسالية المنبثقة من لدن الله تعالى التي يصدق عليها انبياؤه ورسله حين يؤم رسولنا الكريم كل الأنبياء.
وإنها لوحدة الدين الالاهي الذي يكتمل في الإسلام كدين وشريعة نهائية جاءت على يد رسول بعث للعالمين .
لولا هذه الرحلة المباركة لما كان الاسلام في نظري خاتم الرسالات والاديان ولماكان الدين عند الله الاسلام .
وبهذا يكون الاسراء والمعراج معجزة ضرورية يتطلبهما العقل .العقل المؤمن بطبيعة الحال.