النعم ميارة: تحقيق رفاه الشباب الافريقي، لا يمكن أن يتحقق من دون “أجندة قارية متكاملة” تمكننا من تحويل التحديات التنموية الحالية الى فرص حقيقية
قال النعم ميارة، رئيس مجلس المستشارين في افتتاح حوار البرلمان الافريقي للشباب، ان” رفاه الشباب الافريقي، لا يمكن أن يتحقق من دون “أجندة قارية متكاملة” تمكننا من تحويل التحديات التنموية الحالية الى فرص حقيقية، فالعالم يعرف تغيرات متسارعة تحتم علينا أكثر من أي وقت مضى أن نكثف الجهود لنكون عند مستوى تحولات “النظام العالمي الجديد”. ونمتلك من الفرص والمؤهلات ما يكفي لانبثاق إطار تنموي قاري جديد يضمن تحولات اقتصادية قارية عادلة ومنصفة.”
واضاف ميارة و” هنا نستحضر ثلاث أوراش هيكلية، يجب علينا التفكير في سبل جعلها مفاتيح استراتيجية لنهضة القارة وشبابها:
– أولا: اعتماد القارة لاتفاقية “منطقة التبادل الحر الافريقية”(ZLECAF) ، وهي توجه سيمكن مقاولاتنا من سوق قارية مشتركة يصل حجمها لأزيد من 1.3 مليار مستهلك، وهو ما من شأنه تحريك عجلة التنمية وتوفير الفرص للشباب، خاصة وأن هذا الورش قد يمكن من إحداث عدد كبير من مناصب الشغل لفائدة الشباب وانقاذ 30 مليون مواطن افريقي من الفقر المدقع وتحسين دخل 68 مليون شخص، مع زيادة الثروة القارية ب 450 مليار دولار.
– ثانيا: دخول العالم لمرحلة الثورة الصناعية الرابعة، وهي فرصة مثالية للاستفادة من القدرات الكبيرة لشبابنا على الابداع والابتكار وتعزيز خلق الثروة والفرص عبر المقاولات الناشئة المبتكرة، خصوصا في مجالات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية وإنترنت الأشياء وصناعة الرقاقات الالكترونية وأشباه الموصلات الضرورية للتكنولوجيات الدقيقة.
– ثالثا: انبثاق سلاسل قيمة جهوية جديدة، ستعوض بشكل تدريجي سلسلة القيمة العالمية لمرحلة ما قبل كوفيد 19، وهو ما يحتم علينا العمل بشكل سريع على تعزيز الربط اللوجيستي بين بلداننا على المستويات البحرية والجوية لتسهيل تبادل السلع وتعزيز تدفقات التجارة البينية، بجانب تعزيز التمويلات الخاصة بدعم التوطين المشترك(colocalisation) للأنشطة الخالقة للقيمة المضافة والفرص الشغل لشبابنا.
وهذه الأوراش تعتبر فرصا تاريخية غير مسبوقة لضمان تحول تنموي مستدام وتقليص الفجوة التنموية مع دول الشمال، وهنا ينبغي علينا جميعا كبرلمانيين العمل على إبداع أساليب تنفيذ مبتكرة مبنية على النجاعة والجودة والأثر المباشر على المواطنات والمواطنين الأفارقة.”
وأكد ميارة ” إن اغتنام الفرص التي تم تقديمها لا يضاهيه إلا ضرورة تعبئة الجهود والموارد لتقوية السيادة والأمن الغذائي بقارتنا، بجانب العمل على بناء أسلوب قاري جديد لتعزيز السيادة الصحية والطاقية كمداخل أساسية للأمن الاستراتيجي. وهنا، أود التنويه باختيار الاتحاد الافريقي لموضوع “تعزيز القدرة على الصمود في مجال التغذية والأمن الغذائي في القارة الافريقية” كشعار موضوعاتي لسنة 2022، ونود كذلك الاشادة بالبرلمان الافريقي لاعتماده روح الموضوع السنوي للاتحاد الافريقي في دوراته التشريعية وعمل لجانه وكعنوان لأشغال حوار البرلمان الافريقي للشباب.
وموضوع الأمن الغذائي يشكل اليوم التحدي الأبرز المطروح على الأجندة القارية، خاصة في سياق توالي الأزمات الوبائية، والتوترات الجيو-استراتيجية في عدد من مناطق العالم، وتحديات التغيرات المناخية التي دخلت لمراحل غير مسبوقة، وهي إكراهات وتحديات ، تجعل من رهان ضمان الأمن الغذائي كدعامة للأمن الاستراتيجي الشامل من أقوى الإشكالات التي تسائل الفاعل السياسي القاري، كما تدعو باستعجال إلى إطلاق مبادرات للتفكير الاستراتيجي بغية التأسيس لنظام غذائي قاري جديد، يوفر الأمن الغذائي لمختلف شعوبنا بشكل عادل ومنصف، وبرؤية استراتيجية تؤسس للنمو المستدام، وتواجه شبح المجاعة بروح تضامنية.
وفي هذا الإطار، نذكر بالخطاب السامي لجلالة الملك محمد السادس نصره الله الموجه لقمة الدول ورؤساء الحكومات حول موضوع الجفاف والتدبير المستدامة للأراضي التي انعقدت بأبيدجان يوم 9 مايو 2022 حيث جاء في الخطاب الملكي: ” وبالتالي أصبح الأمن الغذائي والأمن الإنساني، والأمن بوجه عام، إلى جانب الأمن البيئي، موضوعا على المحك، فكل أرض تهجرها الحياة يستوطنها انعدام الأمن، وكما نرى اليوم، فالمناطق المعروفة بتدهور ظروفها البيئية بشكل بالغ، هي في الغالب المناطق نفسها التي تندلع فيها الصراعات والنزاعات، ويضطر السكان فيها للنزوح والهجرة ” انتهى منطوق جلالة الملك.”
وقال ميارة “لذلك فنحن مدعوون لإطلاق جيل جديد من المبادرات البرلمانية القارية، لمواكبة طموح القضاء على الجوع وضمان السيادة والأمن الغذائي القاري، من خلال اعتماد تشريعات مبتكرة والتدبير الناجع للمخزون الاستراتيجي الوطني والمشترك. كما ندعو الى التفكير في إحداث “”آلية برلمانية قارية للسيادة الغذائية” على مستوى البرلمان الافريقي، تشكل منصة مؤسساتية لمواكبة الأوراش القارية في مجال الأمن الغذائي ودعم المبادرات القارية للإنتاج الغذائي وتوفير الأسمدة والتكنولوجيات اللازمة لتحقيق الانتاج الكافي للغذاء، كما ستمكن هذه الآلية من اقتراح محددات الاستدامة وضمان انبثاق “أمن غذائي مستدام” تستفيد منه كل الأجيال المستقبلية للقارة، في انسجام مع توجهات أهداف التنمية المستدامة 2030 أجندة الاتحاد الافريقي2063.”