swiss replica watches
هل الحكومة صائمة عن الإصلاحات السياسية والإجراءات الاجتماعية؟ – سياسي

هل الحكومة صائمة عن الإصلاحات السياسية والإجراءات الاجتماعية؟

بقلم: عبدالهادي بريويك
حكومة تبريرية وليست حكومة تدبيرية
بعدما اشتد الحبل على عنق المواطن واستفحل الغلاء في المعيشة وارتفاع أسعار المحروقات والمواد الغذائية المعيشية، وغياب قطاعات حكومية أساسية عن المشهد الوطني العام وعدم قدرتها على التواصل مع المواطنين لتفسير هذه الموجة من الغلاء وكيفية محاربتها انطلاقا من المشروع المجتمعي الذي حملته حكومة 8 شتنبر الذي تبنت من خلاله نهج سياسة الدولة الاجتماعية كمرحلة تأسيس مشاريع اقتصادية واجتماعية كبيرة ومهمة في إطار البرنامج الحكومي الثلاثي الذي تقدمت به أمام المؤسسة التشريعية، وهو البرنامج الذي يبدو أنه سيموت في مهده من خلال حالة الجفاء التي تطبع حكومة الدولة الاجتماعية الحالية.
فإلى جانب التصريحات الرسمية التي تلتها عدة ندوات وحلقات دراسية ومقالات تغنت بالدولة الاجتماعية في زوبعة إعلامية فارغة..

وما قدمته الحكومة من وعود معسولة ستحول المغرب من واقعه الراهن إلى دولة تضاهي ألمانيا التي تبنت سياسة الدولة الاجتماعية وجعلت من شعبها شعبا راقيا على مختلف المستويات والأصعدة اقتصاديا واجتماعيا، وما وفرته لمواطنيها من ضمانات وآليات وإمكانيات جعلت البنيان في خدمة الإنسان وليس الإنسان في خدمة البنيان كما هو عليه واقع اليوم في المغرب الراهن..دون الشعور بأدنى تغيير يُلمس أو حركية حكومة تذكر.
خلال هذه المرحلة التي نمر منها جميعا والتي كنا نتمنى أن تجد الحكومة خلاصا لمختلف الأزمات التي خلفها وباء كورونا، وما ترتب عن الأزمة العالمية للمحروقات بعد اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، نقف اليوم مذهولين أمام تصريحات حكومية تحمل أزمة اليوم إلى سوء تدبير حكومة الأمس؛ علما أن الحكومة الحالية ساهمت وبشكل مباشر وكبير في تدبير قطاعات حكومية مهمة في الحكومات السابقة وكانت طرفا فيها وفي تفشي بعض المظاهر الغير المسؤولة في تدبير حقائبها الوزارية وبخاصة مخطط المغرب الأخضر الذي عرف انتقادات عديدة لما شابه من نواقص لم يتم استدراكها في أوانها.
إننا أصبحنا اليوم أمام حكومة تبريرية؛ لبداية فشل منتظرة وليس أمام حكومة تدبيرية كما تعهدت بذلك، وأصبحنا أمام تصريحات تعلق الفشل على شماعات التجارب السابقة وكأن تلك العصا السحرية التي ستحول المغرب إلى مغرب الدولة الاجتماعية التي أعلنتها بعد فوزها تماشيا مع روح الدستور قد تبخرت وأظهرت عدم كفاءة قطاعاتنا الحكومية التي أصبحت مشلولة الأداء وتخبط خبط عشواء في تسطير البرامج التنموية القادرة على ملائمة النموذج التنموي الذي تمت المصادقة عليه منذ أشهر ولم ير النور إلى حد كتابة هذه الأسطر، مما يفسر أننا فعلا أمام أزمة جهاز حكومي عاجز عن الجواب وتقديم الحلول الناجعة لمختلف الملفات الاجتماعية والاقتصادية الراهنة التي تعاني منها فئات عريضة من شعبنا الذين اكتووا بنار الغلاء واتساع دائرة الفقر وتفشي مظاهر البطالة وعدم الإقدام على البرامج الجريئة لإنقاذ الوضع الاقتصادي من أزمته القائمة.
وبالتالي كل المثبطات التي وقعت فيها حكومتنا الحالية يتم تحميل مسؤوليتها للحكومات السابقة وكأنها حكومة انتقاد عوض أن تكون حكومة إنقاذ ..
أين يتجلى ربط المسؤولية بالمحاسبة ومتى؟
تُعرّف المسؤولية لغة بأنّها التزام الشخص بما يصدر عنه من قول، أو فعل، كما قُسّمت المسؤولية في المعاجم إلى أنواع، وهي المسؤولية القانونية، والأخلاقية، والاجتماعية، والجماعيّة، أمّا اصطلاحاً فتُعرّف بأنّها قدرة الشخص على تحمّل نتائج أفعاله التي يقوم بها باختياره، مع علمه المسبق بنتائجها، كما أنّها شعور أخلاقي يجعل الإنسان يتحمّل نتائج أفعاله، سواء كانت أفعالاً جيّدة، أم أفعالاً سيّئة،وعليه تعتبر النزاهة والصدق والمساءلة القواعد الأساسية لربط المسؤولية مع المحاسبة مترافقة مع شرط توضيح الأهداف والمسؤوليات والسلطات للقائم بالمسؤولية الذي يجب أن يكون مؤهلًا للقيام بالعمل مع توضيح النتائج المرجوة والمنتظرة التي تستوجب المحاسبة بكل صدق وشفافية، مترافقة مع جودة المعلومات المقدمة ووجود وسائل التواصل الداخلي بين تدرجات الهرم الوظيفي وشرح طرق التقييم المعتمدة، لضمان المساءلة بنزاهة وعدل. والحالة هته، ألا يجدر بنا مسائلة حكومتنا اليوم ومحاسبتها عما قدمته بالملموس طول الفترة الزمنية التي قضتها في ولاية الحكم عن التدابير الاستعجالية لإيقاف نزيف الاستمرار في غلاء المواد الأساسية واستفحال درجات الفقر وطمث وعود حكومية في طريقها نحو التبدد أمام هذا الصمت الغريب الذي يطوق قطاعات الحكومة.

