لماذا تصمت وزارة الاتصال و فيدرالية الناشرين عن اختلالات دعم الصحافة …. تقرير المجلس الأعلى للحسابات يكشف المستور
أصدر المجلس الأعلى للحسابات تقريرا برسم سنتي 2016 و 2017، لتقييم الدعم المقدم للصحافة، ووقف على عدة اختلالات، شارك فيها ممثلو الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، ووزارة الإتصال، في عهد الوزير مصطفى الخلفي.
وقد فصل التقرير في أشكال الإختلال، التي ضربت في العمق، مبادئ النزاهة والشفافية والإنصاف، غير أن وزارة الإتصال آنذاك، فضلت السكوت عن هذه الفضائح، كما أن رئيس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، نورالدين مفتاح، الذي كان يقوم بكل شيء في ملفات الدعم، لم يكلف نفسه عناء توضيح ما حصل من انتهاكات، للرأي العام، متجاهلا تقريرا صادرا عن سلطة قضائية، هي المجلس الأعلى للحسابات.
ومن بين ما ذكره التقرير، من ملاحظات حول خطورة الإختلالات، أن عقد البرنامج 2014-2019 ينص على إحداث لجنة فرعية تقنية لدراسة الملفات المقدمة من طرف المقاولات الصحفية. وبهذا الخصوص، لاحظ المجلس الاعلى للحسابات عدم احترام الآجال المحددة في عقد البرنامج 2014-2019 لاجتماعات اللجنة التقنية،
إضافة إلى ذلك، لاحظ المجلس غياب قرار تعيين أعضاء اللجنة الفرعية التقنية، كما لاحظ عدم احترام مقتضيات عقد البرنامج الثاني المتعلقة بتركيبة اللجنة الفرعية التقنية التي يجب أن تتشكل من أربعة أعضاء من اللجنة الثنائية على أساس عضوان يمثلان وزارة الاتصال، وعضوان يمثلان الفدرالية. إلا أنه تبين أن اجتماعات هذه اللجنة يحضرها ممثل واحد عن فدرالية الناشرين، وأربعة ممثلين عن وزارة الاتصال. مما يعني أن شخصا واحدا عن الفيدرالية هو الذي كان يقرر في مقادير المال المقدم للصحف، بتواطؤ مع وزارة الإتصال، دون حضور ممثل عن وزارة المالية.
ويسجل المجلس أن ممثل الفيدرالية، كان يمنح لنفسه الدعم، دون احترام آليات لتسوية حالات تضارب المصالح في اللجنة الثنائية، مضيفا أن هدف القانون الداخلي للجنة الثنائية المنصوص عليه في عقد البرنامج 2005-2009 والمصادق عليه في 27 يونيو 2005 هو تحديد شروط عمل اللجنة، وكذا شروط استحقاق الدعم ومسطرة تقديم طلب الحصول على الدعم العمومي من طرف المقاولات الصحفية.
وقد سجل المجلس الاعلى للحسابات أن هذا القانون الداخلي ينص على آليات لتسوية حالات تضارب المصالح الناتجة عن تشكيل اللجنة الثنائية، لكنه لم يحترم، مما أطلق يد ممثل الفيدرالية في المال العام.
كذلك لم يحترم مبدأ المناصفة في اللجنة الثنائية للصحافة حسب القانون الداخلي، حيث من المفترض أن قرارات اللجنة الثنائية، تتخذ بأغلبية الاعضاء الحاضرين.
وعند عدم بلوغ النصاب، يقرر الرئيس إما التأجيل إلى الاجتماع القادم، أو دعوة الاعضاء إلى دورة جديدة في أجل يحدده. إلا أنه لوحظ عدم احترام مبدأ المناصفة بسبب الغياب المتكرر لممثلي السلطات الحكومية ونوابهم في عدة حالات، كما لوحظ هيمنة ممثلي الفدرالية المغربية لناشري الصحف في اجتماعات اللجنة الثنائية. هذا المعطى من شأنه أن يؤثر على مبدأ المناصفة المنصوص عليه في عقدي البرنامج.
أما مسطرة منح الدعم العمومي للصحافة، فهي بدورها إتسمت بالعشوائية وخدمة مصالح معينة، على حساب الإنصاف والنزاهة.
فقد نص عقد البرنامج على إحداث لجان مكلفة بالتقرير في منح الدعم العمومي بناء على مجموعة من المعايير. لكن الواقع شيء آخر، حيث كشف فحص معايير منح الاعانات المنصوص عليها في عقدي البرنامج عن الملاحظات التالية:
× صعوبة في ترتيب المقاولات الصحفية لنيل الدعم العمومي في فئات حسب حجم السحب وكلفة الانتاج والكتلة الاجرية ودورية الصدور. إلا أن هذه الاسس المعتمدة لترتيب المقاولات الصحفية ظلت غير متجانسة.
× معايير غير واضحة بالنسبة للاعانات التكميلية أو الاستثنائية، حيث مكن فحص محاضر اللجنة الثنائية من ملاحظة أن توزيع الدعم العمومي التكميلي تم وفقا للشروط المنصوص عليها في عقد البرنامج 2014-2019 للحصول على رقم اللجنة الثنائية دون الاخذ بعين الاعتبار المعايير المحددة لنيل الدعم التكميلي، والمتمثلة في تقديم مشاريع تتعلق بإدماج التكنولوجيات الجديدة ، وتعزيز قدرات المقاولة الصحفية المؤهلة في التسويق والتوزيع والاشهار، وكذلك مشاريع التكوين والتأهيل.
× عدم مصداقية معيار حجم السحب، إذ يعتبر حجم السحب أحد المعايير المعتمدة في حساب الدعم الممنوح للمقاولات الصحفية، فإن تحديد حجم السحب لكل عنوان صحفي يعتمد على شهادة مسلمة من طرف مكتب التحقق من النشر، إلا أن مقارنة حجم السحب مع عدد النسخ المبيعة يظهر تفاوتا كبيرا بين هذين المعيارين.
× عدم وضوح معيار كلفة الانتاج
كلفة الانتاج المعتمد لحساب الدعم العمومي ليس إلا مجموع كلفة شراء الورق زائد كلفة الطبع، وهو مستخرج من الفواتير المقدمة من طرف المقاولات الصحفية، في حين، حسب الفصل الرابع من عقد البرنامج، تشمل كلفة الانتاج أيضا كلفة النقل والتوزيع، وكلفة تكوين الصحافيين، وجدول الاجور المعتمدة، وعدد المكاتب المفتوحة خارج المقر الاجتماعي، وعدد الصحافيين العاملين.
وبالاضافة إلى ذلك، فقد لوحظ أن المقاولات الصحفية التي تصدر أكثر من عنوان واحد، ورغم أن بعض عناوينها غير معنية بالدعم العمومي، تدمج في كلفة الطبع المصرح بها مجموع التكاليف الثابتة
× احتمال تقليص المستفيدين من دعم الصحافة المكتوبة، إذ كشفت عملية المطابقة بين العناوين الصحفية المستفيدة من الدعم والمقالات الصحفية الناشرة أن بعض المقاولات تراكم الدعم حسب عدد العناوين الصحفية. ففي سنة 2015 ،بلغت حصة الدعم الممنوحة أربع شركات ما مجموعه 57,13 مليون درهم، أي 22 % من مجموع الدعم المباشر. ويكشف هذا المعطى عن احتمال تقلص عدد المستفيدين من إعانات الدولة، علما أن قطاع الصحافة يضم أكثر من 488 عنوانا صحفيا وأكثر من 250 موقعا الكترونيا.