شكل موضوع “الأمازيغية أساس قيم التنوع المناهضة للتطرف” محور الدورة الثامنة للجامعة الشعبية، التي افتتحت اليوم السبت بمدينة سلا، والتي ينظمها حزب الحركة الشعبية.
وذكرت اللجنة المنظمة لهذه الجامعة أن هذه الأخيرة تندرج في إطار “مواكبة المسلسل الديمقراطي الذي يشهده المغرب، وكذا إبراز البعد القيمي للأمازيغية الذي يحارب الإرهاب والتطرف”.
وفي كلمته خلال هذا اللقاء، الذي حضرته فعاليات سياسية وجمعوية وثقافية من المغرب والخارج، قال محمد أوزين، منسق الجامعة الشعبية، إن اختيار تناول هذا الموضوع “لم يكن اعتباطيا، بل فرضته الظروف الخاصة التي يعيشها العالم في سياق متسم بالعنف وبالإرهاب”، مشيرا إلى أن الثقافة الأمازيغية اضطلعت بدور العنصر الناظم بين مختلف عناصر الشخصية الوطنية، وذلك باعتبارها رمز الأصالة والعراقة التاريخية”.
وأضاف أن الثقافة الأمازيغية تضطلع، كذلك، بدور أساسي في جعل المغرب يحافظ على استقراره وسط تهديدات الإرهاب الدولي وانتشار نزعات التطرف والغلو، وذلك لما تحمله من قيم التسامح واحترام الآخر، الضاربة بجذورها في عمق التقاليد والعادات الأمازيغية، والتي تجسدت، بشكل واضح، في مظاهر الديمقراطية المحلية، والقوانين العرفية، وتقاليد التدين السمح، والوسطي المعتدل.
في السياق ذاته، ذكر المتحدث نفسه بالمسلسل الذي عرفه المغرب المعاصر بعد مأسسة الأمازيغية والنهوض بها منذ الخطاب الملكي السامي بأجدير سنة 2001، “مما مكنها من الإسهام في إنجاح الانتقال السلمي نحو الديمقراطية في بلادنا، وتقوية اللحمة الوطنية، وخلق إجماع وطني ضد كل الإيديولوجيات الإقصائية والعنيفة، التي تخالف التدين المغربي الذي يتميز بملائمته للنصوص الدينية مع حاجات المجتمع المتجددة”.
واعتبر منسق الجامعة الشعبية أن هذا التوجه، الذي أطر الحياة الثقافية المغربية وعمل على مدø الجسور بين النخب، قد دعمه دائما بشكل عميق حوار وطني لم يتوقف قط منذ عقود، ما جعله يؤدي إلى نتائج هامة يتعين ترصيدها والحفاظ عليها بوصفها مكتسبات ثمينة، ومنها إشاعة الوعي بموضوع الهوية عبر الدفاع عن مبدأ التعدد والاختلاف والتنوع الثقافي واحترام الآخر، وتعميق الشعور بالانتماء إلى كل المكونات الثقافية التي هي متساوية في قيمتها الإنسانية.
من جانبه، أكد الأمين العام للحركة الشعبية، السيد محند العنصر، في كلمته بالمناسبة، أن قيم التسامح والتعايش التي يتميز بها المغرب جعلت منه أرضا للتلاقي بين أبناء الديانات السماوية الثلاث، داعيا إلى ترسيخ هذه القيم من أجل مناهضة التطرف.
وأضاف أن تنظيم حزب الحركة الشعبية للنسخة الثامنة للجامعة الأمازيغية هو تعبير على أن المسألة الأمازيغية هي قضية وطنية وليست قضية حزب أو فئة معينة، وأنه “بعد الخطاب الملكي في أجدير، وترسيم اللغة الأمازيغية في الدستور، أصبح لزاما أن يشارك الجميع في تنزيل هذه المقتضيات الدستورية”.
وفي هذا الصدد، دعا متدخلون خلال هذا اللقاء إلى التسريع في تنزيل القوانين التنظيمية المرتبطة بالأمازيغية التي جاء بها دستور 2011، مبرزين أن ذلك سيسهم، في النهوض بالأمازيغية كمكون أساسي في الثقافة المغربية.
ويتضمن برنامج هذه الدورة مناقشة عدة محاور تتناول “قيم العدالة في القوانين الوضعية الأمازيغية – العرف”، و”خطاب الحركة الأمازيغية والمشروع الاندماجي”، و”الإسلام الوسطي الأمازيغي”، و”تلاقي اللغات في المغرب .. صراع لغوي أم تماسك اجتماعي ¿”، و”مغرب ما قبل التاريخ والإسلام .. هوية متعددة وتنوع ديني وإثني”.
ومن المرتقب أن يتوج هذا اللقاء الأكاديمي بإصدار توصيات لها صلة بالموضوع المطروح للنقاش.