لا رئيس الحكومة يصنع الحدث ولا وزراؤه يستطيعون تحريك هذا الفتور والصمت المطبق..
مما يدعونا إلى إعادة طرح السؤال مجددا على أنفسنا، هل فعلا هذه هي الحكومة التي حظيت بغالبية أصوات الكتلة الناخبة في الثامن من شتنبر؟ الحكومة التي ادعت أنها ستكون في الموعد مع التاريخ الوطني، في جو يعيش فيه العالم تسابقا نحو التطور والارتقاء، وادعت وتعهدت من خلال برنامجها الحكومي أن الإنسان يشكل رحى التقدم والنمو والاستقرار؛ وستتخذ الحكومة ….كما س……..وس…وسس……….إلخ، من معسول الكلام والرحلة في عالم الدولة الأفلاطونية من خلال جملة الإصلاحات التي تبنتها؛ لكنها مازالت حبيسة مداد وقرطاس وملفات..لاهي بالحية ولا هي من عداد الأموات.. وبات هذا الإنسان داخل الرحى التي تسحقه وتبدد ما تبقى من أحلامه وآماله ..بدلا من أن يكون صاحبها..وأصبح كالثعبان الذي يأكل ذيله.
فلا رئيس حكومة على منوال رؤساء بعض الحكومات الأجنبية يخلق لنا الحدث، ولا وزراؤه يستطيعون تحريك هذا الجمود الذي يطبع السياسة الحكومية في تلاقيها مع الشعب والإنصات إليه ومصارحته والتواصل معه، وفي تحويل المشاريع إلى أجرأة وتقدم وتفعيل ونهجها لسياسة الهروب إلى الأمام، والاستجابة لحقوق الشعب الاستعجالية المتمثلة في الشغل والسكن والتعليم والصحة وتجويد حياة المعيشة وملاءمة الأجور مع الأزمات وتثريب حياة الاستقرار والعدالة الاجتماعية وتمتيعه بكل صفات الكرامة.
أول الغيث قطرة:
بعد سحب قانون الإثراء غير المشروع وحل لجنة محاربة الفساد، أقدمت الحكومة المغربية برئاسة عزيز أخنوش على خطوة جديدة، إثر سحبها مشروع قانون متعلق بالاحتلال المؤقت للملك العمومي للدولة من البرلمان.

هذا القانون الذي تعرض للعرقلة على غرار مشروع القانون الجنائي بتواطؤ بين بعض أحزاب الأغلبية السابقة وبعض أحزاب المعارضة السابقة- أيضا – التي تجتمع اليوم تحت سقف حكومة واحدة تحت شعار: “تصفية جميع الآليات القانونية لمحاربة الفساد”.

ولا سيما أن أحزاب الأغلبية في الحكومة الحالية كانت شريكا في الحكومة السابقة وفي جميع مشاريع القوانين التي كان يصادق عليها المجلس الحكومي، كما صادقت وساهمت في وضع برنامجها الحكومي في عهد سعد الدين العثماني، لكن أن يتم الاقتصار على مشاريع قوانين بعينها، خصوصا تلك التي تتعلق بآليات محاربة الفساد وحماية الملك العمومي بالإضافة إلى مشروع قانون المناجم، فهذا يحمل رسالة واحدة؛ وهي أن هذه الحكومة ليست لها إرادة للإصلاح .. خصوصا ومن بين مظاهر استغلال الملك العام بطرق غير شرعية بالمغرب، ظاهرة استغلال الملك البحري التي انتشرت بقوة في السنوات الأخيرة و أثارت جدلا واسعا في المنابر الإعلامية؛ حيث يستفيد العديد من الأشخاص من تراخيص لبناء مساكن شخصية على شواطئ البحر، بفضل تراخيص بالاحتلال المؤقت للملك العمومي البحري والتي تصل مدتها أحيانا الى 99 سنة . وفي ذلك فليتساءل المتسائلون؟ وأين نحن من مواصلة تفعيل مقتضيات الدستور، بكل ما يرمز إليه ذلك في الحياة الوطنية؟
إن الانتقادات الحادة من قبل الكتل المعارضة في مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى للبرلمان)، جراء غياب عدد من وزراء الحكومة عن الجلسات العامة واجتماعات اللجان الدائمة بمجلس النواب، وكذا ضعف تجاوب آخرين مع أسئلة البرلمانيين يجعل من الرسام الكاريكاتوري تبني وتخيل مجموعة من الصور التي تجسد مواقع وزراء الحكومة في الأبراج العاجية بعيدا كل البعد عن المؤسسات التي تجسد أصوات الشعب ومعاناتهم اليومية، وهذا الغياب لدليل أكبر عن استصغار المؤسسات التشريعية وبما تناط بها من ضوابط دستورية.
وتنفخ في جمر تحت الرماد، يُخشى اشتعاله بين لحظة وأخرى، ليضع هذه الحكومة في مواجهة مباشرة مع الشارع، لا سيما مع تصاعد حدة الاحتقان الاجتماعي، وانتشار شرارة الاحتجاجات جراء ارتفاع أسعار العديد من المواد الاستهلاكية والمحروقات.
البروتوكول وهفوة الوسام
إفتقاد رئيس الحكومة لفريق عمل يعتمد على استراتيجية تواصلية فعالة والخروج من الكواليس إلى العلن، بدأت ملامحه تظهر تدريجيا نتيجة اضطرار رئيس الحكومة لمواجهة وسائل الإعلام وأعضاء البرلمان ثم بعد تكليفه من طرف الملك محمد السادس بأول مهمة خارجية له، والتي كانت المشاركة في مؤتمر الشرق الأوسط الأخضر بالمملكة العربية السعودية.
ولم تكن مشكلة “الخريطة المبتورة” أولى انزلاقات رئيس حكومتنا، فالبداية كانت بلقائه مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، حين نسي الرجل أنه رئيس حكومة دولة يمتد تاريخها لأكثر من 12 قرنا قررت التعامل بِنِدِّيَّة حتى مع الدول التي تتفوق عليها اقتصاديا وعسكريا، ليعمد إلى الانحناء أمام الأمير بشكل مبالغ فيه، سبق لأعضاء حزبه أن انتقدوا مشاهد أقل منه حين صدرت عن رئيسي الحكومة السابقين، عبد الإله بن كيران وسعد الدين العثماني.
وبعدها جاءت مشكلة الخارطة المبتورة والتي لم تسبب في غموض حول الموقف السعودي من ملف الصحراء، كون المملكة العربية السعودية عبرت مباشرة قبل ذلك من داخل الأمم المتحدة عن دعمها للمغرب، لكنها تطرح أكثر من علامة استفهام حول رئيس حكومتنا وفريقه، إذ كيف لم ينتبه أي منهم إلى موضوع يهم الوحدة الترابية للمملكة، وإن كانوا قد انتبهوا واختاروا التغاضي، فلماذا قبل رئيس الحكومة بالمضي بعيدا في “اجتهاده الدبلوماسي” ليرتدي على صدره شعارا يمس سيادة بلاده؟
قرارات حكومية أم تضييق على حرية الناس وتعطيل مصالحهم وإهانتهم في أبواب المؤسسات؟
ومع بروز بعض مؤشرات الاحتقان الاجتماعي التي بدأت مع الحركات الرافضة لإجبارية التلقيح، وتحرك فعاليات اجتماعية في العديد من المدن رافضة الضغط الذي مارسته السلطة بإيعاز من قرارات حكومية، للتضييق على حرية الناس في المجال العام، وحتى داخل المرفق العمومي بحجة عدم توفرهم على جواز التلقيح، لكن سرعان ما تراجعت السلطات، واتجهت نحو نهج أسلوب التواصل من أجل الإقناع بأهمية التلقيح في عودة الأنشطة الاقتصادية وعافية النسيج الاقتصادي المغربي، مما يؤكد التسرع الغير المدروس في اتخاذ القرارات دون الاستشارات الشعبية أو من يمثلهم، وهو نوع آخر من أنواع الانزلاقات المجانية في عمر حكومة تبنت سياسة الدولة الاجتماعية في افتقاد كبير لروح وفحوى فلسفة هذه النظرية التي تحترم عمق الإنسان وتنقله إلى مستوى الرفاه وليس إلى تعميق درجات الاحتياج والفقر وتعميق الطبقات الاجتماعية الهشة وإغراقها بمحنة البحث عن لقمة العيش ومواجهة مصاريف الحياة المتصاعدة دون إحساس بقطار تنمية ولا حتى بسماع صفارات إنذار إنطلاقه..كما كان يوم 8 شتنبر حين وعدت فيه حكومة الأغلبية الشعب بركوبه؟؟؟….
المنتصر في حرب المحروقات: بين الضحية والمحامي والقاضي
من الطبيعي جدا أن رئيس الحكومة مواطن ومن جنسية مغربية كسائر كل المغاربة يستشعر غلاء المحروقات أثناء استعماله لوسائل النقل الخاصة بمعزل عن كونه من كبار المستثمرين في هذه المادة التي بها ومن خلالها يتم الحكم على الاقتصاد والمجتمع داخل الوطن..وبذلك يكون مثلنا ضحية، وعليه في نفس الآن أن يكون بحكم الدستور محام ينوب عنا مادامت صناديق الاقتراع هي التي من بوأته، وأن يلعب دور القاضي كي يكون عادلا في القرارات والحكم، أم سيلعب دور المستثمر الذي يتماشى ” رزقه” مع سومة البرميل في كل يوم؟؟فأية دولة اجتماعية عنها يتحدثون؟؟؟؟

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*